فيما يعد مؤشراً قوياً علي عودة أحداث العنف والدم الي الشمال الافريقي وبخاصة الجزائر والمغرب شهدت العاصمة الجزائرية مؤخراً سلسلة تفجيرات ارهابية هي الاعنف والاخطر منذ عدة سنوات استهدف احدها مقر رئيس الوزراء عبد العزيز بلخادم وبلغت حصيلته سقوط نحو 303 قتيل و157 مصاباً وهو ما يذكر بعودة أعمال العنف الدموية التي شهدتها الجزائر منذ عام 1992 والتي راح ضحيتها طوال 14 عاماً نحو200 ألف جزائري. في الوقت نفسه وقبل تفجيرات الجزائر الارهابية بيوم واحد شهدت مدينة الدارالبيضاء ثلاثة تفجيرات انتحارية قام بها مجموعة من الارهابيين الهاربين وإزاء هذه الاعمال الارهابية التي اندلعت فجأة في دول الشمال الافريقي وسقط ضحيتها عشرات من المصابين وأعلن تنظيم القاعدة مسئوليته عنها فمن الواجب التعرف علي حقيقة الاهداف السياسية التي تقف وراء هذه الهجمات؟ وتوقيتها ومدي تأثيرها علي الرأي العام العربي؟ د . محمد مرسي المتحدث الرسمي باسم كتلة الاخوان المسلمين في مجلس الشعب المصري علق قائلاً لقد أصدرنا بياناً استنكرنا فيه بشدة مثل هذه الهجمات الارهابية ومرتكبيها وبالنسبة لجماعة الاخوان المسلمين فنحن نعمل بكل ما نستطيع من أجل نشر الفكر المعتدل الوسطي من خلال تنشئة إسلامية صحيحة تحارب العنف والتطرف وتقف ضد مرتكبيه اياً كان جنسهم سواء كانوا افراداً أو مؤسسات أو حكومات أو أجهزة أو حتي دولاً تمارس الارهاب. وما حدث تحديداً في الجزائروالدارالبيضاء أمر أدمي قلوبنا فنحن نتمني للشعب العربي العافية والمعافاة من مثل هذه التصرفات لكن الصورة حتي الآن غير واضحة بالقدر الكافي وان كانت الاهداف الواضحة حتي الآن هي محاولة التأثير علي الرأي العام في الجزائر والمغرب وبخاصة في الجزائر فالانتخابات البرلمانية بعد أقل من شهر واحد ويبدو ان مرتكبي هذا الحادث الاجرامي أرادوا تبليغ رسالة مفادها علي حد قول د. محمد مرسي ان كلاً من المجتمع الجزائري والمغربي تنتابهما بعض الهزات والاضطرابات. لكن في رأيي ومن رأي جماعة الاخوان المسلمين ان مثل هذه العمليات لا يكفي الصاقها سريعاً بتنظيم القاعدة ولا يكفي في ذلك ان تصل رسالة اليكترونية او اتصال تليفوني مجهول للتحقق من صحة الصاق مثل هذه الهجمات بتنظيم القاعدة فهناك بعض القوي الدولية والمخابراتية التي تجيد تماماً مثل هذه الالعاب ولنتذكر الذرائع الكاذبة التي روجتها الادارة الامريكية ذاتها علي نطاق واسع من أجل احتلال العراق وثبت كذبها تماماً فالاستقرار النسبي خلال السنوات الماضية في الجزائر والمغرب يقلق الكثيرين وادارتا بوش وأولمرت يهمهما دائماً تخويف العرب بهذا الشبح المسمي القاعدة او الجماعات الدينية المتطرفة وهنا نحن لا ندافع عن القاعدة ولكن ينبغي عمل تحقيق شامل وأمين اولا. ويري د. محمد منصور استاذ العلوم السياسية بجامعة أسيوط ان ما حدث في الجزائر والمغرب من تفجيرات ارهابية بشعة يعد بمثابة رسائل من هذه الجماعات بأنها مازالت تمتلك المبادرة وانها لم تخسر ولم تتراجع للوراء وانها قادرة علي توجيه ضرباتها في أي وقت تشاء. هذه الهجمات الارهابية ايضاً إعلان صريح بان هذه الجماعات ترفض مبادرات الحكومة الجزائرية لمحاولات الوئام الداخلي وكل المبادرات السلمية من أجل اعادة إندماج مثل هذه الجماعات في الوطن الجزائري مرة أخري والخوف أن تمتد هذه العمليات الي مناطق أخري في شمال افريقيا تقوض الاستقرار خاصة ان السلطات التونسية أعلنت انها أجهضت مخططا إرهابيا كبيرا في تونس. وفي تقديري فما حدث في الجزائر