لو أن العبقري الراحل ' أسامة أنور عكاشة' كان حياً يرزق اليوم، لشاهد بعينيه أجزاء سيناريو جديد لمسلسله ' الراية البيضا' علي أرض الاسكندرية أيضا، ولكن في وسط البلد هذه المرة وليس في لوران 'فيللا أبو الغار'، واقعة اليوم ' وما أشبه الليلة بالبارحة' تدور أحداثها في مبني عريق عمره أكثر من مائة عام، يعرفه أهالي الثغر قبل المثقفين، وهو قبلة صفوة الأدباء والشعراء والفنانين، ' أتيليه الاسكندرية' الذي يحتضن أهم الأنشطة والفعاليات الثقافية والفنية بالاسكندرية، خرج من بين جدرانه عباقرة الفنانين والأدباء السكندريين، وبصرف النظر عن الطابع الأثري للمبني العريق الذي يقع في منطقة وسط البلد وبالتحديد في شارع الفراعنة بمنطقة ' الأزاريطة'، استيقظ الأهالي علي صوت أجش ل'معاول الهدم' تقوم بهدم أجزاء من المبني.. وسرعان ما اندلعت حمي المكالمات ورسائل الواتس آب وتأججت مواقع التواصل الاجتماعي تنديدا بالواقعة.. ثم توافد عشرات المثقفين في محاولة يائسة لإنقاذ مأواهم العتيق المؤامرة تبدأ التفاصيل ' بحسب الصفحة الرسمية للأتيليه' تحت عنوان عاجل والأهمية عما وصفته الصفحة ب ' مؤامرة' هدم مبني اتيلية الاسكندرية من جانب المالك، وأعلنت الصفحة عن اقتحام مبني اتيلية الاسكندرية من قبل المالك والورثة وتم كسر باب 'مرسم الغمري' الملحق بالحديقة الخلفية بالاتيلية.. وكذلك بداية تحطيم وهدم الباب الخلفي للاتيلية، وطالب الدكتور محمد رفيق خليل رئيس الاتيليه بالتدخل السريع من قبل المسئولين عن الثقافة والآثار لوقف ما أطلق عليه المثقفون ' مذبحة الثقافة' لصرح ثقافي بحجم ' أتيليه الاسكندرية' الذي يضم في عضويته أكثر من ألف مبدع سكندري بين شاعر وأديب وفنان تشكيلي '' مركز الاسكندرية للابداع '' ومن جانبه أصدر مركز الاسكندرية للابداع بيانا أدان ما وصفه ب'الاعتداء السافر' علي اتيلية الاسكندرية. الذي تم أمس باقتحام مجموعة من الاشخاص وقيامهم بهدم السور الخلفي لمبني المراسم الملحق بالاتيليه واقتحام البوابة الخلفية، وتدمير عدد من الاعمال الفنية المملوكة لفنانين سكندريين، ويأتي الاعتداء ' بحسب البيان ' كحلقة في سلسلة الاعتداءات الغاشمة لأصحاب رأس المال وأصحاب المصالح لتجريف المدينة من منشآتها الثقافية ومبانيها التاريخية، غير مبالين بما للاتيليه من قيمة فنية وتاريخية وما للمبني من قيمة معمارية وأثرية. وعلي ذلك يعلن مجلس إدارة المركز تضامنه الكامل مع إدارة وأعضاء اتيليه الاسكندرية، وقرر المركز أنه في حالة إنعقاد دائم لمتابعة الوضع، ويهيب بالزملاء من المبدعين والمثفين، تقديم الدعم اللازم لمواجهة هذه الاعتداءات ومن جانبه طالب الدكتور سمير غريب رئيس جهاز التنسيق الحضاري السابق بتفعيل القانون 144 لسنة 2006 والذي قام بتسجيل مبني الاتيليه ضمن المباني المتميزة مما يمنع الهدم والبناء في حديقته مشيرا لوجود لجنة لهذا القانون في المحافظة.. ولكن الطريف ان هاني المسيري محافظ الاسكندرية 'الذي سمح بإزالة أكشاك