إن الأمم تمر بمحن عبر تاريخها .. فالأمم الأصيلة تصقلها المحن وتمحصها ، وتخرج منها خروج الذهب من النار صافيا من الشوائب . ولقد مرت مصر عبر تاريخها القديم والحديث بمحن كثيرة نتاج موقع استراتيجي فريد جعلها مطمعا لقوى الاستعمار .لكن لم تزدها المحن إلا صلابة وقدرة على الصمود . لقد كانت هزيمة 1967 هزيمة موجعة أدمت القلوب قبل العيون وهيئ للعالم بأسره أن مصر في حالة انكسار وأن مدها العروبي والقومي الى انحسار . وغاب عنهم أن الشعب الذى عرف التوحيد مع فجر التاريخ وسكن الإيمان أرضه لايعرف اليأس ولايتسرب إليه القنوط نسوا وتناسوا أن مصر مهد النبوة وأرض الحضارةومصنع الرجال وإذا بالشعب يلقنهم الدرس الأول فينتفضوا عن بكرة أبيه رافضا الهزيمة ملتفا حول القيادة كان هذا هو رد الشعب فأعاد للقوات المسلحة روحها ورفعمعنوياتها فكان الرد القوات المسلحة عنيفا بمعركة "العش" التي أثبتت أن الجيش المصري ورجاله المؤمنين لا يعرفون الانكسار لغير الله تعالى ثم كان لخروج الشعبصدى آخر عند رجال البحرية المصرية بضرب المدمرة "إيلات" وكان الرد الثالث قويا وهو ضرب ميناء "إيلات" عبر الضفادع البشرية للقوات المسلحة. . لقد كانت الهوة سحيقة والفرق كبير بين القوات المصرية والعدو الصهيوني الغادر والذي مولت ترسانته العسكرية الولاياتالمتحدة والدول الأوربية جمعاء على اعتبارأن اسرائيل هي الدولة الوظيفية لصالح الغرب في المنطقة ، ومع الفارق الكبير في العتاد والسلاح كان هناك فارق معنوي لصالح الجندي المصري ،الا وهو سلاح الايمانسلاح الإرادة وهما عاملان رئيسيان لا يمكن الانتصار بغيرهما كأني بجنود مصر البواسل وهم يرددون قوله تعالى: رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)..) وكأني برد السماء عليهم (فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّه).. لقد حارب المصري من أجل وطنه ومن أجل حدوده بدافع من دينه وعقيدته يعلم أنه يمشي في طريقين إما النصر واستعادة شرف الوطن وكرامته وإما الشهادة والحياةالخالدة.. (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ) والعدو الصهيوني لا تتوفر له هذه العناصر فهو غاصب محتل قاتل يهاب الموت.. ( وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْيَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ)… فمعنوياته لا ترقى إلى مستوى خير أجناد الأرض أصحاب الشهادة المحمدية حراس الدين وحراس الأوطان . إن خروج الشعب رافضا الهزيمة وتحرك صدى هذا الرفض إلى القوات المسلحة المصرية فتتولد إرادة شعبية جمعية لاسترداد الكرامة والزود عن حياض الوطن وهناتتدخل إرادة الله لنصرة هذه الإرادة التى حولت المستحيل حقيقة وعبرت قناة السويس وهدمت خط بارليف وحققت معجزة بكل المقاييس العسكرية العالمية لتثبت أن إرادةالشعوب من إرادة الله. *الشيخ الدكتور – حسن عبد البصير من أئمة وزارة الاوقاف إمام وخطيب مسجد الشهداء بالإسكندرية