وصل وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير إلى الجزائر في زيارة رسمية هي الأولى من نوعها منذ توليه المنصب، للمشاركة في أشغال الدورة الثالثة للجنة التشاور السياسي بين البلدين. ويناقش الجبير مع نظيره الجزائري رمطان لعمامرة "ملف العلاقات الاقتصادية الثنائية على ضوء نتائج الدورة الحادية عشرة للجنة المشتركة للتعاون الجزائرية – السعودية المنعقدة أشغالها في بداية شهر ديسمبر الجاري". وأبرز الناطق الرسمي للخارجية الجزائرية السفير عبد العزيز بن على الشريف أن الطرفين سيتبادلان وجهات النظر بشأن المسائل السياسية والاقتصادية العربية والدولية ذات الاهتمام المشترك والمساعي الرامية إلى حل النزاعات في دول شقيقة، إضافة إلى القضية الفلسطينية". ويقول مراقبون، إن زيارة رئيس الدبلوماسية السعودية تأتي لاحتواء أزمة صامتة اندلعت بين الجزائروالرياض إزاء عدد من الملفات الإقليمية والدولية المصيرية مثل الأزمة السورية التي كشفت تباينًا واضحًا في مواقف الدولتين، حيث تطالب السعودية بتنحي الرئيس السوري بشار الأسد بينما تعتبره الجزائر جزء من الحل وترفض "تسليح" المعارضة والتدخل العسكري. وعلى الصعيد اليمني، رفضت الجزائر الانخراط في التحالف العسكري العربي الذي قادته السعودية في عاصفة الحزم، وقادت وساطة بين فرقاء الأزمة اليمنية رفقة عمان، بينما تحفظت الجزائر قبل أيام على المقترح السعودي في الأممالمتحدة بشأن ملف حقوق الإنسان في سوريا. وسبق للأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني (أبرز المقربين من حكم الرئيس بوتفليقة) أن اتهم صراحة المملكة العربية السعودية بتنفيذ مؤامرة أمريكية ل"خنق" الجزائر بواسطة النفط حتى تتمكن الولاياتالمتحدةالأمريكية من التدخل عسكريًا في ليبيا ومنطقة الساحل الإفريقي، حيث تواجه رفضًا جزائريًا علنيًا. وما يؤكد تناقض مواقف البلدين في عدة ملفات إقليمية، هو رفض الجزائر الانضمام للتحالف العسكري الإسلامي الذي شكلته السعودية، بمبرر أن العقيدة العسكرية للجيش الجزائري تمنعه من المشاركة في أي عمليات خارج البلاد، لكن الموقف أحدث أزمة مع الرياض التي لم تستسغه بحسب تقارير عربية. وتأتي زيارة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى الجزائر، أيامًا قليلة فقط بعد زيارة مسئولين إيرانيين كبار يتقدمهم نائب الرئيس حسن روحاني الذي وقع عدة اتفاقيات اقتصادية وسياسية هامة، وصفها مراقبون بأنها بداية تشكل محورا مناهضا لتحالف السعودية بقيادة الجزائر وطهران. ورغم ما يتسرب من خلافات جوهرية بين الجزائر والسعودية، إلا أن مسئولي البلدين كثيرًا ما ينفون في وسائل الإعلام، وجود أزمة ولا يتأخرون في الإشادة بنوعية العلاقات الثنائية بين أقوى دولتين في المنطقة العربية، غير أن تقاطع مواقف الجزائر وطهران سرعان ما تكشف حقيقة الأزمة الصامتة.