ظاهرة فى مجتمعنا جديدة علينا لم يلتفت إليها أحد رغم أهميتها، وتراها فى حجاب بنات من طبقة الأثرياء فى شهر رمضان فقط!! وهذا الكلام بالطبع لا يرضى أحداً من الجانبين.. أقصد المتشددين من ناحية و«الناس المودرن» بالتعبير الدارج من جهة أخرى!! وعندما تخلع حجابها بعد انتهاء الشهر الكريم يتهمها المتزمتون بالردة، وأنها فتاة غير ملتزمة، أما أصدقاؤها من ذات الطبقة فتصيبهم الدهشة والعجب، وأحياناً «الخضة» مما تفعله فى رمضان، ولسان حالهم يقول: يا عبيطة هذا الشهر يزدهر فيه الإعلام والمسلسلات وتحلو السهرات الجميلة والخيام الرمضانية، حيث تجد «السحور بارتى» بتعبير المصريين الذين يريدون التشبه بالخواجات!! فلماذا ياست الكل تنقطعين عن الدنيا الحلوة وترتدين الحجاب؟ والغريب أن هذا النوع من البنات تجده فى قلب المجتمع الراقى طيلة العام عدا رمضان، حيث تلتزم وتصبح إنسانة أخرى، وبالمناسبة تجد المساجد فى الأندية الكبرى بالقاهرة والإسكندرية ممتلئة عن أخرها بالمصلين، وهناك مكان واسع مخصص لبنات حواء، حيث يصلى الجميع بجزء كامل من القرآن فى معظم الأحيان، وتستغرق الصلاة ما يقرب من ساعتين، ولا يقدر على تحمل ذلك يومياً إلا من كان فى قلبه إيمان عظيم. وإذا أردنا تحليل تلك الظاهرة، فإننى أرجعها إلى حب ربنا الذى هو أساس كل الحب، فهى مشغولة بالدنيا طيلة العام فإذا جاء شهر الصوم انقطعت للعبادة وتفرغت للحب الأكبر فى حياتها، وأعتقد أن ثوابها مضاعف بإذن الله، والسبب أن الدنيا فى هذا الوقت تكون أكثر جاذبية لكنها ترفضها. وأراهن أن الدهشة طرأت على بعض من يقرأون كلامى، والواحد منهم يسأل: إزاى يا أستاذ يا متدين تدافع عن هذا النوع من البنات، وأنت تعلم جيداً أن ريما تعود إلى عادتها القديمة بعد رمضان، وحماسك لحجاب البنات فى رمضان فقط يعنى أنك موافق على سلوكهن بقية العام؟ وأرد على حضرتك قائلاً: ربنا هو الذى يحكم عليهن وليس أنا، ومن تلتزم فى رمضان تستحق تعظيم سلام، سواء كانت محجبة أو سافرة، والمفاجأة التى أقدمها لك أن هناك بنات غير محجبات فى شهر القرآن، ومع ذلك ترى سلوكهن زى الفل.. عبادة وأخلاق وتخلى عن الزينة وتشاهد وجهها كما خلقه الله بعيداً عن الماكياج، ولا تكتفى بذلك، بل تحرص على الصلاة جماعة وتذهب إلى المساجد الكبرى مثل مسجد عمرو بن العاص وغيره، ورمضان يظهر مصر بكل تناقضاتها، وتتأكد أن فيها خيراً كثيراً برغم كل المظاهر التى تراها على السطح من الفساد والإفساد، ويبقى رمضان فى نظر أغلبية الشعب وملايين الناس شهر التقوى، وتلك التى تلتزم فى هذا الوقت فقط سيأتى عليها يوم تحرص على سلوكها بقية أشهر السنة، لأن رب رمضان هو أيضاً رب شوال وذى القعدة وسبتمبر وأكتوبر، أليس كذلك؟