رسائل «عمر حاذق».. والحياة جميلة بالحرية ما زال الكاتب والشاعر عمر حاذق، يدفع ثمن ثوريته ووقوفه في مواجهة الفساد الحكومي، بعد الحكم عليه بالسجن لمدة عاميين وغرامة 50 ألف جنيه، لاشتراكه في وقفة احتجاجية في ذكرى رحيل الشهيد «خالد سعيد»، وتحدد الغد لخوض جولة قانونية جديدة في مسار قضيته، فالأربعاء موعد جلسة النقض. وكأن المثقف الداعم للحرية وتحقيق العدالة الاجتماعية، سيظل في مواجهة دائمة مع السلطة خاصةً البوليسية، ما دامت كلماته لا تأتي على هوى المؤسسة الحاكمة (أي ما كانت)، فلا رضيت عن "حاذق" دولة الإخوان، ولن ترضى أي حكومة عنه طالما كان في مواجهتها. إدانة صريحة «يناير 2014» تضامن مع قضية "حاذق" عدد كبير من المثقفين، فمنهم من تبنى حركة «التضامن مع الشاعر عمر حاذق» على فيس بوك، وأصدروا بيانًا يدين قانون التظاهر الجديد، الذي أكدوا أن إقراره جاء «لخنق الروح الثورية التي ما تزال تحيا وتنبض وتطالب بحقوق الشهداء ومطالب ثورة 25 يناير». أوضح البيان حينها، أن جملة الاتهامات الموجهة للشاعر تؤكد عودة الأساليب الأمنية للسيطرة على مقدرات أبناء وطن ثاروا ضد فساد نظام اغتال خالد سعيد، الذي كان مصرعه على يد جهاز الشرطة الفاسد أحد أسباب ثورة 25 يناير. وتابع «عمر -مع كل المبدعين المصريين- يدفع الآن ثمن الحرية التي نادى بها في شعره، وهي الحبس عامين مع غرامة خمسين ألف جنيه، وهو الشاعر الذي فضح الفساد في أهم مؤسسة ثقافية في مصر وهي مكتبة الإسكندرية، أدان النظام عمر حاذق في حين لم يمس القيادات التي فضح فسادها، ولم يمس قتلة خالد سعيد». كان من بين الموقعين «الشاعر رفعت سلام، الدكتور صلاح الراوي، الكاتب المسرحي سعيد حجاج، الروائي محمد عبد النبي، الشاعر محمد عبد المنعم زهران، الشاعر حسنين السيد حسنين، القاص أحمد شهاب الدين». أمسية تضامنية «يناير 2014» نظمت جبهة الدفاع عن الحقوق والحريات بالإسكندرية، بالتعاون مع مؤسسة جدران الثقافية، أمسية شعرية للتضامن مع الشاعر عمر حاذق، بمركز الكابية الثقافى بالإسكندرية، تضمنت عرض فيلم تسجيلي عنه ورفاقه، الصادر بحقهم هذا الحكم، بهدف بيان حقيقة ما حدث في هذه القضية. كما استمع المشاركون لشهود عيان من أصدقاء عن الواقعة، وقصائد شعرية ل"حاذق". تضامن عربي كبير «فبراير 2014» وقع عدد كبير من شعراء وأدباء ومثقفين «اتحاد أذاعة وتليفزيون الأدب والشعر العربي»،على بيان تضامني، وجاء نص البيان «نحن، الشعراء والمثقفين العرب، نعبر عن تضامننا الكامل مع الأستاذ الشاعر والكاتب العربي عمر حاذق، الذي ظل مثالاً للمثقف الملتزم بقضايا وطنه، وخاصة من خلال مقالاته في جريدة الدستور الأصلي، وجهده في فضح الفساد في مكتبة الإسكندرية، وما تحمله في سبيل ذلك من الفصل من عمله، ثم استمراره في الكتابة الناقدة المتزنة منذ ثورة يناير وحتى اعتقاله». «لا أحب هذه المدينة».. مارس 2014 استضافت دار العين، ندوة خاصة للتضامن مع الشاعر، بمناسبة صدور روايته الجديدة «لا أحب هذة المدينة»، بحضور عدد كبير من المثقفين والشعراء، ونظمت مكتبة الكابينة بالإسكندرية، ندوة لمناقشة الرواية، الصادرة في طبعة خاصة على نفقة مؤلفها السجين، الرواية كانت تقريرًا عن فن البورتريه، صادفه الكاتب على «فيس بوك»، قرأ عنه وعن تاريخ الفن المصرى وتاريخ الدين والأساطير حوالى سنة و3 شهور. تقع أحداث الرواية في أواخر القرن الثاني الميلادي في القاهرةوالإسكندرية، حيث