كشف نيكولاس بلانفورد مراسل صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" في بيروت عن أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد وحليفته إيران يتحريان إمكانية عقد مفاوضات مع الجماعات المعارضة يمكن أن تقود الى نقل العديد من التجمعات السنية والشيعية المحاصرة إلى مناطق أكثر أمنا وذلك بعد مرور أربعة أعوام على الحرب الأهلية السورية . ورحب بلانفورد - في تقرير له نشرته الصحيفة اليوم السبت على موقعها الاليكتروني - بهذه المفاوضات قائلا إنها قد توفر شيئا من الارتياح من العنف الذي حصد أرواح ما يزيد على 250 الف شخص ، منبها الى أن نقل السكان سيعمق التقسيم التدريجي لسوريا وفق خرائط طائفية بين نظام الاسد الذي يستمد عموده الفقري من الطائفة العلوية ، والمعارضة المسلحة السنية. وأضاف المراسل أن المحادثات تبدو حتى الان معلقة بعد أن قالت جماعة مسلحة رئيسية أنها تعارض ما تعتبره بمثابة "تطهير طائفي" لبلدة الزبداني السنية في غرب سوريا والتي تحاصرها الان قوات الجيش السوري ومقاتلون من جماعة حزب الله الشيعية اللبنانية. وأشار المراسل إلى أنه حال فشل استئناف المفاوضات فإن السكان الناجين في الزبداني سواء كانوا مدنيين او مسلحين وكذلك سكان القرى الشيعية المحاصرة في مدينتي ادلب وحلب في شمال سوريا سيواجهون مستقبلا قاتما. وقال فابريس بالانش مدير الدراسات والأبحاث المتخصص في منطقة المتوسط والشرق الأوسط في مركز بحثي في فرنسا إن "الإيرانيين يعتقدون انه من الصعوبة بمكان حماية هذه القرى الشيعية ويرغبون في نقل سكانها إلى مناطق آمنة، وفي العام الماضي كان هناك اتفاق في حمص بين الإيرانيين والمسلحين لتنفيذ نفس الاتفاق على مستوى العديد من الجيوب الشيعية في سوريا". وأضاف "شن حزب الله والجيش السوري هجوما ضد الزبداني منذ خمسة أسابيع وقطعوا سبل التراجع وقصفوا البلدة بالبراميل المتفجرة والمدفعية والغارات الجوية. وكانت الزبداني فيما مضى منتجعا صيفيا يبلغ عدد سكانه 26 الف نسمة ويقع في وادي تحيط به الجبال ويبعد مسافة 18 ميلا إلى الاتجاه الشمال الغربي من العاصمة دمشق وخمسة أميال من الحدود مع لبنان. وكانت جماعات معارضة عديدة من ضمنها جبهة النصرة (التابعة للقاعدة) وأحرار الشام وجماعة اخرى متشددة والجيش السوري الحر تسيطر على هذه البلدة على مدار السنوات الثلاث الماضية وهو ما وفر لها وقتا لتشييد شبكة دفاعية قوية لصد اي هجوم يشنه الجيش السوري. وقال بلانفورد إن الزبداني هي آخر منطقة مهمة تخضع لسيطرة المسلحين على الحدود مع لبنان وسيطرة الجيش السوري عليها أمر ضروري لتأمين انسحاب النظام المنتظر إلى جيب يمتد من دمشق إلى اللاذقية على ساحل البحر المتوسط. ويوم الاربعاء الماضي ، قال المكتب الإعلامي السوري الموالي للمعارضة إن الزبداني تعرضت للقصف بنحو 1100 برميل متفجر و600 قذيفة صاروخية إلى جانب الالاف من القذائف المدفعية خلال الهجوم الذي شنه النظام السوري، كما زعم المكتب إن قذائف صاروخية معبأة بالنابالم قد استخدمت ضد المسلحين في الزبداني. وقال المراسل إن البراميل المتفجرة والضربات الصاروخية قد تردد صداها في سائر سهل البقاع المجاور في لبنان لكن المسلحين يظهرون مقاومة شديدة مستخدمين الأنفاق والخنادق لتجنب القصف ونيران القناصة حسب مصادر المسلحين وبلوماسيون في بيروت. وانتقاما من الهجوم على الزبداني قام جيش الفتح (وهو تحالف للمعارضة يضم احرار الشام وجبهة النصرة) باطلاق حملة ضد بلدتي الفوعة وكفريا الشيعيتين المحاصرتين في أدلب التي تحاول التماسك بعد أن سقطت بقية المحافظة بالكامل تقريبا في يد المسلحين. فيما تتعرض قريتان شيعيتان اخريان هما نبل والزهراء في محافظة حلب أيضا لحصار مماثل ويبدو أن مصير هاتين البلدتين والحاجة الى نقل المسلحين ومؤيديهم السنة من المناطق الرئيسية الخاضعة لسيطرة النظام هو ما أجبر إيران على إطلاق مفاوضات مع المعارضة. وأكد دبلوماسي غربي يعمل على تسوية الصراع في سوريا عقد مثل هذه المفاوضات التي ربما يتم بموجبها السماح للسنة من سكان الزبداني ووعر في حمص بالمغادرة إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة مقابل نقل الشيعة من سكان الفوعة وكفريا وربما نبل والزهراء إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام. وقال الدبلوماسي "ليس واضحا بالضبط من هو مهندس هذه المفاوضات - حول عملية التبادل وضمانات السلامة - ولكن حتما هناك مناقشات ومفاوضات على وعر والزبداني".