في بلاغنا المقدم إلي معالي النائب العام والذى تحقق فيه النيابة العامة – حالياً – والذى يحمل رقم 3 لسنة 2012 حصر تحقيق نيابة إستئناف القاهرة قلنا نصاً ما يلى :- " ولنا أن نبدى الأسف والإمتعاض من إقدام السيد/ عمرو موسي علي تقديم نفسه مرشحاً محتملاً لرئاسة مصر، وكأنه بذلك يخرج لسانه لهذا الشعب الذى يراه " موسى " جاهلاً لا يقرأ التاريخ ولا يفهم الجغرافيا ولا يعلم شيئاً عن أمنه القومي وأبعاده الإستراتيجية. وكأنه أيضاً يرى أن أمريكا سترد له بعض من جميله وستعينه علي حكم مصر بإعتبار أن شعب مصر خانع وأن من يحكم مصر لابد أن يحظى برضا أمريكا ومباركة إسرائيل. . والحقيقة التى يؤكدها التاريخ (ويعلمها من قرأ التاريخ من مسؤولينا وهم قلة) أن الأغبياء فقط هم أولئك الذين سفهوا هذا الشعب وقللوا من ذكائه ومن حسه الوطنى المرهف. - وفي هذا البلاغ الذى إتهمنا فيه مبارك وعمر سليمان وأحمد أبو الغيط وعمرو موسى بإرتكاب جريمة الخيانة العظمى ، وإتهمنا حاكم الخرطوم البشير بتعمد الإضرار بالأمن القومى المصرى من جهة الخارج ، قلنا في شأنك أيضاً أن لدنيا قناعة " .... بأن دور السيد/ عمرو موسى في إنفصال جنوب السودان لا يقل (إن لم يزد) علي دور مبارك. فمن خلاله تحصلت أمريكا وقوى الإستعمار الجديد علي موافقة الجامعة العربية علي الخطة الإستعمارية المسماة (الشرق الأوسط الجديد) والتي كان إنفصال جنوب السودان هو أولى حلقاتها. والغريب أن تآمر السيد/ عمرو موسى كان معلناً.... فها هو يصرح بعد لقائه السيد/ غازى صلاح الدين مستشار الرئيس السودانى بأن الجامعة العربية ستكون أول من يعترف بدولة جنوب السودان التى ستعلن يوم 9 يونيو المقبل (وهذا التصريح كان سابقاً لإعلان قيام الدولة الجنوبية) فالأمين العام السابق قد فعل بخريطة الوطن العربي ما لم تستطع تحقيقه جحافل الإستعمار وحملاته منذ الحملة الفرنسية علي مصر عام 1798، والذى إختتم ولايته بالمشاركة في قتل وجرح ما يزيد عن مائة ألف ليبى، وجعل تقسيم ليبيا أقرب إلينا من حبل الوريد، فلولا الجامعة العربية ما أستطاع الناتو أن يعربد في سماء وأرض ليبيا، وأن يرتهن بترولها، وحاضرها ومستقبلها خدمة لمشروعاته الإستعمارية. سيادة السيد عمرو موسى : - إنني أتهمك بإرتكاب جريمة الخيانة العظمى وذلك بالإشتراك في المؤامرة الدولية التي قادتها أمريكا وحلفائها ومعهم إسرائيل لفصل جنوب السودان عن الدولة الأم ( السودان ) علماً بأن الإنفصال في ذاته يعد عملاً عدائياً ضد الجمهورية ( مصر ) إضافة إلي ما ترتب علي هذا الإنفصال من إضرار بمركز مصر الحربى والسياسى والدبلوماسى والأقصادى . وتفصيلات إتهام سيادتك كما ورد في بلاغنا علي النحو الآتي :- - } أما المقدم ضده الرابع السيد/ عمرو محمد موسى " المصري الجنسية " الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية المنوط بها وفقاً لميثاقها: صيانة إستقلال وسيادة الدول العربية، وإتخاذ التدابير اللازمة لدفع الإعتداء الواقع علي دولة من أعضائها، فإنه قد قام بالتوقيع علي إتفاقية نيفاشا ورعايتها لحين تمام الإنفصال رغم ما تحمله تلك الإتفاقية من القضاء علي عضو من أعضاء