نشأ حورس في إحدى قرى الفيوم، واكتشف موهبته مع جحشه الذي ولد يوم ولادته، فأصبح توأمه ورفيق حياته. المثقفون: «غياب».. أبريل 2014 تغيب المثقفون عن حفل مناقشة الرواية نظمه أتيليه القاهرة دعمًا وتضامنًا مع الشاعر، رغم الدعوات المتكررة على مواقع التواصل الاجتماعي، لحضور الندوة، وكأن التضامن ظل حبيس الفضاء الافتراضي فقط. لاحظ الحاضرون الذين لم يتجاوزا أصابع اليد وأغلبهم من الصحفيين، أن كافتيريا الأتيلية ضجت بالمثقفين، وربما تدور أحاديث جانبية عن حرية الإبداع وضرورة اتخاذ موقف ضد القمع، والتمسك بالاستحقاقات الدستورية. فصل تعسفي.. أبريل 2014 استنكرت النقابة المستقلة للعاملين بمكتبة الإسكندرية، القرار التعسفي الذي اتخذته إدارة مكتبة الإسكندرية، ضد الشاعر عمر حاذق، واعتبرت النقابة أن قرار الفصل يخالف اللائحة المنظمة للعمل بالمكتبة، التي حددت في مادتها رقم (44) الخاصة بأسباب انتهاء الخدمة، إذ حصرتها في تسعة أسباب، جاء في البند الثامن منها ما نصه "الحكم على الموظف بعقوبة جنائية، أو الحكم عليه بالحبس في جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة ولو رُدَّ إليه اعتباره". وتساءل البيان "لماذا يُحاكَم الشباب الثوري على عجل، ويُسجَن، ثم يُفصل من عمله، ويُدمَّر مستقبله، أما الكبار فلا يُحاكمون ويستمرون في مناصبهم قابعين على صدور الشباب، شباب الناس وشباب المؤسسات؟ فلنا الله في الدنيا والآخرة.. فهل من مستجيب من مسئولي الدنيا؟ أم هو الصمت والخذلان؟!". مقاطعة مكتبة الإسكندرية.. أبريل 2014 بعد قرار الفصل، ناشدت مجموعة كبيرة من المثقفين والفنانين، مقاطعة أنشطة مكتبة الإسكندرية، كرد فعل على هذا القرار، وجاء في بيانهم: في 2 ديسمبر 2013، شارك الشاعر عمر حاذق في وقفة احتجاجية أثناء جلسة لمحاكمة قتلة خالد سعيد، الذي لولاه لظل مبارك رئيسًا والعادلي جلادًا وطنطاوي وزيرًا للدفاع والسيسي مديرًا للمخابرات الحربية، ولو تجاوز مبارك "جمعة الغضب"، لعقد إسماعيل سراج الدين سلسلة ندوات ومؤتمرات عن حكمة الزعيم وقدرته على إدارة الأزمة، والقضاء على فوضى كادت تقضي على مسقبل مصر، شاءت إرادة الشعب أن يفشل مبارك في الاختبار ويخلع، ونجحت 25 يناير مرحليا، ولكنها فشلت إلى الآن في مادة الحرية التي كانت شعارا لها، بدليل سجن الشاعر عمر حاذق عامين، وما زال قتلة الثوار في 25 يناير طلقاء. عمر حاذق في الفن ميدان احتفى مهرجان الفن ميدان -قبل وقفه من قبل الحكومة المصرية- برواية «روائي المدينة الأول»، للكاتب السجين، الصادرة عن دار الكتب خان، الذي يرصد فيها جوهر الصراع الإنساني، ودور "الشهوة" في قيادة المجتمعات بشكل مغاير للمألوف ومباغت، يتيح إعادة تأمّل الكثير من الفرضيات المسبقة، واتخاذ موقف واعٍ يتخطّى الحِكَم المُعلّبة، والتصوّرات سابقة التجهيز، والسلطة الأبوية، التي تُفرض علينا بمجرد وصولنا للحياة. رسائل «عمر حاذق»… والحياة جميلة بالحرية لم يترك "حاذق" قلمه جانبًا، بل ظل بالنسبة له بوابته لعبور القضبان، ووسيلته للتواصل مع العالم، فكتب لقراءه عددًا من الرسائل، وفضل أن يوجهه رسالته السابعة من سجن برج العرب، إلى الغلابة والبسطاء الذين لا يتابعون السياسية ويفضلون المشي جنب الحيط، حثهم فيها على متابعة ما يحدث خلف القضبان للكثير من الثوار، وعلى رأسهم الناشطة ماهينور المصري المعتقلة بسجن الأبعدية بدمنهور. جاءت رسالة «حاذق» بعنوان "إلى المواطن المصري على كنبة كأس العالم..