يعد سقوط مدينة تل أبيض الاستراتيجية في أيدي المقاتلين الأكراد وطرد مسلحي 'تنظيم الدولة' منها، بمثابة ضربة لتنظيم داعش الذي يقاتل للحفاظ علي طريق الإمداد الرئيسي بين محافظة الرقة والحدود التركية، فيما يظهر الأكراد كقوة قتالية ذات نفوذ في سوريا تزعج تركيا. فالمدينة لها أهمية استراتيجية ل'تنظيم الدولة' منذ فترة، ووصفت بأنها البوابة إلي الرقة، التي تعتبر المعقل الرئيسي للتنظيم المتطرف في سوريا، وتمثل نقطة عبور رئيسية للأسلحة والمقاتلين الأجانب وكذلك لعبور النفط الذي يباع في السوق السوداء. وتكمن أيضا أهمية المدينة الحدودية في أنها تمثل شريان الحياة الرئيسي ل'تنظيم الدولة'، حيث تربط مدينة الرقة بالعالم الخارجي عبرها، وتعد المركز المالي واللوجستي لداعش. وتقع مدينة تل أبيض علي بعد نحو 85 كلم شمال مدينة الرقة، وبخسارة التنظيم هذا المركز سيكون من الصعب جدا عليه تهريب مسلحين وبيع النفط والمتاجرة بسلع أخري يتاجر فيها حاليا. كما تبعد تل أبيض مسافة 70 كلم فقط شرق بلدة كوباني، التي تسكنها غالبية من الأكراد، وشهدت قتالا استمر اشهرا قبل أن تتمكن القوات الكردية من طرد عناصر 'تنظيم الدولة' منها. وخلال الأشهر الثلاثة الماضية تمكنت القوات الكردية من السيطرة علي أكثر من 50 قرية وبلدة في الريف الشمالي الغربي لمحافظة الرقة. وكان التقدم الكردي في السابق قد أثار انتقادات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إذ ترتبط القوات الكردية السورية التي تقاتل 'تنظيم الدولة' بحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا. وتأتي انتقادات أردوغان بسبب مخاوفه من تصاعد 'المشاعر الانفصالية' بين الأكراد في جنوب شرق البلاد، وسيطرة الأكراد علي تل أبيض بعد كوباني، يظهر الأكراد كقوة قتالية في وجه تركيا. فالمقاتلون الأكراد باتوا يسيطرون علي مواقع كثيرة من شريط حدودي بطول 400 كيلومتر، يمتد من ريف حلب الشمالي الشرقي في شمال سوريا وصولا إلي مثلث الحدود السورية التركية العراقية، باستثناء معبر القامشلي في محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا. ومن شأن تمدد السيطرة الكردية من الشرق إلي المناطق الكردية شمال غربي سوريا، أن يعزز شعور الأكراد بقوتهم، ولن يكون هذا التأثير بعيدا عن الأكراد الأتراك، إضافة إلي تبخر أحلام تركية غير معلنة في بسط السيطرة علي شريط حدودي داخل سوريا بأي طريقة.