كلهم يتحدثون باسم مصر وباسم ميدان التحرير وباسم الملايين، ولا أعلم من أين جاءوا بهذه الثقة وهذا الادعاء وهذه القدرة الفذة علي الاجتراء والتجاوز الذي يصل لحد الفجر والفجور باسم الوطن والدين والتاريخ والجغرافيا والظلم والقهر، يبدو لي أن أناساً كانوا في غيبوبة من الواقع والزمن،. كانوا في جب عميق كجب يوسف أوكهف مريب مثل كهف أهل الكهف الذين مكثوا فيه سنين عدداً وخرجوا يتخبطون وبالكلمة العامية "يلوشون" وفي كل اتجاه يصوبون سهامهم ويقذفون أحجار كلامهم، صارت مصر بالنسبة لهم مجتمعاً من الكفار "المسيحيين" أوالمسلمين الفجرة الذين يمارسون الفحشاء في كل حديقة أوبيداء. صرنا جميعاً متهمين بأننا دولة الشرك وأن علي هؤلاء الملائكة أصحاب الفضيلة الذين ينتمون لتيارات الإسلام السياسي أن يدخلوننا في ديننا علي طريقتهم وطريقتهم فقط .. يا عم القرآن قال (ادفع بالتي هي أحسن ) لأ عندما نصل للحكم سنلزم المرأة بالمكوث في المنزل ونلغي السياحة الشاطئية التي تمثل 87٪ من مجمل السياحة في مصر ويستفيد من ريعها ودخلها عشرون مليون مواطن . هذا هوحديث السلفي المتطرف الذي اتصل ببرنامج عمروالليثي وقال له : نحن غير الاخوان .. نحن نريد تطبيق الحدود . يا عم الحدود لم تطبق طوال ألف واربعمائة عام إلا مرات محدودة والفقهاء قالوا إنها جاءت للروع وسيدنا عمر بن الخطاب أوقف حد السرقة في عام الرمادة .. لا .. نحن نعلم ما هوالإسلام الصحيح وانتم لا تعلمون، وصرخ الرجل في البرنامج كأنه في كل عبارة يقرصه ثعبان والعياذ بالله ومنذ أيام سألت أخا سلفيا معتدلا لماذا يا أخي لا تضحكون لماذا هكذا تظهرون مكشري الانياب ومتوعدين لنا بالويل والثبور. إن من صفات النبي كما ورد عن الأثر انه كان بسوماً بشوشا.. والحديث يقول الابتسامة في وجه أخيك صدقة. فصمت قليلاً ثم قال وفي هذه المرة ابتسم: يا أخي كثرة الضحك تميت القلب. فقلت له أنا لم أطلب منك أن تتحول لمونولوجست بل مجرد ابتسامة .. النبي تبسم . وبالمناسبة الأخ مرسي زعيم حزب الحرية والعدالة زعل مننا عندما نشرنا العدد الماضي انه لا يبتسم مطلقاً . واتصل بنا متحدثاً عنه وقال ابعتلك صورته وهو بيضحك فضحكت وقلت له يا ريت وسوف انشرها فوراً وأتحدي لو وجدت له صورة وهو يضحك مع ان الأمام حسن البنا له صورة وهويبتسم ويضحك أمام الملك فاروق. قد يري القارئ انني أهزل هنا في موطن الجد خصوصاً وعنوان المقال عن التطرف وموجاته ولكني أؤكد انني في صميم الموضوع إن حديث السلفيين من المتطرفين الآن هوأحدث موجة من موجات التطرف المصري الوهابي لان للتطرف موجات مثل الثورات، ونحن سعدنا وفرحنا بالموجة الثانية من الثورة التي آتت ثمارها وأكلها واستجاب المجلس العسكري لطلبات الشعب والقوي السياسية بعدها لكن لم نسعد بما لحقها من موجات للمتطرفين الجدد لانهم ظهروا اكثر قسوة بنا وضراوة بأجيالنا ورزق أولادنا وأكثر ظلماً باخواننا في الوطن من المسيحيين الاقباط لانني كما ذكرت سابقاً مسلم قبطي آي مسلم مصري، إن لهجة التعالي ونبرة الغرور التي ظهرت لدي رموز الاخوان مؤخراً تجعلك تضع يدك علي قلبك وعقلك، وأقرأ جيداً تصريحات المرشد السابق مهدي عاكف وتصريحات زملائه في هذا الصدد واقرأ ايضاً فتاوي السلفيين واراءهم في استاذنا وعمنا نجيب محفوظ وفي السياحة والآثار والمرأة والإعلام والثقافة والأدب والتعليم بل والرياضة نعم، خلال الايام الماضية سمعت وقرأت فتاوي عن ممارسة المرأة والاطفال للرياضة حرمت فيها أنشطة الباليه والباليه المائي والفروسية للمرأة والسباحة والباسكت بول وغيرها وهو ما لم نسمعه من قبل وأقول هذا لانني عاصرت مثلاً موجة تحريم الغناء أواخر الثمانينيات وذهبت بنفسي لاجراء حوار مع الإمام الشيخ محمد الغزالي هذا العظيم المستنير وأجريت معه حواراً وغامر المرحوم محمد جلال ونشره علي غلاف المجلة عام 89 وكان عنوانه الغناء ليس حراما أنا أسمع أم كلثوم وفيروز .. وكان الحديث مثار ضجة وقتها. ومنذ سنوات ظهرت في برنامج مع الشيخ فرحات المنجي الذي أفتي بأن الممثل الذي يتزوج ممثلة في الفيلم أوالمسلسل فقد وقع عليه ذلك وضربت أنا مثلاً ب الفنانة بوسي التي تزوجت من فاروق الفيشاوي علي الشاشة وهي متزوجة من نور الشريف، فهل تعاقب بجريمة تعدد الأزواج كلام لا يدخل عقل طفل وقلت في البرنامج ان التمثيل هولعبة متفق عليها بين صانعي العمل الدرامي وبين الجمهور بأنها حكاية يتم تقمصها ويعلم المشاهد انها غير حقيقية لكنها تتسم بالمصداقية الفنية وقلت ان الشيخ لا يعرف قواعد الدراما حتي يفتي فيها لكننا نعلم عن ديننا ما يعلمه.