عجبت إلا قليلا لموقف الزميل( يسري فودة) في برنامجه(آخر كلام) علي شاشة قناة(ان تي في) لم أتوقع منه هذا السلوك الذي يخدش رؤيته وهي تنتظم أطروحاته عبر برامجه التي أتابعها منذ زمن بعيد. إذ كيف يتصل بمن يدعو نفسه بالمتحدث باسم (الجماعة السلفية) في الإسكندرية الأخ (عبد الفتاح الشحات) ليسأله هاتفيا هل يقبل اعتذار المهندس (نجيب ساويرس) عما بدر منه من سخرية أو إساءة للمسلمين، وهي مسألة شكلية لا تمس جوهر العقيدة. يا عزيزي يسري.. ليس من حق أحد أن يقف ويقول أنا الإسلام، أو يزعم بأنه المتحدث باسم السماء، وأنه حامل توكيل من الذات العلية، فلماذا تخول هذا أو ذاك وتجعله يتشبث بحمل صك الغفران، لا كهنوت لدينا ولا سلطة دينية، فيتخيل أنه يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء، ها نحن نعود مرة أخري لتضخيم الشخوص والأفراد، ليرتدوا المسوخ والكهنوت. يا عزيزي يسري.. نحن الذين بهذا الصنيع نعطي من تسول له نفسه أنه يمتطي فيتمطي، وأولي له فأولي، نحن الذين نصنع الطغاة، ليس فقط في الحكم والكرسي، بل في كل شيء، كفانا ما لاقيناه من هذا الصنيع عبر تاريخ طويل وعريض وبغيض. يا عزيزي يسري.. الرجل اعتذر بوضوح وبلا تأويل ولا تحميل للأمور أكثر مما تحتمل، فلماذا لجأت إلي من (يتفضل) و(يمن) و(يتكرم) بقبول (التوبة) و(المغفرة) و(الاعتذار) لقد أشفقت كثيرا علي الرجل، وهو يكثف العبارة ويختزل المعني، ويبدي صدقه، أنا لا أعرفه شخصيا، ولا أعرف صاحبك السلفي، إنما استبد بي الغضب الموضوعي، إزاء الغضب اللفظي الذي تناثر من فم الشحات ذات اليمين وذات الشمال، ولسانه غير باسط أخلاقيات المسلم المستنير، ولم يرتفع إلي جماليات الروح الإنسانية والإسلامية، بل جاس في أصل وأهل الرجل وأخرجه من مصريته ومنحه الجنسية اليونانية!. عبد المنعم الشحات وإخوانه يتخيلون أنهم (يحتكرون) كل شيء ف(يحتقرون) كل شيء، ينصبون من أنفسهم أوصياء علينا، فنحن قصر، ونحن بعيدون عن الشريعة الإسلامية، ونحن لا نعرف حدود الله، ولا نعرف رسولنا محمدا ولا نعترف به، ونحن كفار قريش، وهم يعلنون أنهم يعلموننا الإسلام، علي طريقتهم طبعا كما ذكرت في مقال سابق، لكن ماذا نقول في إفرازات مناخ الفوضي والعشوائيات الدينية التي انتشرت لينعق فيها طيور الظلام؟ وماذا نفعل وقد رزئنا بمثل هذه النوعية من ذوات الفحيح اللاعبين بالبيضة والحجر، ونافخي الكير، وممارسي لعبة السم في العسل، في زمن الجوع الفكري والثقافي والاجتماعي. يا عزيزي يسري فودة.. لا تجامل علي حساب منظومة القيمة الإعلامية التي تمايزت بها زمنا، وتمنياتي لك بالتألق والتوهج والضياء حتي مطلع الفجر. نفسي الأمارة بالشعر يا سيدي التاريخ سجل عجزنا: بارت بضاعتنا بعنا محارمنا ضاعت ملامحنا فاسحب هويتنا! ياسيدي التاريخ سجل فخرنا : الدف لعبتنا والرقص شيمتنا لا شيء يشغلنا إلا عواطفنا يا سيدي التاريخ إنا مدمنون نبكي علي الأطلال من زمن الجنون : هل رأي الدهر سكاري مثلنا كم شربنا فتعري كلنا ورقصنا ووثبنا ثم نمنا نوم أهل الكهف إلا كلبنا ياسيدي التاريخ، وأنشب في الوجوه أظافرك.. اشعل بداخلنا الحريق.. فلربما يوماً نتوب.. ولعلنا يوماً نفيق!! اغرز نيوبك في النهي فالجاهلية عائدة!! الجاهلية في الطريق! في أوهامنا قوة في أسماعنا وقر.. وفي أبصارنا حول.. وفي أفكارنا حدوة....!