ليس من تعليق مناسب علي إعلان الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء عن ضرورة تشكيل جهاز وطني لتنمية سيناء وتعميرها سوي.. »صحي النوم يا دولة« أخيراً وبعد أن تجاوزت السنوات التي مضت علي تحريرهذه القطعة الاستراتيجية الغالية من أرض الوطن.. الثلاثين عاما تتنبه الدولة لهذا الامر الذي يمس الامن القومي. صحيح ان سيناء قد شهدت عمليات تعمير واسعة ولكنها اتسمت بالطابع السياحي الاستثماري كما حدث في جنوبسيناء وهو ما يجعلنا نتساءل عن اسباب غياب استراتيجية التوطين الدائم لابناء هذه المنطقة بالاضافة إلي المهاجرين من الوادي التي تسمح لهم الامكانات من ناحية الارض والثروة الطبيعية من أن تكون محلا لاقامتهم. لقد ظللنا نتحدث لفترات طويلة عن توافر الارض الزراعية التي يمكن ان تخلق مجتمعات حضارية دائمة في ارجاء سيناء. وقد كان للرئيس الراحل انور السادات مبادرة طيبة في هذا المجال عندما خطط ونفذ انشاء ترعة السلام للمساهمة في ري ماهو متوافر من اراض زراعية. حدث هذا علي الرغم من امكانية الاعتماد علي موجات الامطار التي تهطل علي هذه الارض الطيبة إلي درجة تحولها إلي سيول تؤدي إلي كوارث بسبب القصور في اقامة مشروعات لترويضها والاستفادة منها. من المؤكد أن الاجراء المناسب لتشكيل الجهاز الوطني لتنمية سيناء هو اسناد هذه المهمة الي مؤسسات القوات المسلحة. أن الاولوية ولكي تتحول سيناء الي قري ومدن وتوابع خلال خمس سنوات كما أشار إلي ذلك الدكتور نظيف هو أن تتولي هذه المؤسسات العمل علي زرع مواطنين مصريين مؤهلين لعمليات التنمية المطلوبة. انها مطالبة علاوة علي ذلك القيام بتحويل هذه القري والتوابع الي مراكز دفاع أولي عن أمن مصر في مواجهة أي تهديد أو عدوان. لقد ظلت المشكلة التي تواجهنا في التصدي لموجات العدوان القادمة إلينا من الشرق.. تعود إلي خلو سيناء من الحياة ومقوماتها. الغريب ان يكون هذا هو موقفنا رغم أن هذه الارض تتوافر فيها سبل الحياة والرخاء وتشكل في مجموعها ما يساوي ثلث مساحة مصر. أن الاقدام علي تبني أي خطوة فعالة لانشاء جهاز تنمية وتعمير سيناء يمثل ضرورة استراتيجية لا تسمح بأي تأجيل. وهنا من حقنا أن نتساءل عما تم في مشروع توطين رجال القوات المسلحة السابقين والذين يمارسون كافة المهن خاصة الزراعة في أرض سيناء. ان مثل هذا التحرك يتوافق تماما وما تتطلبه النظرة الاستراتيجية لحماية أمن سيناء وتنميتها وتعميرها في نفس الوقت. كم أرجو أن يخرج التعامل مع هذا المشروع القومي من حيز فض المجالس ورفع الشعارات الي واقع ملموس علي الارض يؤدي إلي تحويل سيناء بعد سنوات قليلة الي مدينة وقري وتوابع تمثل اضافة دفاعية واقتصادية الي المقومات المصرية. مثل هذه الخطة تحتاج الي مزيد من الفكر الخلاق الذي يتضمن امتداد المزيد من الطرق واعادة تسيير خط سكة حديد سيناء من جديد وربطه بمنطقة القناة والدلتا. كما يجب في إطار هذه الخطة اتخاذ اجراءات عاجلة علي الارض بعيدا عن التصريحات اياها لانشاء انفاق جديدة تربط سيناء بمنطقة الدلتا بإعتبارها عامل ضروري لتسهيل تنقل وتوسيع دائرة التعامل اللازمة لتحقيق سرعة التنمية والتعمير. لا جدال أن تنمية وتعمير سيناء والعمل علي تحويلها الي مصدر للخير والامان لمصر سوف يحرم المتآمرين والمتربصين من أي مجال للاطماع النزعات العدوانية. ليس مطلوبا من الدولة والشعب سوي النية الصادقة والعزم والهمة في تبني هذا المشروع القومي حتي يصبح حقيقة وواقعاً.