الجامعة العربية عبر تقسيم السودان بما يمثله ذلك من إعتداء علي الأمن القومي العربي المنوط بالجامعة العربية حمايته، وبالأمن القومي لمصر كدولة عضو بالجامعة العربية. والأهم والأخطر هو أن مشاركة السيد عمرو موسى بشكل فاعل في إظهار تلك الإتفاقية إلي الوجود ورعايتها إلي تمام الإنفصال، قد مثل قمة الرضا عن خروج مساحة قدرها 650 ألف كيلو متر مربع من مساحة الوطن العربي وإنضمامها إلي إفريقيا الإفريقية، وشكل ركيزة أساسية لإنفصال أي جزء بالوطن العربي علي أسس دينيه أو إثنية أو قبلية. وسيكون مطلوباً من النيابة العامة لدى التحقيق في هذا البلاغ أن تطلب من الجامعة العربية صورة من كافة الوثائق والمستندات التي تتعلق بمواقف وتصريحات السيد/ عمرو موسى في شأن إنفصال جنوب السودان وكذلك الإجراءات التي قام بها ومدى إتفاقها أو إختلافها مع ميثاق الجامعة {. }-... كما أن المقدم ضدهم من الأول وحتى الرابع قد تقاعسوا عمداً عن إتخاذ الموقف الذى تمليه عليهم الوطنية ومصالح شعب مصر وهو الوقوف بقوة فى وجه مؤامرة الإنفصال ونرى فى هذا الصدد الإستشهاد بما قاله الأستاذ/ عبدالرحمن الرافعى فى كتابه عصر إسماعيل – الجزء الأول - ص176... إذ قال: " السودان مصدر الحياة لمصر، وكل جهودها يجب أن تتجه إلى صيانة وادى النيل من أى غارة أجنبية، فإن كل خطوة تخطوها دولة أخرى نحو النيل ينظر إليها بعين الفزع من كل من يقدر خطر السيطرة الأجنبية على ذلك النهر العظيم وما تجره من تضحية سعادة مصر وتقدمها وتعريضها لأعظم المضار...." ويقول أيضاً: " أن إرتباط مصر بالسودان يجب أن نذكره على الدوام ونتخذه عبرة وعظة لنا وقاعدة لا تتبدل لسياستنا فى السودان... " - فالتوقيع على إتفاقية نيفاشا من جانب مبارك وإدارته كان بمثابة " تفريط عمدى " فى سيادة مصر الوطنية، وإستمراراً لذات النهج الذى سار عليه وهو التبعية المباشرة لسياسات وأهداف أمريكا وإسرائيل فى المنطقة. ونستدعى هنا التصريح الذى أدلى به السيد/ مصطفى عثمان إسماعيل مستشار البشير حيث قال أن مبارك كان يعتبر أمريكا إله يأمر فيكون عليه الطاعة {. - إننا إذ نتهم مبارك وإدارته ومعهم عمرو موسى بالتهاون والتخاذل مع ما تثيره مسألة إنفصال السودان من أخطار لابد أن نشير إلي أن :- 1- أن أحد أهم الأخطار الناجمة عن إنفصال جنوب السودان وهي الأخطار الديموجرافية التي تهدد جنوب مصر بالتقسيم فإنفصال الجنوب هو البداية التى سيعقبها حتماً (طالما بقى البشير فى السلطة) إنفصال جبال النوبا فى جنوب كردفان فقبائل جبال النوبا إفريقية أصيلة عانت مثلما عاني الجنوب من ويلات الرق ومرارات التهميش، إضافة إلى الرابطة المتينة التى تربطهم بالحركة الشعبية فى الجنوب التى كان الزعيم يوسف تكواه (إبن جبال النوبا) أحد أبرز قادتها، وإنفصال جبال (الأنقسنا) جنوب النيل الأزرق. إضافة إلى دارفور التى تنتظر نيفاشا جديده لتنفصل هى الأخرى. كما أن شرق السودان لديه مشروع إنفصال ولا يريد البقاء فى سودان موحد وهنا بداية الشرر الذى سيلتهم جنوب مصر، فقبائل (البجا) التى تسكن منذ قبل التاريخ فى شرق السودان لديها إمتداداتها الديموجرافية فى صحراء مصر الشرقية. أما