قال الكاتب البريطاني المتخصص في شئون الشرق الأوسط روبرت فيسك أنه مندهش لتجنيد وكالة المخابرات المركزية (سي آي أي) لأردني ليعمل لحسابها في أفغانستان، مما يدل على أن الوكالة لا تعي ما يحدث في الشرق الأوسط. وقال فيسك في مقاله بصحيفة "ذي إندبندنت" إن ضابطا كبيرا في القوات الخاصة الأمريكية يدير مكتبا في السفارة الأمريكية بعمان لشراء المعلومات من ضباط المخابرات والجيش الأردنيين مقابل النقود، ويساعد في تدريب قوات الشرطة والجنود العراقيين والأفغانيين. والمعلومات التي يبحث عنها الضابط الأمريكي لا تتعلق بتنظيم القاعدة وحسب، بل بالأردنيين أنفسهم وعن ولاء الجيش للملك عبد الله الثاني، وكذلك عن الأشخاص المناهضين لأمريكا الذين يعيشون في الأردن، خاصة العراقيين منهم، واتصالات القاعدة في العراق بأفغانستان. وشراء ضباط الجيش، حسب تعبير فيسك، ليس بالأمر الصعب في الشرق الأوسط، حيث أن الأمريكيين قضوا الكثير من عامي 2001 و2002 في شراء أمراء الحرب بأفغانستان، ودفعوا أيضا للجنود الأردنيين من أجل الانضمام إلى جيش الاحتلال في العراق، وهو السبب الرئيس الذي كان وراء تفجير السفارة الأردنية في بغداد من قبل أعداء واشنطن. وبالنسبة لما فعله "عميل سي آي إيه المزدوج" الأردني همام خالد البلوي الذي فجر عشرين من عملاء الوكالة الأمريكيةبأفغانستان، شأنه في ذلك شأن العديد من التابعين للقاعدة، فقد كان عملا روتينيا، كما يصفه فيسك. وقال إن البلوي تمكن من العمل بشكل مزدوج لأن معارضى السياسة الاستعمارية الأمريكية استطاعوا اختراق حلفاء واشنطن من قوات المخابرات العربية، مشيرا إلى أن زعيم تنظيم القاعدة في العراق أبو مصعب الزرقاوي الذي قتل في العراق كان على صلة مع المخابرات الأردنية. فالغموض في عملية البلوي بخوست الأفغانية لا يكمن في وجود عميل مزدوج داخل جهاز أمني أمريكي في الشرق الأوسط، بل يكمن في كيف يتم استخدام عميل أردني في أفغانستان؟ ولا سيما أن القليل من العرب يعرفون لغات البشتون أو الأوردو في حين أن كثيرا من الأفغانيين ينطقون العربية. وهذا يدل، حسب فيسك، على وجود روابط متينة بين رجال المقاومة فى العراق المناهضين لأمريكا في عمان، ونظرائهم في أفغانستان، وأنهم قادرون على صنع الأصدقاء تماما كما تفعل أمريكا. وأشار الكاتب إلى أن الرغبة الأمريكية في أن يحبها الآخرون ويخشونها في نفس الوقت، ضللت أجهزة المخابرات بحيث يغالون في الصداقة لمن يتظاهرون بالولاء لهم، ويفرطون في استهداف أعدائهم المفترضين. واختتم الكاتب بأن مشكلة (سي آي إيه) في الأردن هي أن الوكالة تعمل مع الأردنيين الذين، وإن قبلوا أموالها، يملكون العديد من الأسباب التي تجعلهم يرفضون سياسات واشنطن والملك عبد الله الثاني. كما أن الأقلية الكبيرة في جهاز المخابرات الأردنية تعود في أصلها إلى فلسطين وتعتقد بأن الدعم المطلق للكيان الصهيونى دمر بلدهم وحطم شعبهم.