عزة أبو الأنوار بيت المرحوم الحاج مصري.. بيت أوسع مما اعتيد عليه في البيوت الشعبية. في المدخل لافته كبيرة مكتوب عليها {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ}، يسكنه أرملته الحاجة عيشة، لم يُعرف إن كانت حاجة أم لا، ولم يعرف أصلا إن كانت خرجت من شارعهم من قبل أم لا. أولاد الحاج مصري: عاصم: الأخ الأكبر.. موظف بالقطاع الخاص في شركة الشيخ فلان عضو البرلمان عن الدائرة، نصف حيادي، نصف متدين، نصف عاقل. علياء: صحفية بجريدة مابيقرهاش غير كتّابها، قاعدتها في الحياة كسر القواعد. عمر: نصّب نفسه مفتي المنطقة صباحا، ومعتكف ليلا ولم ينشغل كثيرا بالبحث عن عمل. كل يوم الشارع ينتظر تجمعهم ليأنس بتناغمهم كنموذج مثالي للأسرة المصرية في 2013، وأي تشابه بين الأحداث والواقع.. صدفة مش أكتر والله.
***************************************
الوقت منتصف النهار، والحر يسلق جدران البيت، بيت المرحوم مصري هادئ إلا من سيمفونية تقليب السكر في دورق الكركديه، هواية الحاجة عيشة اليومية في مثل هذا الوقت.
علياء في العمل، عمر ممسكا كتاب أحداث النهاية ومستغرق في النوم، عاصم في جلسة نقاش مع الإخوة على الإنترنت حول أهمية إحياء ليالي الدعاء لمسلمي بورما، متجاهلا أن يعرف أصلا موقع بورما على الخريطة.
علياء تعود من العمل مهللة: ماما.. ماما.. باركيلي، جات لي المنحة اللي قدمت فيها، كورس مكثف في العمل الصحفي مدته تلات شهور.. أوه! جيالك يا مونتريال..
عيشة: مبروك يا حبيبتي، ألف ألف مبروك.. ده إيه ده بقى؟ هتبقي إيه بعد ما تاخدي الكورس؟ دكتوراه يعني ولا هتبقي إيه؟
يفزع عمر على كلماتهما ودون أي مقدمة: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر بغير ذي محرم منها"، الموضوع منتهي وبديهيا كده مش محتاج مناقشة. عاصم: بس ده كان زمان عشان السفر كان غير مأمون، إنما يجوز السفر لو مع صحبة آمنة. بس برضه لأ بلاش، إحنا نضمن الدنيا منين؟ الحاجة عيشة تخبط على صدرها، سفر؟ هو الموضوع فيه سفر؟ إنتي مش قلتي ده في تريومف؟!
علياء: تريومف! مونتريال يا ماما مونتريال، كندا يعني. عيشة: يا مراري! لا يا عليا لأ، لو ضروري يعني البتاع ده حد من إخواتك ييجي معاكي. عمر: أصلا السفر لبلاد الغرب لا يجوز إلا لضرورة. دي ناس لا ليها دين ولا ملة. عاصم: كندا؟ أنا ممكن آجي!
علياء: إيه اللي بتقولوه ده! هو أنا رايحة أتفسح؟ ده شغل، غرب إيه اللي حرام نروحه، إنت متعرفش الشيخ بتاعك بيروح يصيف فين؟ عيشة: هو أصلا السفر المفروض يبقى إمتى؟ علياء: كمان شهر من دلوقتي. عاصم: آه شهر كويس أكون عرفت آخد أجازة وآجي معاكي كندا.
علياء: إنتم هتجننوني؟! تيجي معايا إزاي يا عاصم؟ دي منحة من النقابة ومش هينفع أقول لهم معلش هاخد معايا حد. عاصم: إيه ده؟ هو مينفعش مرافق؟ عيشة: أصلا إنتي ناسية إن بعد شهر خالتك نازلة من الكويت؟ بيقولوا ابنها كبر وبقى حاجة تانية خالص.. إحنا هننزل بالليل بقى نتفرج على أنتريهات جديدة ونجيب لك شوية هدوم بناتي كدة بدل الجينز والكوتشي اللي خلوكي مش فارقة عن إخواتك دول. بدل ما ييجوا يتلخبطوا فيكم.
ينطلق مدفع الإفطار ويصبح الحدث الأهم والجدير بالنقاش هو: سكر الكركديه مظبوط ولا عادب زي كل يوم؟