لا عجب، ولا غرابة، في ان أجهزة المعلومات والمخابرات التابعة للدول الغربية تتخبط بشكل مثير للشفقة فيما يتعلق بالشئون العربية والشرق أوسطية -لا عجب بالمرة ولا غرابة مادام مسئولوها من أمثال أليستير كروك الذي كان ضابطا للمخابرات البريطانية في منطقة الشرق الأوسط، واحترف الكتابة بعد تقاعده فقام بتأليف ثلاثة كتب: »المقاومة«، و»جوهر الثورة الإسلامية« و»إنه يدير منتدي مناقشة الصراعات في بيروت«!! وبعد هذه الانجازات المخابراتية والسياسية والأدبية، خرج علينا كروك بمقال نشرته صحيفة الهيرالد تريبيون منذ أيام بعنوان يقول: »تضاؤل نفوذ مصر«، وفي هذا المقال يقول الكاتب، كما هو واضح من عنوان المقال، ان مصر فقدت نفوذها في المنطقة، وانه لم يعد هناك زعيم مثل جمال عبدالناصر الذي كان يسيطر علي الشارع العربي بأكمله، وانه بعد أزمة أسطول الحرية استطاعت تركيا ان تملأ هذا الفراغ الذي نتج عن انكماش وتضاؤل النفوذ المصري، وان القضية الفلسطينية تنساب الآن من بين أيدي المصريين، وان اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل أصبحت تمثل مشكلة بالنسبة للفلسطينيين والعرب، ولا تمثل حلا من أي نوع و بأي شكل من الأشكال! ومنذ سنوات طويلة، طويلة، تعودنا نحن المصريين ان نتحمل آراء الآخرين ووجهات نظرهم المختلفة، وفي هذا السياق كان يمكن ان نأخذ كلام مسئول المخابرات البريطانية السابق علي محمل الجد، وان نبحث هذه الآراء بجدية واهتمام، ولكن ان يكون هذا الكلام كله هو ما كتبه السيد عبدالباري عطوان رئيس تحرير صحيفة القدس العربية -وكلنا نعرف السيد عبدالباري عطوان جيدا من مقالاته وأحاديثه المكثفة في التليفزيونات العربية، وبالذات تليفزيون »الجزيرة«- ان يكون الأمر كذلك فلابد ان يكون مثل هذا التوجه هو السبب الرئيسي والأساسي وراء فشل أجهزة المعلومات والمخابرات الغربية في فهم ومعرفة ما يجري في هذه المنطقة من العالم.. ولو ان الفشل هنا يطول أيضا الأجهزة الرسمية للإعلام في جميع الدول العربية التي تلوذ بالصمت المطبق علي جرائم سافرة يرتكبها أمثال عطوان في حق الجميع.. وليس في حق مصر وحدها!