د. أشرف إسماعىل عزب تناقلت بعض وسائل الإعلام بيان جماعة الأخوان المسلمين الذي يطعن في نزاهة واستقلال المحكمة الدستورية العليا ويتهمها بالتباطؤ في نظر الطعن بعدم دستورية بعض مواد قانون مجلس الشعب المحال إليها من المحكمة الإدارية العليا بزعم أن المحكمة الدستورية العليا تنتظر تعليمات المجلس الأعلي للقوات المسلحة الذي يهدد الأخوان المسلمين باستخدام المحكمة الدستورية العليا وخاصة في هذه الدعوي بالذات كأداة ضغط يلوح بها لقبول طلباته وتنفيذ تعليماته 0 ولما كان الادعاء بعدم استقلالية المحكمة الدستورية العليا في أداء عملها يمثل خطر محدق ينذر بعواقب وخيمة ويؤثر علي شعور المواطنين وإيمانهم بنزاهة واستقلال القضاء الدستوري المصري العريق ، فوجدنا إنه من الأمانة و الواجب علينا أن نشهد شهادة حق في شأن قيمة وعظمة وشموخ المحكمة الدستورية العليا ، وتأتي هذه الشهادة من منطلق طبيعة دراستنا المتخصصة والمتعمقة خلال سنوات طوال تجاوزت الثمان سنوات ، هي فترة إعداد رسالتنا للدكتوراه والتي كانت متخصصة في مجال رقابة دستورية القوانين التي تمارسها تلك المحكمة 0 وقد تتبعنا خلال سنوات إعداد تلك الرسالة السياسة القضائية التي تعتنقها المحكمة الدستورية العليا ، حيث تكشف لنا من خلال منهج الدراسة المقارنة بين ثلاثة أنظمة هي : الأمريكي والفرنسي والمصري أن محكمتنا الدستورية لها شأن عظيم في مجال رقابة الدستورية ، وقد بلغت في حرصها الشديد علي إعلاء كلمة الدستور في معظم أحكامها مبلغاً لا يقل بأي حال - دون أدني مبالغة أو انحياز - عن أقرانها في أمريكا وفرنسا 0 فالحقيقة التي لا مراء فيها أن المحكمة الدستورية العليا المصرية تتبوأ مكانة رفيعة في ضمير مصر وقلوب جميع المصريين، باعتبارها صرحاً شامخاً للعدالة وسيادة مبدأ المشروعية ، تتمثل رسالتها السامية في تحمل مسئولية حماية واحترام أحكام الدستور وعدم الخروج عليها ، ورد كافة التشريعات إلي حظيرة الدستورية ، وكانت لبعض أحكامها علامات مضيئة في مجتمعنا المصري 0 ومن الأحكام التي أصدرتها المحكمة الدستورية وأحدثت دوياً هائلاً في الحياة السياسية حكمها الصادر بجلسة 16 مايو 1987 في القضية رقم 131 لسنة 6 قضائية دستورية القاضي بعدم دستورية المواد الخامسة مكرراً والسادسة فقرة (1) والسابعة عشر فقرة (1) من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب والمعدل بالقانون رقم (114) لسنة 1983 ؟ وحكمها الصادر بجلسة 15 إبريل 1989 في القضية رقم 23 لسنة 8 قضائية دستورية القاضي بعدم دستورية المادة (7) والفقرة الأولي من المادة (8) والمادة (10) والفقرتين الأولي والثانية من المادة (12) من القانون رقم (120) لسنة 1980 في شأن مجلس الشوري قبل تعديله بالقانون رقم (10) لسنة 1989 ؟ وكذا حكمها الصادر بجلسة 19 مايو 1990 في القضية رقم 37 لسنة 9 قضائية دستورية بعدم دستورية المادة الخامسة مكرراً من القانون رقم (38) لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب والمعدل بالقانون رقم 188 لسنة 1986 ؟ وقد ترتب علي صدور هذه الأحكام حل البرلمان في حينه 0 والواقع أن المحكمة الدستورية العليا قد أثبت من خلال هذه الأحكام - بما لا يدع مجالاً للشك - أنها لا تخشي في الحق لومه لائم وتعلي دائماً وأبداً هامة الدستور علي كل الهامات ، وتحرس حقوق وحريات المواطنين وتجعلها حرم آمن لا يجوز لأي سلطة مهما كانت مكانتها أو نفوذها في المجتمع المصري أن تجور عليها بأي شكل من الأشكال 0 ونظراً لخطورة وحساسية رقابة الدستورية علي اعتبار أنها تتعرض للحكم علي أعمال السلطتين التشريعية والتنفيذية ، للتحقق من التزامهما بالقيود التي يوردها الدستور بغرض صونه وتأكيد احترامه ، هذا من ناحية ، كما أن أحكام المحكمة الدستورية العليا لا تقبل بأي طريق من طرق المراجعة أو الطعن فهي نافذه لمجرد صدورها وجميع سلطات الدولة ملزمة بتنفيذها من ناحية آخري ، فقد أحاطها المشرع المصري في قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 وخاصة في المواد أرقام 35؟ 14؟ 04؟ 94؟ 73؟ منه بسياج من الإجراءات التي تضمن دقة فحص مدي دستورية التشريع المطعون فيه أمامها 0 وليس من المنطقي أو المقبول بعد ذلك أن يخرج تيار سياسي معين عن النص بتوجيه الاتهامات والافتراءات علي محكمتنا الدستورية العليا التي نكن لها كل تقدير واحترام لمكانتها الشامخة التي تتبوأها داخل النظام القانوني المصري بوصفها حامية الشرعية الدستورية والحارسة الأمينة علي الحقوق والحريات العامة 0 وإزاء ذلك نرجو من كافة التيارات السياسية وخاصة جماعه الأخوان المسلمين ألا تقحم المحكمة الدستورية العليا في عملية المناورات السياسية التي تمارسها مع المجلس العسكري ، ونتمني من الجميع الحرص دائماً وأبداً علي إجلال وتقدير واحترام هذه المحكمة بصفتها الحارسة للشرعية الدستورية والتي تقف كقلعة شامخة تذود عنها ، لما فيه خير المواطنين واحترام سيادة القانون بما يعود بالنفع والمصلحة والخير علي المجتمع المصري بأسره 0