فى أقصى شمال السودان وأقصى جنوب مصر فإن مشروع إحياء (مملكة كوش) لأهل النوبة فى مصر والسودان بدأ يطل برأسه وهو مشروع لديه من الأسانيد التاريخية والحضارية الكثير والكثير. ونرى أن التحركات النوبية الأخيرة فى مصر والتى تهدف إلى عودة أبناء النوبة إلى وطنهم الأصلى هى الخطوة الأولى لإلتئام الوطن النوبى (فى مصر والسودان) والذى مزقته إتفاقية 1899 بين مصر وإنجلترا التى رسمت الحدود بين مصر والسودان. وليس بغريب أيضاً ما يتسرب عن التفكير فى وطن لأقباط مصر تكون " نواته أسيوط " التى ترتبط بدارفور بطريق برى " درب الأربعين " مما سيتيح لتلك الدولة (حال قيامها) أن تعطى ظهرها لمصر تماماً. .. بل ويأتى صعود القوى الإسلامية والأصولية فى مصر ليجعل من هذا الحلم الإستعمارى أمر ممكن الحدوث لأنه سيتيح للإسلاميين الخلاص من الأقباط ومن " مدنية الدولة " معاً. 2- التغافل عن الزلزال الجيوسياسى واسع النطاق الذى سيترتب عن إنفصال جنوب السودان. إذ سينظر إلى هذا الإنفصال بإعتباره نموذجاً يجب الإحتذاء به لتحقيق طموحات الأقليات فى الوطن العربى (الأقباط وأهل النوبة فى مصر)، والأمازيغ فى الجزائر و ليبيا، والأكراد فى العراق، والأقليات الشيعية فى بلدان الخليج وعلى رأسها البحرين والسعودية علي سبيل المثال لا الحصر . - هذا الإحجام والتغافل إرتكبه السيد/ عمرو موسى الذى كان بإمكانه لو أتخذ الموقف الصائب والملتزم بميثاق الجامعة أن ينزع الشرعية عن عملية الإنفصال ولاسيما أنها نقيض الأساس الذى قامت لأجله الجامعة العربية. فالموقف الذى إتخذه عمرو موسى هو دون جدال – شأنه شأن مبارك وإدارته – موقفاً متهاون ومتخاذل لأنه كرس لسابقة خطيرة وغير مسبوقة وهى حق الأقليات فى الوطن العربى فى الإنفصال عن الدولة الأم. فلقد قبل عمرو موسى بإتفاقية نيفاشا وشارك فى توقيعها، وأقرت جامعته بمبدأ الإستفتاء على حق تقرير المصير، وأقرت بمبدأالإنفصال بل وإعترفت بدولة جنوب السودان. إجمالاً نقول أن السيد عمرو موسى من أكبر الجناة فى جريمة إنفصال جنوب السودان. 3- التساهل والتفريط فى مقتضيات الأمن القومى المصرى، بالتعامى عن دور إسرائيل فى إنفصال جنوب السودان وذلك رضوخاً للضغوط الأمريكية الإسرائيلية وهو ما أدى إلى إتخاذ إسرائيل لجنوب السودان قاعدة لمخططاتها الإستعمارية. فالدعم اللوجيستى المالى والعسكرى لجنوب السودان قد أفضى إلى تحول الجنوب إلى مخلب قط يتيح لإسرائيل تفتيت السودان، وخلق ساحة جديدة فى الحرب تناوش بها مصر لإثارة الإضطرابات فى الجبهة الجنوبية تشغلها عن الجبهة الشمالية (إسرائيل) ، وتضمن لها فتح جبهة جديدة ضد جنوب مصر فى حالة حدوث حرب مصرية – إسرائيلية جديدة. - ووجود إسرائيل فى جنوب السودان يعنى تهديد المصالح المائية لمصر بالخطر، فكافة المشروعات المصرية للتوسع المياهى لإستيعاب تزايد الحاجة المصرية للمياه لمواجهة زيادة السكان والمشروعات الإقتصادية، ترتبط بجنوب السودان، بإعتبار أن كل قنوات المياه كقنوات (جونجلى) و (مشار) المستهدف من وراء حفرها زيادة كميات مياه النيل لمصر تقع كلها فى الجنوب الذى لن يسمح فى ظل هيمنة إسرائيل/ أمريكا بحفرها مما سيضر ويمنع زيادة الموارد المائية لمصر. بل أنه سيكون مطروحاً وبقوة بناء سدود بجنوب السودان بإشراف إسرائيلى/ أمريكى يكون من شأنها تقليل نسبة المياه التى تصل إلى شمال السودان ثم مصر. إضافة إلى المطالبات السياسية المتوقعة بإقتسام مياه النيل بين ثلاث دول بدلاً من مصر والسودان حسب إتفاقية 1959. وحسبنا هنا أن نشير إلى ما قاله مدير جامعة إفريقيا العالمية بأن "... إنفصال الجنوب هو محاولة لمعاقبة مصر ". 