والمغرب هو رد فعل لضربات الامن الجزائرية الناجحة في منطقة القبائل وكذلك الامن المغربي اما بخصوص تأثير مثل هذه العمليات علي الرأي العربي فهذه الجماعات تعزل نفسها عن الناس وأصبحت مرفوضة ومنبوذة من الجميع وللاسف فالجماهير العربية هي التي تدفع الضريبة الكبري لهذه العمليات. اذ ان بعض النظم العربية ستأخذ هذه الهجمات ذريعة لتشديد الخناق علي المدنيين وإدامة العمل بالقوانين الاستثنائية والطوارئ ومن الممكن حدوث تحالف أمني بين هذه الانظمة. أما المهندس أبو العلا ماضي مؤسس حزب الوسط فقد أكد ان ظاهرة العنف ظاهرة مركبة في العالم العربي وطوال فترة ظهورها خلال اكثر من عشرين عاماً كانت بحاجة الي حل سياسي شامل لكن أغلب الانظمة العربية رفضت الحلول السياسية الشاملة وفضلت الحلول الامنية وهذا للاسف أدي لظهور أجيال جديدة من الارهابيين. اما عن القاعدة التي أعلنت مسئوليتها عن الحادث فهي لم تكن أبداً تنظيماً ولكنها شبكة يتواصل اعضاؤها عبر الانترنت وطوال عمر هذه الجماعات فإن أهدافها تنحصر في محاولة إسقاط النظم السياسية التي تواجهها أو علي الاقل حفر صورتها وتأكيد فشلها امام الجماهير عبر هذه الاعمال الدموية المرفوضة وهذا تفسير لما حدث بالمغرب والجزائر. أما القطب الاخواني وعضو مجلس الشعب المصري السابق د. جمال حشمت فقال: لا معني أبداً لما حدث في الجزائر والمغرب من تفجيرات ارهابية عنيفة كل ماهنالك ان هذه الجماعات مع مرور عدة سنوات علي خمولها وهدوء نشاطاتها الارهابية عادت للتذكير بأفعالها الاجرامية لكن مع هذا فالحل الامني مرفوض علي مختلف المستويات. مؤكداً أن ما حدث هو أول نشاط لتنظيم القاعدة بعد إعلان وحدة التنظيمات القاعدية في بلاد المغرب العربي قبل عدة أسابيع وللاسف الشديد فأعمالهم الاجرامية ستكون مبرراً لشن هجمات أمنية كبيرة علي مختلف التيارات السياسية والدينية في مختلف الدول العربية. وأعتقد والكلام للدكتور جمال حشمت ان هذه الجماعات فقدت مصداقيتها تماماً أمام الشعوب العربية وأصبحت مثار سخط من جميع الفئات. الكاتب السياسي مجدي حسين رئيس تحرير جريدة الشعب المتوقفة قال لاشك ان تنظيم القاعدة الارهابي قد أعاد تنظيم صفوفه خلال الفترة الاخيرة بعد الضربات الامنية الشديدة التي تعرض لها عقب هجمات 11 سبتمبر 2001 لكن تنظيم القاعدة وحده لم يكن المسئول عن كل العمليات الارهابية التي حدثت في العالم العربي منذ أوائل الثمانينات حتي الان وخصوصاً في كل من مصر والجزائر اللتين شهدتا حدوث أغلب العمليات الارهابية وأعنفها. لكن الارهاب الذي لايؤيده أحد وندينه جميعاً له سبب رئيسي في المنطقة العربية لا يمكن تجاهله وهو غياب كل مبادرات الاصلاح السياسي الحقيقية عن ميادين العمل السياسي وتدني مستوي معيشة المواطنين أو الفقر حسب التسمية الاكثر مصداقية بين أغلبية المواطنين العرب. أما عصام الاسلامبولي المحامي الشهير للجماعات الاسلامية في مصر فقال حسب ماجاء عبر كافة وكالات الانباء فإن التفجيرات الارهابية الاخيرة التي حدثت بالمغرب والجزائر يقف وراءها تنظيم القاعدة وهذا دليل علي ان التنظيم أصبح ينتشر في أماكن جديدة لم يكن موجوداً فيها من قبل وهذا خطر كبير يهدد المنطقة بكاملها فقد خرج تنظيم القاعدة الان من باكستان وأفغانستان والعراق واختلفت كذلك توجهاته فلم تعد أهدافه مواجهة الاحتلال الامريكي فقط ولكن أصبحت أولوياته الان مواجهة الانظمة العربية وتهديد استقرارها كذلك وبذلك فالقاعدة أصبحت تمثل مصدر رعب وعلينا جميعاً ان نتوخي الحذر.