وسط الأسوار الخرسانية المرتفعة والمنازل المشيدة حديثًا، أوشك التراث الشاهد على مولد الزعيم جمال عبد الناصر وأسرته على الانهيار والزوال، حيث يواجه منزل الزعيم إهمالًا تمثل في جدران متصدعة وقمامة منتشرة، وبدلًا من أن ترممه الدولة وتضمه إلى هيئة الآثار اكتفت بإهماله ليكون مأوى للثعابين والعقارب. على بعد 10 كيلو مترات من مدينة أسيوط تقع قرية بني مر، التابعة لمركز الفتح، التي عاش فيها والد الزعيم عبد الناصر، طه حسين خليل، ويتكون المنزل الريفي من طابقين، تحول بفعل الأيام إلى خرابة، وأصبح متهالك الحوائط، تتجمع به أكوام من القمامة لتلقى القرية تجاهلًا من الرؤساء والقيادات كافة بالمحافظة. في البدايه تحدث محمد خليل، أحد أهالي القرية، بأن المنزل مسقط رأس جمال عبد الناصر، وعندما كان يخدم في الجيش هو وزملاؤه كانوا يأتون في فسحة إلى القرية بصفه مستمرة، لكن للأسف قبل ثورة 52 توفى جد عبد الناصر، الحاج حسين، واجتمع جمال عبد الناصر بالضباط الأحرار أكثر من مرة بمنزل جده بالقرية، المبني بالطين والطوب اللبن وسقفه من الجريد والعروق الخشبية، وكان على رأس الحاضرين معه الرئيس محمد نجيب. وأضاف: بعد وفاة عبد الناصر حضر إلى منزل العائلة السادات وحسين الشافعي وبعض قيادات الثورة، وأدوا واجب العزاء، وقال السادات في المنزل: «هذا منزل عبد الناصر، به طوبة حمراء وطوبة خضراء، كان عبد الناصر يملك أن يرفع هذا الطوب ويجعله طوبة من ذهب وطوبة من فضة، لكن كانت مبادئ عبد الناصر أن يبقى كما هو حتى الموت» وبكى السادات. وتابعت فوزية محمد، ربة منزل: إنها فخوره لوجود منزل الزعيم عبد الناصر بقريتها، لتروى لأحفادها المواقف البطولية للزعيم وأن بيت الزعيم كان يزوره العديد من الوفود الأجنبية، لا سيما الروس، ويحزنون كثيرًا لحالة الإهمال التي تقبع على منزل الزعيم جمال عبد الناصر، حتى أن إحدى السائحات الروس حملت حفنة تراب من داخل منزل الزعيم جمال عبد الناصر ببني مر لتعود بها إلى بلدها روسيا. أما عن الإهمال الذي يضرب المنزل، قال الدكتور جمال عبد الستار أكاديمي إعلامي: أن هذا العمل هدم للتراث وللأصالة وللزعامة وللوطنية المصرية الخالصة، الذي يتمثل في بطل من أبطال مصر وزعيم القومية العربية، كما أن هدم منزله وصمة عار في جبين القائمين على ذلك؛ لأن حقبة عبد الناصر وزعامته شهد لها التاريخ والعالم، سواء كانوا أعداء أو أصدقاء، فلابد من المحافظة على ما تبقى من جدران المنزل وضمه إلى هيئة الآثار والعمل على ترميمه. وأضاف الدكتور أحمد عوض، مدير عام الآثار القبطية والإسلامية بأسيوط، إلى أن محافظة أسيوط ضمته إلى تعداد المباني التراثية ذات القيمة التاريخية، نسبة إلى أسرة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر عام 2002، ومنذ ذلك التاريخ وعلى مدى مرور 5 محافظين بأسيوط، تتوالى الوعود بترميم المنزل والعناية به، لكن دون جدوى، وهناك محاولات خلال الفترة المقبلة بضم منزل الزعيم بقرية بني مر على تعداد المباني الأثرية بالمحافظة. وأشار عبد العال زهران، وكيل وزاره الثقافة بأسيوط، إلى أن محافظ أسيوط أعلن عن البدء في إنشاء قصر ثقافة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بمسقط رأسه بقرية بني مر، بتكلفة إجمالية 11 مليون جنيه، وتم وضع حجر الأساس خلال عيد أسيوط القومي الماضي، في 18 أبريل، بالإضافه إلى أن قصر الثقافة سيضم مسرح قاعات ومكتبة عامة ومكتبة طفل وناديًّا تكنولوجيًّا وقاعات أنشطة ومسرحًا صيفيًّا، يحتوي على 500 مقعد، في 3 طوابق على مساحة 790 مترًا، موضحًا إنه يعد نموذجًا من أكبر القصور التي يتم تأسيسها في الصعيد.