صباحك حرية"، قال فيها: هذا صباح لطيف، صباح الخميس 12/6/2014، منذ قليل فرغت من مراجعة البروفة الرابعة من روايتي الجديدة، التي بدأتها في سجن الحضرة، على ضوء شمعة وأكملتها هنا في سجن الغربانيات- برج العرب، من عادتي أن تكون نصف الكتابة أو أكثر في المسودة الأولى، ثم في البروفات يكتمل النص بعد التعديل حذفًا وإضافة، لذلك أظن أن هناك بروفة خامسة أو سادسة، ظهرت ملامح الرواية الآن واضحة، وأنا شديد الفرح بها، صباحكم محبة إذن، يا أصدقائي القليلين ويا إخوتي الكثيرين في محبة هذا الوطن. مع ذلك، هناك سبب آخر يجعل هذا الصباح لطيفا، عرفت البارحة أن اليوم بداية المونديال، الذي يفرح به الملايين، لا أحب كرة القدم، وأكره صناعتها الرأسمالية غير الرشيدة، سيفرح ملايين الفقراء بانتصارات وهمية لمنتخبات بلادهم، ليفرح الغلابة الذين لا يجدون أسبابا حقيقية، صادقة، ليفرحوا، هؤلاء الغلابة والبسطاء الذين لا يتابعون السياسة ويفضلون "المشي جنب الحيط" وأحيانا داخل الحيط نفسه، هؤلاء هم الذين أخاطبهم هنا. أذكر، قبل 30 يونيو بأيام، دار حوار طويل على الفيس بوك على حائط زميل وصديق بمكتبة الأسكندرية عن المشاركة في 30 يونيو، أذكر الآن أنني كتبت مهما تعدد الخلاف حول المشاركة سأشارك، لأن ملايين الفقراء ثاروا على نظام "مبارك" حالمين بحياة أفضل، فازدادوا فقرًا، وهذا سبب كاف للثورة على أي رئيس ولو كان منتخبًا. أقول لك أيها الفقير، يا أخي، حين تجهز كوب شايك وباكو بسكوت من أبو 1/2 جنيه، وحين تشغل المروحة القديمة وتجلس على الكنبه أمام التلفزيون اللي بالقسط، حين تنبهر برقصات السمبا في حفل الافتتاح، حين لا تملك نفسك من شدة الانفعال بجون ملعوب أو ترقيصة محكمة، فتهلل أو تهتف أو تشتم، حين ينتهي ماتش جامد جدًا، وتقوم بصينية الشاي والباكو الفارغ، أو تقوم من على القهوة مع أصدقائك لتعودوا وأنتم تستكملون تحليل الماتش، حين يحدث شيء من ذلك ، فافرح، هنيئا لك الفرح، لكني من هنا أريدك أن تفكر في فكرة صغيرة، بسيطة، ملهمة. فكر في فتاة استثنائية اسمها ماهينور المصري، مسجونة حاليًا في سجن الأبعدية بدمنهور، بسبب جريمة واضحة فاضحة: أنها تحلم لك بغد أجمل، أكثر حرية وعدلاً وكرامةً، «ماهينور» التي قادت مظاهراتنا منذ نظام مبارك، التي علمتني الكثير، مسجونة لأنها تدافع عن أحلامها، لا أخاف عليها لأني أعرفها جيدًا. عرفت الآن، أن علاء عبدالفتاح ورفاقة حكم عليهم بالسجن 15 سنة، فكر أيضا في مئات الشباب الذين دفعوا حياتهم والآلاف الذين دفعوا عيونهم واصاباتهم ثمنا لحريتنا، لحريتك وحريتي، فلا تنس ذلك ولا تضيع حقوقك يا أخي الفقير لأن الحياة جميلة بالحرية. بورترية عمر عبد العزيز حسين على حاذق، فاز مناصفة بجائزة الدكتور عبد الله باشراحيل لإبداع الشباب بمصر، في فرع أفضل ديوان شعر عن ديوانه المخطوط "كما أنت حلوة"، في دورتها الأولى عام 2005. كما صدر له ديوان "أصدق شمس الشتاء" عن دار أرابيسك، وديوان "فضاءات الحرية"، ديوان شعر مشترك بينه وبين الشاعر البرتغالى تياجو باتريشيو والشاعر الإيطالى نيكى داتوما والشاعر عبد الوهاب العزاوى، صدر بالعربية والإنجليزية عن سلسلة يدوية في بداية 2011. وشارك في العديد من المهرجانات والمسابقات الشعرية، وحصل على درع أمير الرومانسية في مسابقة أمير الشعراء، وكتب عن شعره العديد من النقاد والشعراء.