خرجت الأزمات بين السعودية والجزائر، مؤخرًا، من السر إلى العلانية، واتضحت بشكل كبير مع تدخل الرياض في العديد من الأزمات الإقليمية، التي سعت فيها إلى كسب التأييد العربي والدولي، لتجد الرفض الجزائري حائلا أمام الوصول إلى أهدافها، ورغم تزايد الخلافات السياسية بين البلدين، إلا أنها لم ترتق لأن تصبح أزمة دبلوماسية بين الطرفين. أزمة صامتة تباين المواقف أظهر وجود خلافات وأزمة صامتة وتباعد في وجهات النظر بين الجزائر والسعودية حول عدد من الملفات تعود لسنوات خلت، بداية من عدم معارضة الجزائر بشكل علني للغزو العراقي في الكويت، مرورًا بالتقارب الجزائريالإيراني الذي ظهر في تبادل الزيارات بين مسؤولي البلدين، ورفض الجزائر الانخراط في أي تحالف عسكري عربي تقوده السعودية، سواء ما يسمي التحالف العربي الذي قادته المملكة في عدوانها على اليمن أو التحالف الإسلامي الذي دعت إليه الرياض قبل أشهر، بالإضافة إلى وقوف الجزائر ضد الرغبة السعودية الداعية إلى تنحي الرئيس السوري، بشار الأسد، وصولًا إلى عدم ترحيب الجزائر بزيارة السعوديين إلى أراضيها، سواء مسؤوليين أو شخصيات عامة، ورفضها اعتبار حزب الله منظمة إرهابية، وفق التصنيف الذي اعتمدته الجامعة العربية بمقترح خليجي. رسالة جزائرية بعد أن رفضت الجزائر التورط عدة مرات مع المملكة العربية السعودية في العديد من الأزمات الإقليمية والتدخلات العسكرية، خرج الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، ليدافع عن مبدأ بلاده الذي يحظر على القوات المسلحة أن تتخطى حدود البلاد. وأكد بوتفليقة في رسالة إلى الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، أن مواقف الجزائر تجاه بعض القضايا الساخنة التي تشهدها الساحة العربية، نابع من موروثها التاريخي القاضي بعدم التدخل في الشأن الداخلي لغيرها من البلدان، وتفضل دائمًا الحلول السياسية السلمية، كما أنها ترفض العنف الذي تؤمن بأنه لا يولد إلا العنف. العدوان على اليمن رفضت الجزائر المشاركة في عملية عاصفة الحزم، التي قادتها المملكة في الأراضي اليمنية في مارس 2015، لتكون بذلك أول بلد عربي يعلن صراحة رفضه للعملية العسكرية، وثاني دولة إسلامية بعد إيران، وحينها أكد وزير الشؤون الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، أن الجزائر لديها موقف سياسي، وجيشها يحارب داخل أراضيها فقط. التحالف الإسلامي في 15 ديسمبر الماضي، حينما أعلنت السعودية عن تأسيس التحالف الإسلامي، الذي تشارك فيه 35 دولة إسلامية لمحاربة الإرهاب، كررت الجزائر رفضها الانضمام إليه، وبررت الأخيرة موقفها بأنها لا تريد المغامرة بالانضمام إلى «تحالف مزاجي» لمحاربة ما يسمى الإرهاب، مؤكدة أنها عانت من الإرهاب العابر للحدود لأزيد من 20 سنة، وتطالب دومًا بتعريف موحد للإرهاب أولًا وقبل أي تحرك من أي جهة كانت. وقال ضابط سابق في جهاز المخابرات الجزائري، العقيد محمد خلفاوي: مبدئيًا الدستور الجزائري لا يسمح للجيش أن يتدخل خارج تراب بلاده، مضيفا أن الجزائر لا تساعد أي بلد من أجل احتلال بلد آخر، وتساءل خلفاوي: هل التحالف الدولي الغربي بكل ترسانته العسكرية فشل حتى نذهب إلى تحالف أضعف منه على كل المستويات، وما هو المراد من هذا التحالف؟. الخلافات.. من التحالفات إلى الدبلوماسية التحجج الجزائري بالدستور لعدم الدخول مع السعودية في أي تحالف إقليمي أو دولي أو عربي، لم ينجح في إخفاء حقيقة التوتر بين الطرفين، ما ظهر مؤخرًا عندما رفض الرئيس الجزائري، استقبال وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، واكتفى بمقابلة نظيره رمطان لعمامرة، واستقباله من طرف الوزير الأول عبد المالك سلال، حيث جاءت زيارة الأخير للجزائر في مطلع العام الحالي لتعيد الحديث حول طبيعة العلاقات بين الطرفين، خاصة أن زيارة الجبير تبعتها زيارة لنظيره السوري، وليد المعلم، في نهاية مارس الماضي، واستقبل خلالها الرئيس الجزائري الوزير السوري، وعبر مجددًا عن دعمه للقضية السورية، الأمر الذي أثار أحاديث حول وجود أزمة دبلوماسية بين المملكة والجزائر منعت الرئيس بوتفليقية من استقبال الجبير. رفض استقبال العريفي في مطلع مارس الماضي، رفضت الجزائر منح الداعية السعودي، محمد العريفي، تأشيرة دخول إلي أراضيها؛ للمشاركة في ملتقى ديني بإحدى الجمعيات الجزائرية شرق البلاد، وأكد وزير الشئون الدينية والأوقاف الجزائري، محمد عيسى، أن الجزائر رفضت دخول العريفي إلى أراضيها وذلك لدواع أمنية وسياسية، وبسبب مباركته لثورات الربيع العربي. وأضاف الوزير أن محمد العريفي يعد من الشخصيات التي تروج للمجموعات المتطرفة، وهو من العناصر الفاعلة في التحريض لما يسمى بالربيع العربي الذي دمّر الدول العربية، مؤكدا أن بلاده لن تكون أبدًا حلبة صراع للمذاهب الخارجية، وأنها مدرسة للوسطية والاعتدال، وأن وزارته لها الأهلية لتحدد إذا كان شخص ما يستحق أن تتم دعوته لزيارة الجزائر أم لا. حزب الله.. صفعة جزائرية للسعودية سعت المملكة كثيرًا لكسب التأييد والحشد العربي والدولي، وانتزاع اعتراف من المنظمات وحكومات ورؤساء الدول العربية لاعتبار حزب الله منظمة إرهابية، وهو ما نجحت فيه بالفعل بعد أن اعترفت أكثر من دولة بأن الحزب اللبناني أو منظمة إرهابية يحظر التعامل معها، لكن النجاح السعودي لم يكلل بالتفاف عربي وإقليمي، فكانت العديد من الدول العربية رافضة للأمر على الرغم من إقراره في مجلسي وزراء الداخلية والخارجية العرب، وجاء على رأسهم الجزائر، التي بررت رفضها على لسان الناطق الرسمي باسم وزارة الشؤون الخارجية، عبد العزيز بن علي الشريف، بأنها لن تتحدث باسم اللبنانيين وفي مكانهم، وأنها تعتبر حزب الله حركة سياسية عسكرية لها أهمية في التوازنات داخل لبنان، مضيفا أن الجزائر تَعد بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وتعتبر هذا المبدأ من أهم مبادئ سياستها الخارجية.