اليوم 25 مايو.. الذكري الخامسة لأحداث «الأربعاء الأسود» يوم الاستفتاء علي تعديل المادة «76» من الدستور سيئة السمعة والمرفوضة من جميع القوي السياسية وهو الأمر الذي دعا وقتها القوي الوطنية وحركة «كفاية» للاحتجاج يوم الاستفتاء أمام نقابة الصحفيين. ولكن النظام وأمنه حوِّل هذا اليوم إلي يوم أسود في سجله في تعامله مع المواطنين فقد تم فيه الاعتداء علي زملاء وزميلات بطريقة بشعة وغير أخلاقية وغير مسبوقة.. وليصبح فضيحة علنية أمام العالم كله.. وهو ما دعا الرئيس الأمريكي «جورج بوش» للاتصال بالرئيس «مبارك».. فأحال الأخير ملف تلك الأحداث إلي النائب العام للتحقيق. وقد شارك في تلك الفضيحة شخصيات من الحزب الوطني وقيادات أمنية في الاعتداء والتحرش بالمواطنين والصحفيين والصحفيات.. وقد تم في النهاية مكافآتهم فمنهم من أصبح عضواً في مجلس الشعب ب «التزوير طبعاً».. ومنهم من أصبح قيادة أمنية كبري.. وآخرون تم ضمهم إلي أمانة سياسات جمال مبارك!! .. ومع تلك الفضيحة تستمر سياسات النظام في سجله الأسود لحقوق الإنسان.. حتي يصل الأمر إلي أن يتشجع عضو في البرلمان ينتمي إلي الحزب الوطني للمطالبة بإطلاق الرصاص علي المتظاهرين.. ولا يحاسبه أحد.. فضلاً عن التأميم الأمني للنقابات المهنية وعلي رأسها نقابة الصحفيين لمنع المحتجين من سلم النقابة والتعبير عن رأيهم أمام الصحفيين بل وصل الأمر إلي تسليم النقابة للأمن لحصارها. ولكي لا ننسي هذا اليوم.. نذكر بما فعله مجلس النقابة الذي دعا إلي اجتماع طارئ- وكنت أتشرف بعضوية المجلس في ذلك الوقت- حيث اعتبر وزير الداخلية مسئولاً عن ذلك اليوم وطالب بإقالته وجاء في نص بيان النقابة: «مجلس نقابة الصحفيين وقد تدارس في اجتماعه الطارئ اليوم (السبت 28/5/2005) الوقائع الخطيرة التي ارتكبتها عصابات مأجورة من البلطجية والخارجين علي القانون بحق مواطنين ومواطنات عزل بينهم عدد من الزملاء الصحفيين وصلت إلي حد هتك العرض العلني لزميلات بعد ضربهن وتمزيق ملابسهن، وكل ذلك بتوجيه مباشر من شخصيات معروفة في الحزب الوطني الحاكم وبتواطؤ مؤسف وتحت حراسة وحماية قوات هائلة من الشرطة حاصرت مبني النقابة في هذا اليوم تحت قيادة ضباط كبار. إن مجلس النقابة وبعد أن استعرض ما توافرت له من معلومات موثقة حول ما جري في هذا اليوم أمام حرم النقابة وكان جزءاً من مهزلة مشينة، شهدتها بعض شوارع القاهرة حين تم التصدي لجموع من المواطنين حاولت ممارسة حق التعبير السلمي عن الرأي، فإن المجلس يؤكد الآتي: أولاً: إن السيد رئيس الجمهورية بما له من صلاحيات سياسية ودستورية مؤتمن علي حرية وكرامة جميع المواطنين دون النظر إلي انتماءاتهم العقائدية أو السياسية، والحفاظ علي هيبة الدولة ومؤسساتها، وحيادها بما في ذلك أجهزة الشرطة والأمن فضلاً عن الحيلولة دون الهبوط بمستوي الصراع السياسي إلي استباحة أساليب العنف والبلطجة، ومن ثم نطالب سيادته بضرورة اتخاذ كل ما يلزم لحساب كل المسئولين عن الوقائع المشار إليها، خصوصاً أن هذه الوقائع صارت بكل أسف معروفة في العالم كله بعدما بثت وسائل الإعلام صورها وأخبارها. ثانياً: يطالب المجلس بإقالة السيد وزير الداخلية باعتباره المسئول الأول بحكم وظيفته واختصاصاته القانونية عن كل ما جري، وعن مظاهر عدم الانضباط وخروج بعض قوات الأمن عن واجباتها الدستورية والقانونية وعلي رأسها سلامة وأمن المواطنين وحماية حرياتهم. ثالثاً: يطالب المجلس بمحاسبة كل المسئولين الأمنيين والسياسيين عن الجرائم والانتهاكات الفظيعة التي جرت أمام حرم مبني النقابة وفي بعض شوارع القاهرة. رابعاً: إن هذه الجرائم التي بلغت حد هتك الأعراض العلني في الشوارع علي نحو غير مسبوق ولم يعرفه مجتمعنا المصري في كل تاريخه والتي جرت في نفس يوم الاستفتاء علي تعديل المادة 76 من الدستور، ألقت بظلال ثقيلة وبالغة القتامة علي البيئة الواقعية التي يجري فيها الحديث عن الإصلاح السياسي والديمقراطي في البلاد، بما يكفل للشعب المصري حريته وقدرته علي المشاركة في صنع مستقبله. وفي هذا السياق لم يستطع المجلس أن يفصل بين هذه البيئة المحبطة لكل أمل في إصلاح حقيقي، وبين التقاعس الذي استمر أكثر من 15 شهراً حتي الآن في تنفيذ وعد السيد رئيس الجمهورية بإقرار تشريع قانوني يلغي عقوبة الحبس في قضايا النشر. خامساً: يؤكد المجلس أن نقابة الصحفيين ستبقي نقابة الرأي والضمير وستبقي ساحة مفتوحة لكل فئات الشعب المصري لتعبر بطريقة سلمية ومشروعة عن آرائها، وستبقي النقابة حصناً للدفاع عن الحريات العامة، وعلي رأسها حرية التعبير التي لا وجود للمهنة بدونها. كما يري المجلس أن نقابة الصحفيين بكل سجلها الحافل ودورها المشهود في الدفاع عن القضايا القومية والوطنية في كل العصور، لن يكون بمقدور أحد أن يمنعها أو يرهبها عن ممارسة هذا الدور، غير أننا نهيب بكل الزملاء وبجميع القوي الوطنية أن تتوخي المسئولية وباعتبارات الحذر اللازمة للحفاظ علي هذا الدور الوطني والقومي والإبقاء عليها ضمن منطقة الإجماع المشترك ما بين جميع القوي الوطنية بما يكفل الحفاظ علي وظيفتها الأولي في الدفاع عن مصالح الجماعة الصحفية المصرية ودعم حريات المجتمع». انتهي بيان المجلس. ونتذكر هنا الزميلة «نوال علي» التي كانت ضحية في هذا اليوم الأسود والتي رحلت عنا منذ أشهر مقهورة بسبب ما تعرضت له من انتهاكات في هذه الأحداث. وسيظل هذا اليوم- رغم قرار النيابة في 28/12/2008 بأنه لا وجه لإقامة الدعوي القضائية في القضية لعدم معرفة الفاعل الحقيقي- يوماً أسود في سجل النظام الحاكم.