زيارة يعتبرها البعض شائكة، ويعتبرها البعض الآخر توطيدًا للعلاقة بين فرعي الإخوان في البلدين نظرا لحالة الاحتقان التي ظهرت بين الجانبين في الأيام الأخيرة بعد أحداث رفح الإرهابية والتي راح ضحيتها الجنود الأبرياء. فهل زيارة مسؤول الجناح العسكري بحركة حماس لمصر ومقابلته لمرشد الإخوان زيارة عادية أم أنها تلقى على مصر تبعات في غنى عنها الآن؟ الدكتور سعيد عكاشة خبير بمركز الدراسات السياسية للأهرام يرى أنها زيارة طبيعية ومتوقعة خاصة بعد صعود جماعة الإخوان المسلمين للرئاسة فالحركتين لهما نفس الفكر ونفس النهج وينتمون إلى التنظيم الإخواني الدولي ذو الأهداف والمبادئ الموحدة فبالتالي كان من المتوقع حضور هذا الوفد إبان العهد السابق إلا أن مبادئ النظام السابق كانت تحول ذلك. وأضاف عكاشة أن تلك الزيارة تحرج الرئيس مرسي وتضعه في مأزق خاصة وان كافة الأنظار تتجه إليه حيث كانت الزيارة مباشرة لمكتب الإرشاد عقب زيارته للرئيس وكأن الأوامر صدرت بذلك. ومع التكهنات حول هدف تلك الزيارة خاصة وإنها شملت الداخلية والمخابرات والرئيس مرسي ومكتب الإرشاد بعينه دون أي اهتمام بأحزاب أو تيارات أخرى أمر معلوم وهو توثيق العلاقات بين الجماعتين باعتبارهما وجهين لعملة واحدة فضلا عن تقديم دليل لمكتب الإرشاد بأن حماس بريئة من دماء الجنود المصريين اللذين لقوا حتفهم على الحدود المصرية. وأشار عكاشة أن الزيارة كان هدفها وفق تصوري المحافظة على حلقات الاتصال المعنوية التي أصابها الاحتقان في الفترة الأخيرة، إلى جانب الهدف الرئيسي وهو ضمان فتح المعابر، وقنوات الاتصال الحدودية بين مصر وفلسطين. وأضاف عكاشة بأن من الأفضل أن تكون الزيارة رسمية أكثر منها خاصة لبعض الأشخاص حيث أرى أن حماس ليس لها يد فيما حدث على الحدود المصرية وما حدث مؤخرا مجرد مبالغة مفرطة من قبل المجلس العسكري، بشكل خاص، والإعلام بشكل عام فتلك الزيارة بهذا الشكل تضع مصر في وضع حرج على المستويين الإقليمي والدولي لأن في ذلك إنكار للفصائل الأخرى حيث أن الإخوان وجودهم وإعمالهم غير شرعي ومع ذلك يمارسون حقوقهم وكأن لديهم الترخيص بذلك مما يجعل الزيارة مصدر شك للجمع. في حين قال الدكتور إبراهيم البحراوي أستاذ الأدب العبري المعاصر بجامعة عين شمس أن تلك الزيارة عبارة عن توثيق للتعاون الأمني بين الأجهزة المصرية والفلسطينية وذلك من اجل كشف الجناة في أحداث رفح الأخيرة عن طريق تقديم أدلة التحقيقات الفلسطينية التي تثبت ذلك للإدارة المصرية. وأضاف البحراوي أنه لا يرى في تلك الزيارة أي من أشكال توريط مصر على كافة المستويات خاصة وان الزيارة اقتصرت على فصيل الإخوان المسلمين نموذج هذا الفصيل الفلسطيني حماس. في حين رفض كل من دكتور احمد محمد عبد الرحمن والأستاذ محمد إبراهيم محمد والأستاذة كاميليا حلمي أعضاء الهيئة العليا بحزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين التعليق على الأمر واكتفوا بأن هذا الأمر لا يمكن الخوض فيه بأي شكل من الإشكال. بينما انتقد الدكتور عبد الخبير عطا أستاذ العلوم السياسية الأصوات الذائعة بأن تلك الزيارة من اجل الدعم الإخواني لحركة حماس خاصة وأنهم يتبعون التنظيم الإخواني الدولي، موضحا أن مصر بعد الثورة تعيد بناء كيانها الداخلي والإقليمي والدولي وبالتالي أمر طبيعي أن تأتي تلك الزيارات فمصر الجديدة تعمل لإعادة هيكلة وتوثيق العلاقات مع الدول الأخرى كإثيوبيا وإيران، وهذا ما حدث مع الجناح العسكري لحركة حماس. وأضاف ماذا لو حدث تعاون امني بين مصر وحماس فهذا لمصلحة الأمن القومي مستشهدا بدول ألمانيا وايطاليا وفرنسا والتي عملت لإزالة الاحتقان والخلافات بينهما وتعاونوا من أجل النهوض، من الطبيعي أن تأتي تلك الزيارة خاصة للعمليات المشتركة بين الجانبين في سيناء حتى لا تغرق مصر في نزيف من الوقيعة مثلما حدث في أفغانستان والجزائر وغيرهما. ورفض عطا أي محاولة للتشكيك في زيارة مسؤول بحماس لجماعة الإخوان فمن الطبيعي أن تأتي تلك الزيارة مع صعود التيار الإسلامي في مصر، حيث تضع جماعة الإخوان ضمن أولوياتها تحسين علاقاتها الخارجية، وهذا أمر محتم حتى لا تغرق مصر في وقيعة أخرى مثلما حدث سابقا في 1967 م ومحاولة القضاء على جمال عبد الناصر، إبان حرب اليمن، التي أجهضت وأنهكت الجيش حيث أدت هذه الحرب للكيان الصهيوني بتحقيق أهدافه بناءً على مخطط ممنهج وضعه الموساد الإسرائيلي سابقا، وهو مخطط يتم التخطيط له حاليا على المدى البعيد. يذكر أن وفد من حركة المقاومة الإسلامية حماس زار مصر مؤخرا وانضبت الزيارة على مكتب الإرشاد للقاء قيادات الجماعة، وعلى رأسها الدكتور محمد بديع، مرشد الإخوان. ضم الوفد كلًا من الدكتور موسي أبو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، بالإضافة إلى وزير الصحة الفلسطينى باسم نعيم، وأحمد الجعبري، القيادي بكتائب "عز الدين القسام"، الجناح العسكري للحركة، وأكد أحد قيادات الجماعة، الذي رفض ذكر اسمه، أن الزيارة تأتي في إطار التباحث مع جماعة الإخوان حول الأحداث الأخيرة التي شهدتها مدينة رفح الحدودية، في رغبة قوية من حركة حماس للتأكيد على أنها ليست لها علاقة بالتفجيرات، وأن الحكومة الفلسطينة تتضامن مع الشعب المصري فيما حدث.