أثار رئيس الحكومة الإسرائيلية ايهود اولمرت خلال سلسلة لقاءاته الطويلة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ، انطباعا بوجود نية جدية لديه للتوصل إلى حل سياسي مقبول للطرفين لكنه كشف عن نوايا مغايرة في اللقاءات التفاوضية الأخيرة وصلت حد سعيه لضم وإبقاء السيطرة الإسرائيلية على نحو 40 % من مساحة الضفة الغربية. وحسب مسؤولين فلسطينيين فان« اولمرت كشف بعضا من أوراقه في لقائه الأخير مع الرئيس محمود عباس الذي سبق زيارة الأخير للعاصمة الأميركية واشنطن، وكشف عن بعضها الآخر في اللقاءات التفاوضية الأخيرة بين رئيسي الوفدين المفاوضين الإسرائيلية تسيفي ليفني والفلسطيني احمد قريع». في اللقاءات الأخيرة مع الرئيس عباس ابلغه« اولمرت انه لن يوقف الاستيطان في القدس لأنه ببساطة لا ينوي التنازل عنها في الحل النهائي، وابلغه أيضاً انه لن يقبل بعودة لاجئي واحد إلى الدولة العبرية». وفي اللقاءات التفاوضية الأخيرة بين تسيبي ليفني واحمد قريع عرضت ليفني خريطة لتقسيم الضفة الغربية بين الفلسطينيين وإسرائيل تمثل رؤية اولمرت للحل. وتقوم هذه الرؤية على ضم الجزء الأكبر من القدس، المدينة والمحيط حتى مشارف مدينة اريحا، وإجراء تبادل أراض يشمل حوالي عشرة في المئة من مساحة الضفة، وإبقاء السيطرة على الإسرائيلية على الأغوار التي تشكل 28 في المئة من مساحة الضفة. الموقف الإسرائيلي هذا سمعه الوفد الفلسطيني إلى واشنطن من وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس في لقاء أخير قبل مغادرته، وهو ما أثار إحباطا شديدا لدى الرئيس عباس ووفده الذي رأى في تكرار طرحه من قبل رايس إشارة انحياز لا تخفي على حصيف وكان اولمرت بدأ لقاءاته مع عباس بأفكار تفاؤلية حول حل سياسي يقوم على تبادل أراض بين الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية بمساحات تحددها مصالح الدولتين. وعندما وصلا إلى الحديث عن نسب الأراضي المنوي مبادلتها قال اولمرت انه يفصل ترك ذلك الى المفاوضين، لكنه ذكر انها لن تزيد عن 6 .5 في المئة. الرئيس عباس قال في اللقاء المذكور انها يجب ان لا تزيد عن 2- 2 .5 في المئة آخذا بعين الاعتبار ان مساحة البناء في الكتل الاستيطانية المنوي ضمها لا تزيد عن 1 في المئة من مساحة الضفة. لكن سرعان ما اكتشف الفلسطينيون ان اولمرت يسعى لضم مساحة من القدس اكبر من تلك التي كان ينوي ضمها رئيس الحكومة الإسرائيلية الاسبق ايهودا براك في قمة كامب ديفد في يوليو عام 2000. والفرق الاكبر الذي اكتشفه الفلسطينيون بين اولمرت ووزير دفاعه ايهود باراك هو ان الأول كان ينوي إجراء مبادلة للأراضي المنوي ضمها في محيط القدس بينما الثاني يريد ان يضم القدس ثم يجري تبادلا على أراض للكتل الاستيطانية الأخرى الواقعة غربا. الموقف الإسرائيلي التفاوضي الجديد الذي تكشف بعد حوالي خمسة شهور من انطلاق مؤتمر انابوليس للسلام الذي تعهد فيه الراعي الأميركي بالتوصل إلى اتفاق سلام بين الجانبين في غضون عام بدد آخر آمال الرئيس محمود عباس بوجود فرصة للتسوية السياسية في عهد الإدارة الأميركية الحالية. وفور عودته من زيارته «المحبطة» من العاصمة الأميركية توجه الرئيس عباس إلى الدولتين العربيتين الأكثر تأثيرا، مصر والعربية السعودية، لاطلاع قادتيهما على استخلاصاته الأكيدة بعدم وجود فرصة للتوصل إلى اتفاق مع اولمرت هذا العام، كما كان أعلن في انابوليس. وتجري المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على مستوى ضيق جدا لا يتجاوز رئيسي الوفدين قريع وليفني، والتوقعات الفلسطينية هي ان تتواصل المفاوضات لكن دونما دون تقدم، وان تجري بموازاتها مفاوضات لحل المشكلات اليومية للفلسطينيين الناجمة عن إجراءات الاحتلال، خاصة إقامة الحواجز العسكرية التي تمزق الحياة وتعيق حركة الأفراد والنشاط الاقتصادي.