«ربى إنى نذرت لك نفسى وكفاحى فتقبل منى. إنك أنت السميع العليم»، «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون»، بالعبارة الأولى اختتم مبارك أول خطاب رسمى له كرئيس لمصر بعد أدائه اليمين الدستورية أمام مجلس الشعب فى 14 أكتوبر عام 1981، وبالثانية اختتم مرسى خطابه الرسمى الأول عقب أدائه نفس اليمين بالمحكمة الدستورية العليا أمام أعضاء المحكمة فى 30 يونيو 2012، وما قبل العبارتين امتد الخطاب الأول لكليهما حاملاً رسائل للشعب ممزوجة بوعود وأمنيات، مع رسائل أخرى تعترف بالجميل لأطراف مختلفة ساهمت فى اعتلائهما كرسى الرئاسة فى ظرفين مختلفين. جاء خطاب مبارك فى مجلس الشعب عقب ظهور نتيجة الاستفتاء على توليه منصب رئيس الجمهورية خلفاً للسادات الذى اغتيل فى السادس من أكتوبر من العام نفسه أثناء حضوره العرض العسكرى الذى أقيم احتفالاً بانتصارات أكتوبر فيما عرف ب«حادث المنصة»، وطبقاً لدستور 71 تولى الدكتور صوفى أبوطالب رئيس مجلس الشعب وقتذاك رئاسة الجمهورية بصفة مؤقتة لحين إجراء الاستفتاء على اسم نائب رئيس الجمهورية، وهو المنصب الذى كان مبارك يشغله لأكثر من خمسة أعوام، وجاءت نتيجة الاستفتاء لتؤكد حصول مبارك على نسبة 98.46%، وهى النسبة التى مهدت له الطريق لمجلس الشعب حيث أدى اليمن وألقى خطابه الأول. أما مرسى فقد خطب رسمياً للمرة الأولى كرئيس للجمهورية عقب إعلان ظهور نتيجة انتخابات جرت على أربع مراحل تنافس خلالها 13 مرشحا للرئاسة، فى أول انتخابات تجرى بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، تلك الثورة التى أطاحت بمبارك ونظامه ودستوره لتستقر الأمور فى النهاية فى يد مجلس عسكرى يرأسه وزير دفاع مبارك وعدد من قيادات القوات المسلحة، ظهرت نتيجة الانتخابات ليحصل مرسى على نسبة 51.73% من جملة الأصوات التى شاركت فى جولة الإعادة بينه وبين الفريق أحمد شفيق المرشح المنافس، ليصبح مرسى بذلك أول رئيس مدنى لجمهورية مصر العربية منذ قيام ثورة يوليو حتى الآن، ويحلف بذلك اليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا، ثم يغادرها إلى جامعة القاهرة حيث ألقى خطابه الرسمى الأول. ورغم أكثر من ثلاثين عاما فصلت بين خطابى الرئيسين فإن أوجه التشابه بين الخطابين لا يمكن إغفالها، فمبارك تحدث فى خطابه الأول عن السادات معترفاً بفضله وجميله عليه، وكذلك تحدث مرسى عن المجلس العسكرى ودوره فى الوصول به لكرسى الرئاسة، وكما تحدث مرسى عن قيمة العمل والإنتاج، شدد مبارك عليها لافتاً إلى «ضرورة الارتفاع فوق الخلافات، ودفن الأحقاد والضغائن»، وكذلك «ضرورة تعليم الأبناء والأحفاد أن العمل العام ليس مغانم تكتسب أو منافع تختلس، وإنما هو عطاء وبذل وفداء»، مشيراً إلى أن «مصر ليست مدينة لأحد، وإننا جميعاً مدينون لمصر»، وهو المعنى نفسه الذى عبر عنه مرسى عندما قال فى خطابه إن الدستور الجديد سوف يأتى لينقل مصر إلى مصاف الدول الحديثة التى يكون فيها الحاكم أجيراً عند الأمة، وخادماً للشعب». وفى حين ذكر مبارك فى خطابه الأول السلطان قابوس والرئيس جعفر النميرى شاكراً لهما مشاركتهما فى واجب تقديم العزاء فى الرئيس السادات، فإن مرسى لم يذكر أسماء أى رئيس لأى دولة فى خطابه الأول، وإن كان تحدث عن حقوق الشعب الفلسطينى، وحقه فى حكم نفسه بنفسه، وهو الشىء نفسه الذى فعله مبارك عندما استفاض فى الحديث عن حق الفلسطينيين فى تقرير مصيرهم، وفى الوقت الذى تكلم فيه مرسى عن عدم السماح لأى دولة بالتدخل فى شئون مصر، فى إشارة إلى دور الولاياتالمتحدةالأمريكية، فإن مبارك تحدث صراحة عن دور الرئيس الأمريكى ريجان فى الدفع بعملية السلام التى كانت لا تزال فى بدايتها. وعود للشعب المصرى بالرخاء والحياة الكريمة فى الأيام المقبلة حملها كلا الخطابين، حيث وعد مبارك ب«تحقيق الرخاء» و«زيادة فى الدخل» و«رفع مستوى المعيشة لجميع المواطنين» و«إتاحة الفرص المتكافئة»، مع استكمال سياسة الانفتاح الاقتصادى التى كان السادات قد بدأها، وهى وعود تشبه إلى حد كبير ما أطلقه مرسى فى خطابه، حين قال إنه سيعمل على تشجيع الاستثمار، واستعادة السياحة لدورها بما يعود بالخير، وسيرسم مستقبلاً زاخراً لأبنائنا وأحفادنا مسلمين ومسيحيين لتعود مصر عزيزة قوية ولتستكمل أهداف ثورتها ونحقق معاً الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.