حتي لا يكون كل من يعتقد انه »مؤمن بالله« ممن قال الله تعالي فيهم »لا تقولوا آمنا ولكن قولوا اسلمنا ولماّ يدخل الإيمان في قلوبكم« حيث ان كلمة »لماّ« في هذه الآية الكريمة معناها »لم« والعياذ بالله الذي لا ملجأ منه إلا إليه. تعالوا بنا نحاول معا أن نعرف معني الإيمان الصادق بالله كما نتعشم ان يتقبله الله منا في الدنيا والآخرة تفضلا منه ونعمة.. وفي ذلك نأخذ من معاني الصلاة في جانب »العبادة« أنها »صلة دائمة بالله« في جانب »المعاملات« الدنيوية.. ونأخذ من معاني »الدين« في كل الرسالات السماوية أنه هو الاحساس بهيبة الله.. والاحساس بهيبة الله هنا يجعل المؤمن بالله يتقي الله دائما في كل تصرفاته واضعا في اعتباره كل نصوص الحساب والعقاب وكل النصوص الدالة علي عظمة الله وجبروته جنبا إلي جنب مع نصوص الرحمة والمغفرة والعفو والمعافاة.. وإذا كان ذلك كذلك فإن كل تصرفات أهل الكتاب جميعا وليس المسلمين فقط من المؤمنين بكل رسالات السماء وخاتمتها رسالة القرآن الكريم التي كلف الله بها النبي الخاتم محمد »صلي الله عليه وسلم« وعلي أصحابه وسابقيه من الأنبياء والرسل وتابعيهم وتابعيه باحسان إلي يوم الدين.. وهو النبي »الأمي« الذي علمه الله ما لم يكن يعلم فأجهد العلماء بعلمه من لدن بعثته بهذه الرسالة إلي يوم الدين بمشيئة الله..!! ومن رسالة القرآن نأخذ أحد المعاني الرائعة لكلمة التقوي قولا وفعلا ونحن نتعشم بإدراكنا لهذا المعني وتطبيقنا له قولا وفعلا في حياتنا الدنيا أن يتقبل الله إيماننا ويتغمدنا بالرحمة والمغفرة في الدنيا والآخرة بمشيئته جل شأنه.. والمعني الذي نراه ونختاره لكلمة التقوي في هذا الشأن هو ما أورده سبحانه وتعالي في سورة المائدة حيث قال تعالي: »ليس علي الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات، ثم اتقوا وآمنوا.. ثم اتقوا وأحسنوا، والله يحب المحسنين« ويالعظمة الله..!! ففي هذه الآية الكريمة كما نري - والله أعلي وأعلم- الأساس الشرعي لما أمرنا به رسوله الكريم حيث قال »أطب مطعمك«.. فالطعام الطيب هنا هو ما اشارت إليه هذه الآية في قوله جل شأنه »ليس علي الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا« أي انه ليس علي هؤلاء »المؤمنين« الذين يعملون الصالحات.. إثم أو ذنب أو لوم فيما يعملونه بحثا عن الطعام الحلال بشروط ثلاثة نجد ان التقوي هي الأساس الأول في كل شرط منها.. وهذا ما نجده في النص القرآني.. فالتقوي هي أساس الإيمان وعمل الصالحات.. والتقوي هي أساس الإيمان ولا تتحقق إلا بالإيمان والاحساس بهيبة الله.. والتقوي هي أساس الاحسان.. والاحسان كما علمنا رسول الله هو أن نعبد الله كأننا نراه في جلاله وعظمته في داخلنا ومن حولنا.. وبذلك يحب الله المحسنين..!! وخلاصة القول كما اشرنا في عنوان هذا الحديث ان الإيمان بالله لا يتحقق قولا ولا فعلا إلا إذا كان من يعتقد انه مؤمن بالله يقف في كل لحظة من حياته علي »صبّة خرسانية« من التقوي والاحساس بهيبة الله لأن هذه الصبّة أو »القاعدة« الخرسانية تقوم علي التقوي والإيمان بالله.. طولا وعرضا وعمقا..!!! .. وتقبل الله إيمان كل من يعتقد انه مؤمن بالله ولو من خلال رسالة سماوية واحدة في جانب المعاملات علي الأقل ولنترك ما يحاسبنا الله عليه في أساس العقيدة وجانب العبادة لله الذي هو غالب علي أمره وهو القاهر فوق عباده.. واللهم إني قد بلغت اللهم فأشهد!