يومان يظلان محفورين فى ذاكرة حسنى مبارك حتى آخر ثانية فى عمره هما يوم الأربعاء الموافق 14 أكتوبر عام 1981 الذى أدى فيه اليمين الدستورية أمام مجلس الشعب رئيساً لمصر خلفاً لأنور السادات الذى اغتيل فى حادث المنصة يوم 6 أكتوبر من نفس الشهر، واليوم الثانى هو يوم 30 يونيو الذى أدى فيه الدكتور محمد مرسى اليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا خلفاً لمبارك. هناك فرق بين التاريخين حوالى 31 عاماً، واختلاف بين المناسبتين هو أن مبارك جاء باستفتاء شعبى شكلى بعد اغتيال السادات، ومرسى جاء بأول انتخابات حقيقية تشهدها مصر بعد ثورة 25 يناير التى أسقطت مبارك ونظامه الفاسد. والاختلاف الثالث هو أن الرئيس السادات فى ذمة الله، ومبارك يقضى عقوبة المؤبد بتهمة قتل المتظاهرين فى أحداث ثورة 25 يناير. عندما وقف مبارك أمام مجلس الشعب عام 81 ليؤدى القسم كان حزيناً على فراق السادات، وقال فى خطابه الأول: «مهما أطلت فى التعبير عما يعتمل فى قلبى من الحزن والأسى، فإننى عاجز عن التعبير عن أحزانى وآلامى فى فقد قائدى وزعيمى وأبى وأخى أنور السادات.. لا أحد يستطيع حالياً وصف مشاعر «مبارك» بعد أداء «مرسى» اليمين الدستورية رئيساً لمصر فى الجمهورية الثانية، تردد أنه جرت محاولات لإخفاء هذا الخبر عن مبارك، وتم عزله عن وسائل الإعلام حتى لا تسوء حالته النفسية، عندما يشاهد مرسى يؤدى القسم. الحالة الصحية لمبارك لا أحد يعرفها على وجه الدقة، المعلومات المتوافرة تختلف ما بين انهيار حاد فى صحته إلى درجة الاستعداد للإعلان عن وفاته، وما بين الاستقرار التام، الأعمار بيد الله، لكن مبارك الذى يرقد فى مستشفى المعادى العسكرى الذى يفصله شارع ضيق عن المحكمة الدستورية العليا التى أدى أمامها «مرسى» اليمين الدستورية لا تتحمل صحته سماع خبر مثل هذا، خاصة أن يكون الرئيس الذى يأتى بعده من جماعة الإخوان المسلمين. مبارك كان يريد أن يخلد فى الحكم، رئيساً مدى الحياة، أو أن يرثه نجله من بعده، جماعة الإخوان كانوا مضطهدين ومطاردين من نظام مبارك، كان يعاقبهم على التردد على المساجد، خاصة أصحاب اللحى، فما بال مبارك واللحية تدخل قصر الرئاسة، زوجة الرئيس الجديد تجلس فى شرفة التشريفات وزوجة مبارك تختفى عن الأنظار، مبارك فى السجن ومرسى يؤدى القسم، مبارك خان القسم، وخان الخطاب الأول الذى ألقاه أمام نواب الشعب قال: يوم 14 أكتوبر عام 81 «تعالوا نعلم الأجيال الصاعدة من أبنائنا وأحفادنا أن العمل العام ليس مغانم تقتسم أو منافع تختلس، وإنما هو عطاء وبذل وفداء، وأن يتذكر كل فرد منا أن مصر ليست مدينة لأحد، وإننا جميعاً مدينون لمصر، وهنا نغرس فى نفوس شبابنا معنى الولاء للوطن، والانتماء للأمة، بحيث يثبت كل مصرى، بمسلكه وتصرفاته لا بالقول وحده، انه ينتمى لبلده، ويعبر عن أخلاقياته وتقاليده وقيمه، ويتساءل دائماً عما يمكن أن يقدمه لمصر، وليس عما يستطيع أن يأخذ منها، فيكد لكى تسعد، ويموت لكى تحيا، ويحارب لكى تأمن، ويناضل لكى تسلم، ويعرق، وهو يزرع فيها الحب والرخاء والحضارة، ويجود بأنفاسه الأخيرة وأن نسعى الى الجدية والطهارة، وعدم التضليل والاستخفاف بعقول الجماهير، ولا تناقض بين القول والعمل، ولا نفاق، ولا رياء، ولا فساد، ولا اتجار بقوت الشعب»، «أترك الحكم للقارئ على كلام مبارك فى خطاب أداء القسم أمام البرلمان». هناك اتهامات جديدة يتم التحقيق فيها ضد مبارك وهى استيلاؤه على التبرعات التى تلقتها مصر لصالح ضحايا زلزال عام 92، الذى قتل وشرد مئات المواطنين المصريين، وسمعنا فى هذا الوقت عن البطاطين التى استبدلت والأموال التى اختفت،وردد المصريون النكت عن هذا النهب حيث لا يفقد المصريون الابتسامة فى أحلك الظروف، وكان تويتر والفيس بوك غير متاحين فى هذه الفترة وكانت النكتة: أن أحد الملوك أرسل مبالغ ضخمة تبرعات للمصريين المنكوبين فى حادث الزلزال وطلب من مبارك أن يعاهده بأن يوزعها بالتساوى بين المنكوبين، فقام مبارك بالحصول لنفسه على نصف المبلغ، وطلب من رئيس الوزراء توزيع باقى المبلغ على المنكوبين، فاحتفظ رئيس الوزراء بنصف المبلغ، وسلم الباقى لوزير المالية لتوزيعه على المنكوبين، فاستولى وزير المالية على نصف المبلغ، وسلم الباقى لوكلاء الوزارة لتوزيعه على المنكوبين، فاستولى وكلاء الوزارة على ما تبقى من التبرعات، وأرسلوا خطابات الى منكوبى الزلزال باسم مبارك يقول لهم فيها البقية فى حياتكم، مبارك يستحق خاتمته والعبرة بالخواتيم!