أصبحت الأغاني الشعبية أحدث الأسلحة التي يستخدمها المرشحون في معركتهم الانتخابية، حيث اتجه كثير من مرشحي مجلس الشعب للدورة الانتخابية القادمة إلى الاستعانة ببعض المطربين الشعبيين لغناء أشعار كتبت للترويج لهم تتحدث عن إنجازاتهم والخدمات التي يقدمونها للأهالي وخصالهم الحميدة وإشادة الجميع بهم والأشياء التي ينوون تحقيقها في حالة فوزهم بالمقعد، ويقومون بإذاعتها من خلال مكبرات صوت تدور بها العربات شوارع دوائرهم، أو تشغيلها من خلال تسجيلات عربات التوك توك أو لنشرها على الإنترنت وخاصة من خلال موقعي الفيسبوك واليوتيوب وتويتر. ففي دائرة بولاق الدكرور بمحافظة الجيزة، استعان المرشح على مقعد العمال "سيد المناعي" بالمطرب الشعبي الشهير "شعبان عبد الرحيم" – أحد أبناء الدائرة - ليقوم بغناء أغنية له استغلها في حملته الانتخابية، مستخدما نفس لحن شعبان الشهير ونفس مؤلفه الخصوصي "إسلام"، وتقول كلمات الأغنية: عشان الحاج سيد هنقول كلام كتير، عشان الحاج دايمًا بيعطف ع الفقير وأييييه! وهو نفس ما فعله المندوه الحسيني في الدورة الانتخابية السابقة من الاستعانة بنفس المطرب ، بينما اكتفى في هذه الدورة بإذاعة أغنية "اخترناك" عن طريق مكبر صوت على عربة دارت كل أرجاء الدائرة فور إعلان نتائج المجمع الانتخابي واختيار الحزب الوطني له كمرشح. في حين استعان المرشح "صلاح عبد الحليم" بمطرب آخر ليغني له أغنية تقول كلماتها: الشيخ صلاح ده راجل صاحل .. مالوش أبدا في المصالح .. راجل تاخد منه الخير .. وكل شيء صالح، بينما استعان آخرون بشعراء كتبوا فيهم قصائد للترويج لهم دون ألحان، يلقونها وهم يطوفون بمكبرات صوت في شوارع الدائرة. وفي كفر شكر بمحافظة القليوبية، فقد استعان مرشح الحزب الوطني أحمد سيف بالمطرب شعبان عبد الرحيم أيضا – يظهر سيطرة شعبان على هذه الظاهرة التي يبدو أنه المستفيد الأول منها، بينما قام المرشح اللواء وجدي بيومي بعمل عدة أغاني دفعة واحدة لنشرها بين أهالي الدائرة. أما المرشح محمد أنور عصمت السادات، المرشح المستقل على مقعد العمال والفلاحين بدائرة تلا بمحافظة المنوفية، فقد بث أغنية على موقع "يوتيوب" تدعو الناخبين للتصويت له واختياره ممثلا عنهم. كما لم تتخلف جماعة الإخوان المسلمين عن ركب هذه المعركة الفنية، حيث قام الشيخ سيد عسكر، مرشح الجماعة على مقعد الفئات بدائرة طنطا، باستغلال لحن أغنية الأطفال الشهيرة "ذهب الليل وطلع الفجر" ووضعه على كلمات أخرى تروج لعسكر وتدعو الناخبين لتأييده، حيث تقول كلمات الأغنية: جدو الشيخ سيد عسكر .. الفنجان رمزه .. قلت لماما وبابا وتيتة لازم ننتخبه! الطريف أن الدولة هي أول من استن هذه الظاهرة الغريبة، عندما بدأت للسعي والترويج لانتخابات مجلس الشعب ودفع الناس للمشاركة عن طريق الأغاني، وتأتي أغنية (يالانختار) التي تغنيها المطربة شيرين عبد الوهاب ضمن أشهر هذه الأغنيات التي أغرقت الدولة بها الفضائيات ومواقع الإنترنت ووسائل الإعلام المختلفة. ورغم ما يبدو من أنه صراع حقيقي بين تلك الأغنيات ناتج عن الصراع بين المشرحين، إلا أن أكثر ما تلاحظه عند سماع أي أغنية من هذه النوعية هي ركاكة الألفاظ وضعف الألحان، كما يلاحظ سوء طريقة أداء واستخفاف المطرب، ربما لشعوره أنه أجير يؤدي عملا كلف به مقابل المال وليس مطرب يقدم فنا! ويبدو أن انتشار هذه الظاهرة بين أغلب مرشحي مجلس الشعب في دورته القادمة، سيحول المعركة الانتخابية بين المرشحين إلى معركة "فنية" بعدما أصبحت "الأغنية" هي السلاح الأهم للانتشار والترويج وبث التأييد بين الناخبين!