مهمة تبدو صعبة، لكنها غير مستحيلة، يقوم بها الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى فى لبنان .. مهمة موسى تهدف الى تجاوز المأزق السياسي الذي يمر به لبنان حول انتخاب ميشيل سليمان رئيسا للبلاد ..من خلال تسويق خطة العمل العربية لحل الأزمة اللبنانية والتى أقرها بالاجماع مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماعه السبت الماضي في القاهرة .. السيد عمرو موسى يرى ان لبنان في خطر الا ان إنقاذه ممكن ووارد وهي مسؤولية لبنانية في المقام الأول كما أنها مسؤولية عربية ايضاً في المقام الأول. موسى يلتقي مختلف الاطراف اللبنانية لعرض الخطة العربية لحل هذه الازمة بعد ان رحبت بها غالبية القوى السياسية اللبنانية الى جانب القوى الاقليمية مثل سورية وايران. وكان اجتماع وزراء الخارجية العرب قد أقر مبادرة تتألف من ثلاث نقاط تدعو إلى انتخاب العماد ميشيل سليمان رئيسا للبنان فورا والاتفاق الفوري على تشكيل حكومة وحدة وطنية تكون فيها لرئيس الجمهورية كفة الترجيح في اتخاذ القرارات، وبدء العمل على صياغة قانون جديد للانتخابات. وبالرغم من إجماع الأطراف اللبنانية المعنية على الترحيب بالمبادرة، فإن التصريحات الإعلامية لكل طرف كشفت عن عمق الخلاف على تفسير المبادرة، وهو ما اعتبره المراقبون أنه سيجعل مهمة موسى صعبة. من جانبها ترى المعارضة ان تطبيق الخطة يعني توزيع الحقائب الوزارية بالتساوي بينها وبين الرئيس والاكثرية مما يعني ان كل جانب سيحصل على عشرة وزراء في حكومة من ثلاثين وزيرا. اما التحالف الحاكم فيقول ان الخطة تضمن له مقاعد اكثر من المعارضة التي ايضا ستحرم من حق الفيتو مما يعني ان تحصل الاكثرية على 14 والمعارضة على عشرة فيما يحصل سليمان على ستة وزراء. ورغم ترحيب اغلبية الاطراف اللبنانية بهذه الخطة برز موقف حزب الله حيث قال نائب الحزب في مجلس النواب "محمد حيدر" ان الحزب يريد ان يتأكد من ان الخطة المطروحة مبنية على اساس "لا غالب ولا مغلوب" وبانه لن يكون بمقدور أي طرف فرض موقفه على الحكومة المقبلة. ومع بداية لقاءاته بدا موسى وكأنه يقطع الطريق على محاولات إغراق مهمته في اجتهادات من شأنها ان تعيقها وتفتح الباب أمام سجالات عقيمة يمكن ان تؤخر تطبيق ما ورد في الخطة العربية، خصوصاً البند الثاني والذي نص على "دعوة الأطراف اللبنانيين الى الاتفاق الفوري على تشكيل حكومة وحدة وطنية تجرى المشاورات لتأليفها طبقاً للأصول الدستورية على ان لا يتيح التشكيل ترجيح قرار أو إسقاطه بواسطة أي طرف ويكون لرئيس الجمهورية كفة الترجيح". وتشمل لقاءات موسى رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة ورئيس كتلة المستقبل النيابية سعد الحريري والنائب ميشال المر وقائد الجيش العماد ميشال سليمان. ولم تستبعد مصادر سياسية بارزة في بيروت ان يضطر موسى إلى إجراء اتصالات بعدد من وزراء الخارجية العرب طلباً لمؤازرتهم في إقناع الأطراف اللبنانيين باعتماد الخطة العربية كخريطة طريق لحل لأزمة في لبنان. ويراهن موسى على ان تثمر لقاءاته في بيروت التي يفترض ان يواكبها جهود عدد من وزراء الخارجية العرب باتصالات بعيدة عن الأضواء، اتفاقاً سياسياً يؤدي الى انتخاب الرئيس في جلسة الانتخاب التي دعا إليها بري فى الثانى عشر من الشهر الجارى . لكن هناك من يعتقد بصعوبة استيعاب المعترضين من أطراف المعارضة على أي تشكيلة حكومية لا تقوم على مبدأ المثالثة في توزيع الوزراء خلافاً لما تؤكده مصادر دبلوماسية عربية في بيروت من ان المثالثة لم تطرح على بساط البحث في اجتماع وزراء الخارجية العرب . بعض المصادر المطلعة ترجح ان يتأجل انتخاب الرئيس الى الربيع المقبل في حال فشل عمرو موسى في حمل الاطراف على قبول الخطة العربية وانتخاب سليمان خلال الجلسة المقبلة لمجلس النواب والمقررعقدها السبت المقبل . ومن المعروف ان لبنان بدون رئيس منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق اميل لحود في 23 نوفمبر. ولم يتمكن تحالف الغالبية والمعارضة التي يتقدمها حزب الله من الوصول الى اتفاق لانتخاب خلف للحود على الرغم من دعم الجانبين لقائد الجيش العماد ميشال سليمان لتولي المنصب . وعلى ذلك لا توجد ضمانات لنجاح زيارة الامين العام ولكن توجد نية صادقة في العمل بأقصى جهد لتحقيق مصالح الشعب اللبناني ومساعدته على الخروج من أزمته الحالية. وبكل الامل والتفاؤل ينظر الامين العام للجامعة العربية للايام المقبلة في أن تؤدي إلى نتيجة طيبة خصوصا وأن المبادرة العربية تحظى باجماع عربي وتأييد اقليمي وبزخم دولي والعالم كله يبدى اهتمامه بما سوف يجري في لبنان ودرجة التعاون ومدى التحرك من جانب كل الاطراف ..