هذه سلسلة مقالات حول .. عبد الفتاح السيسى .. المرشح الرئاسى الأوفر حظا فى الفوز بمنصب .. رئيس جمهورية مصر العربية .. الأقرب كثيرا الى دخول قصر الاتحادية .. مقر السلطة والحكم .. لذا فان من حقنا جميعا أن نسعى الى معرفة من يكون .. شخصيته .. أفكاره .. مواقفه .. وصولا الى امكانية الخروج بتحليلات سليمة .. موضوعية .. مستقلة .. حول المستقبل .. مستقبل هذا الشعب الأهم من أى فرد .. فبعد يناير ويونيو .. لا مجال للتنازل عن أن يكون .. الشعب هو السيد والحاكم هو الخادم .. "السيسى والقصر" سلسلة مقالات .. أو اجتهادات .. ندعو الله أن تكون ذات أجرين .. لا أجرا واحدا. وهذه أولى الحلقات. فى الصورة الرسمية الأولى للقاء الرئيس السابق محمد مرسى بالفريق أول عبد الفتاح السيسى، بعد صدور قرار تعيين الأخير وزيرا للدفاع يوم 12 أغسطس 2012 (الموافق 24 رمضان سنة 1433 هجرية)، بدت الأعين والابتسامات، خلال اللقاء، ودودة مرتاحة متفاهمة. والحق أن الأقاويل كانت قد ترددت حول ميل (أو انتماء) السيسى الى جماعة الاخوان المسلمين، وعلى الرغم من أن افتراض ذلك فى مدير المخابرات الحربية فى عصر الرئيس الأسبق حسنى مبارك يبدو أمرا عبثيا، بل مضحكا، الا أن هناك ما يقال فى القصة، فلماذا ترددت هذه الشائعات؟! وتنبغى الاشارة هنا الى أننى كنت قد سعيت للاجابة عن السؤال فى السابق، ونشرت مضمون السطور المقبلة فى كتابى عن ثورة يناير "هدير الصمت" ضمن فصل بعنوان "قرارات 24 رمضان الخطيرة"، فالنشر هنا ليس للمرة الأولى. الحكاية ببساطة كما رواها لى مصدر مقرب جدا من السيسى آنذاك هو أن الرجل طوال عمره كان متدينا.. حريصا علي دينه في مقابل أى إغراءات.. كيف؟ خاض السيسى خلال فترة عمله ضابطا بالقوات المسلحة اختبارات التعيين كملحق عسكرى ونجح فيها أكثر من مرة، وكان يحلم بأن يكون ملحقا عسكريا لفترة في الولاياتالمتحدةالأمريكية أو بريطانيا، نظرا للخبرة والاحتكاك الكبيراللذين سيحصل عليهما في هذه الحالة، فضلا عن كون ذلك اضافه كبيرة للسيرة الذاتية الخاصة به كضابط كبير في القوات المسلحة، وقد تمكن بالفعل من اجتياز الإختبارات المؤهلة لذلك، لكنه لم يتمكن من تحقيق حلمه لسبب بسيط، وهو أنه كان يشترط أن تكون زوجته التى سيصحبها معه في سفره بالطبع غير محجبة، لكن زوجة السيسي محجبة، فهل تخلع حجابها لتحقيق حلم زوجها؟! السيسي رفض ذلك بشكل قاطع، لكنه قام بتكرار التجربة مرة أخرى، ونجح في اجتياز اختبار "الملحق العسكرى"، لكن نفس المشكلة طاردته، حيث أن مسألة عدم حجاب الزوجة هذه كانت غير قابلة للإستثناءات، ولا وساطة فيها حتي لو تدخل المشير حسين طنطاوى وزير الدفاع نفسه الذي كان يحب السيسى، فتلك كانت القواعد في عصر مبارك! وأمام تكرار الموقف، لم يغير السيسي قراره، وفي ظل حب المشير طنطاوى له، وافق الأخير علي سفره كملحق عسكرى لمدة سنة واحدة، لا أربع سنوات،علي أن تكون في السعودية لا أمريكا. ويؤكد المصدر أن طنطاوي كان يحب السيسي بالفعل، وأنه قربه منه وجعله مديرا لمكتبه في احدى الفترات قبل توليه منصب مدير المخابرات الحربية، وأن طنطاوي كان يحترم السيسي دائما ويقول عنه انه "بركة المكتب". وفي الحياة الشخصية اليومية للسيسى، تستطيع أن تجد أمورا أخري كان يحاول أن يمارسها كما يريد هو، لا وفقا للقواعد الصارمة، فهذه القواعد مثلا كانت تمنع رجال المخابرات من أداء الصلاة في المساجد، حتى لا يكون لهم اختلاطات كبيرة بالناس، مما قد يصحبه تبادل للأحاديث أو اقتراب البعض منهم أكثر مما يجب، وليس رفضا للصلاة ذاتها بالطبع، لكن ثقة السيسى فى نفسه وفى احساسه بالمسئولية ورغبته فى أداء الصلاة بالمسجد عندما يسمح الوقت بذلك، كلها كانت أمور تدفعه فى بعض الأحيان الى تجاوز ذلك، وعندئذ كان يضطر إلي اجراء مناورات بسيارته والتحرك من مكان إلى آخر قبل الوصول الى المسجد حتى يستطيع الهروب ممن يراقبه! وعلي الرغم من كل ذلك، فإن السيسي كان مرتبطا ارتباطا كبيرا بعمله، وكان يشعر دوما بأنه سيجلس يوما من الأيام علي عرش وزارة الدفاع، وهو ما تحقق له بالفعل، يوم 24 رمضان. ولعل هذه المظاهر المتدينة، و"زبيبة" الصلاة الشهيرة التى تحملها جبهته، قد أوحت للبعض ممن أدمنوا خطأ الحسابات، أن الرجل يمكن أن يكون جسرا، يعبر من خلاله مشروع الدولة الدينية الى مصر، حتى أن زوجة القيادى الاخوانى خيرت الشاطر قد ذكرت فى تصريحات لها مؤخرا أن زوجها كان يطمئنها قبل الثلاثين من يونيو قائلا ان السيسى سوف يقف مع الاخوان، فهو رجل ملتزم مصل صوام! ولكن .. هل نسعى نحن هنا الى أن نقدم السيسى بوصفه مشروعا جديدا "للرئيس المؤمن"؟ .. أبدا ليس ذلك هو الهدف .. والا فاننا سنكون بذلك نرسخ لدكتاتورية جديدة دينية ووطنية معا .. هى فقط "معلومات" حصلنا عليها حول سيرة الرجل .. ربما تكون كاشفة لأحد جوانب الشخصية .. لكن آراءه السياسية وفكره الاستراتيجى .. حول مصر والمنطقة .. وعلاقاتنا بالدول الكبرى .. واستقلال الارادة الوطنية .. كل ذلك سوف يكون هو موضوع الحلقة المقبلة .. من سلسلة مقالات "السيسى والقصر" .. ان طال بنا العمر .. حتى الأسبوع القادم. [email protected]