«يا أخي، حين تجهز كوب شايك وباكو بسكوت، وتشغل المروحة القديمة وتجلس على الكنبه أمام التلفزيون اللي بالقسط، ولا تملك نفسك من شدة الانفعال بجون ملعوب أو ترقيصة محكمة، فتهلل أو تهتف أو تشتم.. هنا أريدك أن تفكر في فكرة صغيرة، بسيطة، ملهمة، فتاة استثنائية اسمها ماهينور المصري، مسجونة بسبب جريمة واضحة فاضحة «أنها تحلم لك بغد أجمل».. هذه الكلمات جاءت في الرسالة السابعة لعُمر حاذق من محبسه بسجن برج العرب. وأضاف «حاذق»: «علاء عبدالفتاح ورفاقه من حُكم عليهم بالسجن 15 سنة، مئات الشباب الذين دفعوا حياتهم والآلاف الذين دفعوا عيونهم.. فلا تنس ذلك ولا تضيع حقوقك يا أخي الفقير، لأن الحياة جميلة بالحرية». السجين عمر حاذق كتب رسالته بالتزامن مع كأس العالم وقضائه لحكم بالحبس عامين، وتغريمه 50 ألف جنيه- مع 4 آخرين من بينهم ماهينور- بعد مشاركتهم في وقفة احتجاجية في ديسمبر الماضي؛ للمطالبة بإعدام قتلة شهيد الطوارئ خالد سعيد. وقد حصلت «بوابة الشروق» على النصّ الكامل للرسالة: «هذا صباح لطيف، صباح الخميس 12/6/2014، منذ قليل فرغت من مراجعة البروفة الرابعة من روايتي الجديدة، التي بدأتها في سجن الحضرة، على ضوء شمعة وأكملتها هنا في سجن الغربانيات- برج العرب، من عادتي أن تكون نصف الكتابة أو أكثر في المسودة الأولى، ثم في البروفات يكتمل النص بعد التعديل حذفًا وإضافة، لذلك أظن أن هناك بروفة خامسة أو سادسة، ظهرت ملامح الرواية الآن واضحة، وأنا شديد الفرح بها، صباحكم محبة إذن، يا أصدقائي القليلين ويا إخوتي الكثيرين في محبة هذا الوطن». «مع ذلك، هناك سبب آخر يجعل هذا الصباح لطيفا، عرفت البارحة أن اليوم بداية المونديال، الذي يفرح به الملايين، لا أحب كرة القدم، وأكره صناعتها الرأسمالية غير الرشيدة، سيفرح ملايين الفقراء بانتصارات وهمية لمنتخبات بلادهم، ليفرح الغلابة الذين لا يجدون أسبابا حقيقية، صادقة، ليفرحوا، هؤلاء الغلابة والبسطاء الذين لا يتابعون السياسة ويفضلون (المشي جنب الحيط) وأحيانا داخل الحيط نفسه، هؤلاء هم الذين أخاطبهم هنا 175». «أذكر أنه قبل 30 يونيو بأيام، دار حوار طويل على الفيس بوك على حائط زميل وصديق بمكتبة الإسكندرية عن المشاركة في 30 يونيو، أذكر الآن أنني كتبت مهما تعدد الخلاف حول المشاركة سأشارك، لأن ملايين الفقراء ثاروا على نظام مبارك حالمين بحياة أفضل، فازدادوا فقرًا، وهذا سبب كاف للثورة على أي رئيس ولو كان منتخبًا». «أقول لك أيها الفقير، يا أخي، حين تجهز كوب شايك وباكو بسكوت من أبو 1/2 جنيه، وحين تشغل المروحة القديمة وتجلس على الكنبه أمام التليفزيون اللي بالقسط، حين تنبهر برقصات السامبا في حفل الافتتاح، حين لا تملك نفسك من شدة الانفعال بجون ملعوب أو ترقيصة محكمة، فتهلل أو تهتف أو تشتم، حين ينتهي ماتش جامد جدًا، وتقوم بصينية الشاي والباكو الفارغ، أو تقوم من على القهوة مع أصدقائك لتعودوا وأنتم تستكملون تحليل الماتش، حين يحدث شيء من ذلك، فافرح، هنيئا لك الفرح، لكني من هنا أريدك أن تفكر في فكرة صغيرة، بسيطة، ملهمة». «فكر في فتاة استثنائية اسمها ماهينور المصري، مسجونة حاليًا في سجن الأبعدية بدمنهور، بسبب جريمة واضحة فاضحة: أنها تحلم لك بغد أجمل، أكثر حرية وعدلاً وكرامةً، (ماهينور) التي قادت مظاهراتنا منذ نظام مبارك، التي علمتني الكثير، مسجونة لأنها تدافع عن أحلامها، لا أخاف عليها لأني أعرفها جيدًا». «عرفت الآن أن علاء عبدالفتاح ورفاقه حُكم عليهم بالسجن 15 سنة، فكر أيضا في مئات الشباب الذين دفعوا حياتهم والآلاف الذين دفعوا عيونهم وإصاباتهم ثمنا لحريتنا، لحريتك وحريتي، فلا تنس ذلك، ولا تضيع حقوقك يا أخي الفقير لأن الحياة جميلة بالحرية».