وسط حالة ترقب داخل الأوساط السياسية والشعبية للتغيير الوزاري المحتمل خلال أيام بعد إعلان استقالة حكومة شريف إسماعيل ومع بدء الولاية الثانية للرئيس السيسي عقب أدائه اليمين الدستوري أمام البرلمان وإرسال عدة رسائل فسرها المراقبون والسياسيون أنها رسائل طمأنة للشعب المصري وإعلان الاستعداد لخوض معركة التنمية واستكمال ما تم تدشينه من مشروعات قومية ولحصاد ثمار المرحلة الأولى بعد تحمل قرارات اقتصادية قاسية ومريرةآ ثارها وقعت بالدرجة الأولى على كاهل المواطن البسيط ومازال يعانيها حتى الآن. فى تقديري أرى أن مواطن الشارع المصري هو عنوان كل مرحلة لقيادة سياسية أو حكومة جديدة وترمومتر لقياس نجاح أو فشل أداء الحكومة وقيادتها، مواطن الشارع البسيط يعى جيدا حجم التحديات التى تواجهه فى الوقت الراهن وأصبح بدرجة محلل اقتصادي يستطيع أن يسمع جيدا القرارات والاستراتيجيات التى تعلنها الحكومة من وقت لآخر ويفهمها جيدا ويحللها، وتحليله فى الواقع هو نبض لمسار الحكومة تجاه الصواب أو الخطأ، ربما لا يدرك كواليس اتخاذ هذه القرارات لكن ما يهمه بالدرجة الأولى هو أن يحيا حياة حرة وكريمة والشعور بمردود هذه القرارات بإيجابية على مستوى معيشته. دون وضع تكهنات لشكل الحكومة القادمة بتغييرها أو إجراء تعديلات عليها لعدد من الوزراء، آمل أن تكون الحكومة عنوانها المصارحة والشفافية والتواصل مع الشعب ورسم السياسات سويا من خلال المشاركة والحوار المجتمعي، لا الخروج بجملة قرارات فى توقيت حرج وبشكل مفاجئ يساء فهمها، والمشاركة بين الشعب وقيادته وحكومته أصبحت ضرورة ملحة لصناعة وطن مكتمل الأركان. وأقترح أن يعقد مؤتمر ولو بشكل سنوي لكل الخبراء والكوادر المصريين على مستوى قطاعات الدولة بمشاركة الحكومة، فمصر بها كوادر خلاقة إنجازاتها شاهدة على خبرتها وكفاءتها فى دول العالم الخارجى، ولابد من طرح الرؤى الخلاقة والتى منها ما هو حبيس الأدراج آن الأوان لخروجها للنور، فبناء الوطن يحتاج لتكاتف فكر أبنائها وسواعدهم. وأؤكد أهمية التواصل المباشر بين الشعب وقيادته وحكومته بمعنى معايشة الحكومة لواقع الشعب المصري، لقد كان الرئيس جمال عبد الناصر مثالا رائعا على هذا وحريصا للغاية على التواصل المباشر مع المواطن العادي، ليس فقط من خلال إلقاء خطاباته وسط الحشود، بل أيضا من خلال التواصل المباشر من خلال جولات ميدانية حرة دون حراسة أو ظهوره للإعلام. كانت تعليماته الصريحة والمشددة تقضى بعدم مصاحبة أى حراسة له فى هذه الجولات، وعدم إبلاغ وزارة الداخلية بتحركاته الخاصة هذه، التى كانت تتم أيضا بركوبه سيارة خاصة صغيرة يقودها بنفسه فى كل الأحيان، وكانت فى أغلب الجولات الميدانية هذه تتم فى سيارة نصر 1100. وكان يقول إن "أى هموم يمكن حلها فى مجلس الوزراء أو فى مجلس الأمة أو من خلال العلاقات الدولية، ولكن هموم المواطن العادى ومشاكله لن تحل من خلال معايشة واقعه"، وهذا ما كان يدفعه للنزول إلى الشارع بنفسه فى سيارة عادية خاصة من النوع الصغير، والتى يصعب التعرف عليه داخلها، وكان يختار مناسبات معينة للقيام بمثل هذه الجولات؛ كالأعياد الدينية أو شم النسيم أو خلال سهرات شهر رمضان أو مع بدء العام الدراسى وهكذا، وذلك ليجوب المناطق الشعبية دون برنامج مسبق ليتابع بعينيه وبنفسه تصرفات وسلوكيات الرجال والشباب والأطفال والنساء وملاحظة ملابسهم ونوعياتها وألوانها وتعبيرات الوجوه وألعاب الأطفال، ويقارن بين المناسبات وبعضها، وماذا كان عليه الحال فى العام الماضى، وكذا يرصد موقف الشرطة والجهات الإدارية من الجماهير وبصفة خاصة من الباعة الجائلين. كان طبيبا ناجحا فى قياس الحالة المعنوية للشعب، يرصد كل الأحوال، يعلم مدى معاناة الشعب، خصوصا المواطن البسيط، يصحح الأوضاع ويتخذ قرارات سريعة لحل الأزمات.. عاشت مصر.. وإلى تكملة