الكتب والصحف بمحطة الرمل والتي يتعدي عمرها 50 عاما ' لا يعلم شيئا عن حقيقة ما يجري من مذابح ثقافية علنية آخرها الاتيليه.. ''بلاغ للنائب العام بتعرية الاسكندرية '' 'مجدي فكري ' كبير مذيعي إذاعة الاسكندرية بدأ حديثه ل ' الأسبوع' قائلا : لا يمكن السكوت علي هذا الأمر، لا بد من بدء تنفيذ خطوات عملية أولها تقديم بلاغ عاجل للنائب العام، ووزارة الآثار ، لأن أتيليه الاسكندرية صرح الفنون والثقافة الذي شهد تاريخ الحركة التشكيلية في الاسكندرية، مع التأكيد علي الاحتشاد أمام مكاتب المسئولين وأولهم محافظ الاسكندرية لعمل ضغط شعبي من المثقفين وتنظيم اعتصام مفتوح أمام الاتيليه لمنع هدمه، ولا بد من حراك قوي يهز الرأي العام ، مطالبا برفع دعوي عاجلة ضد من يحاولون هدم هذه القلعة الثقافية والحضارية العريقة يوافقه الرأي، الي حد ما، الشاعر ' أيمن صادق' بأن الاعتصام أحد الحلول التضامنية ولكنه وصفها ب' غير المجدية' امام شراسة المتآمرين ' علي حد وصفه ' لأن هناك مؤامرة لتعرية الاسكندرية إن لم يكن تجريفها من كل مظاهرها الحضارية والثقافية. ''التصعيد مستمر '' يلتقط طرف الحديث الشاعر ' ميسرة صلاح الدين' مشيرا الي ان التصعيد مستمر وسوف يتم عقد لقاء موسع طاريء للمثقفين الذين بدأ بعضهم بالاعتصام بالفعل في الاتيليه.. مؤكدا علي ضرورة التواصل القوي مع مجلس ادارة الاتيليه كأحد الاطراف القانونية في الصراع لدعم خطواته بشكل عملي بعد أن تم هدم المرسم الخلفي للاتيليه تحت حماية البلطجية، وطالب ميسرة بجمع توقيعات من المثقفين علي بيان عاجل يتم تقديمه للمسئولين خاصة وأن الاتيليه تواصل مع وزير الثقافة '' يأس '' رأي مخالف تماما بنبرة حزينة للناقد والشاعر محمد مخيمر قائلا : انا اسف لو كلامي هيوجعكم, احتشاد ايه اللي بتتكلموا عنه واكبر احتشاد في اي ندوة لا يتعدي ' العشرة' إلا ما رحم ربي.. احتشاد ازاي وهناك من الشللية والعداوات ماجعل الوسط الادبي مرتعا للاحقاد.. إحتشاد مين؟ النخبة المثقفة أم انصاف المواهب التي ملأت الدنيا؟ ياريت يكون في موقف حقيقي يجمعنا بدون حسابات ياريت الاتيليه مايهجرناش بعد ما كلنا هجرناه!! علي الجانب الأخر ظهرت صفحة علي الفيس بوك أطلق عليهم الصفحة الرسمية لملاك مبني الآتيليه، قالوا في تدوينة نحن ملاك مبني الاتيليه نطالب جميع المسئولين والجهات المعنية بسرعة وقف التعديات علي الاثر من قبل جماعة الفنايين والكتاب وهم من اغلق الابواب الحديدية لمنع الملاك من الانتفاع من مسكنهم. فضة المعداوي الأجمل و قرر المستشار القانوني للملاك انه سيقوم بأبلاغ النيابةالعامة عن الواقعة، كما اطلق ملاك العقار عبر الصفحة دعوة من ملاك العقار الذين يقدرون الثقافة والفن الي جميع المسئولين ''ساعدونا في احياء المكان واعادة دهانه وترميمه، والغريب ان ملاك وورثة المبني وصفوا الادباء والفنانين ب'النصابين' ويبدو أن 'فضة المعداوي' في خيال اسامة انور عكاشة كانت أقل شراسة وأكثر جمالا من الواقع.