4- إهمال الأثر المترتب على إنفصال جنوب السودان والمتمثل فى تغير طبيعة الملامح الجيوستراتيجية لمنطقة القرن الأفريقى، فبعد إنفصال جنوب السودان أصبح التوازن الإقليمى يميل لصالح أثيوبيا التى تحولت إلى القوة الإقليمية الأبرز فى تلك المنطقة ومن ثم خروج المخططات الأثيوبية المتمثلة فى إنقاص كمية المياه التى تحصل عليها مصر والسودان بموجب إتفاقية 1959 من خلال إقامة السدود الأثيوبية التى ترمى لتحقيق الإكتفاء الذاتى من الطاقة الكهربائية وتصديرها لجيرانها ومن ضمنهم السودان ومصر، حيث تعتزم تصدير حوالى 400 ميجا وات. - كما أن أثيوبيا التى كانت وراء إتفاقية " عنتيبى الأطارية " بخصوص المياه، تسعى لتأسيس مثلث الطاقة حيث تسعى لمبادلة النفط السودانى بالمياه الأثيوبية والطاقة الكهربائية. .. هذه الأطماع عبر عنها أحد مستشارى رئيس الوزراء الأثيوبى " ميليس زيناوى " بقوله :- " إذا كانت أثيوبا توفر الطاقة الكهربائية وشمال السودان ينتج الغذاء، وجنوب السودان يوفر النفط، فإنه على مصر أن تدفع المال ". سيدي .... إن قناعتى ( وهي قناعة موضوعية قوامها البحث والإطلاع والتدقيق والإلمام الشديد بالجوانب العلمية ) بضلوعك في مؤامرة الإنفصال بل وإرتكابك لما هو أكثر من الضلوع ، تجعلنى واثقاً بأنكم ستلقون الجزاء المناسب لما إرتكبتموه في حق بلدى .. يعزز ذلك مواقفكم الواضحة والمعلنة للكافة . لقد كان مثيراً للإشفاق ذلك الدفاع الخجول عنكم من جانب السيد / علي كرتى وزير خارجية السودان ( الذى لا يملك القدرة علي الدفاع عن نفسة وعن نظامة ) حين قال : مواقف موسى للحيلولة دون الإنفصال واضحة ومعروفة . وربما كان سيادته يقصد مواقفكم " الباطنية " لأن حرصكم علي وضع اللبنة الأولى لمشروع ( الشرق الأوسط الجديد ) محفور في رعايتكم لإنفصال الجنوب منذ أن وقعتم علي إتفاقية " نيفاشا " عام 2005 حتي اليوم الأخير لخروجكم من الجامعة العربية ، مفسحين المجال لصديقكم ( المبجل نبيل العربى ) ليستكمل المرحلة الثانية للشرق الأوسط الجديد تقسيم ليبيا وسوريا ولبنان بعد نجاحه في إسقاط الجامعة العربية إلي الأبد . - الوقائع موضوع البلاغ المشار إليه تمثل واحدة من أخطر القضايا علي وجود ومستقبل مصر ، إضافة إلي أنها تميط اللثام عن إشتراككم مع ذلك النظام المخرب الذى حكم مصر في التفريط في سيادة مصر وأمنها وشرفها القومى ، بل ووصل التفريط إلي ما يمس صميم وجودنا وهي ( المياه ) . إنها جريمة خيانة عظمى لكل الثوابت التى ضحى من أجلها الأباء والأجداد بحياتهم ودمائهم ونحن نزعم أن أطفال مصر ورجالها ونسائها وشيوخها سيترقبون بشدة نتائج التحقيق الذى تجريه النيابة العامة في شأن تلك الجريمة .