عزة أبو الأنوار بيت المرحوم الحاج مصري.. بيت أوسع مما اعتيد عليه في البيوت الشعبية. في المدخل لافته كبيرة مكتوب عليها {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ}، يسكنه أرملته الحاجة عيشة، لم يُعرف إن كانت حاجة أم لا، ولم يعرف أصلا إن كانت خرجت من شارعهم من قبل أم لا. أولاد الحاج مصري: عاصم: الأخ الأكبر.. موظف بالقطاع الخاص في شركة الشيخ فلان عضو البرلمان عن الدائرة، نصف حيادي، نصف متدين، نصف عاقل. علياء: صحفية بجريدة مابيقرهاش غير كتّابها، قاعدتها في الحياة كسر القواعد. عمر: نصّب نفسه مفتي المنطقة صباحا، ومعتكف ليلا ولم ينشغل كثيرا بالبحث عن عمل. كل يوم الشارع ينتظر تجمعهم ليأنس بتناغمهم كنموذج مثالي للأسرة المصرية في 2013، وأي تشابه بين الأحداث والواقع.. صدفة مش أكتر والله.
**************************** عمر خارجا من حجرته يستغفر ويحسبن ويحوقل؛ تسأله أمه عن السبب: - خير يا عمر كفى الله الشر؟! عمر: هي فين الست علياء؟ لسه مجاتش طبعا من الزفت الشغل، لما تيجي عرفيني، يغلق الكومبيوتر ويبدأ في قراءة الورد اليومي.
تعود علياء من العمل بابتسامة مجهولة السبب، فيقابلها عمر: أهلا يا ست هانم، إنتي شرفتي؟ تعالي يا هانم فهميني إيه الفضايح اللي عاملاها على النت دي! اصحى شوية بقى يا سي عاصم واحضرنا.
علياء ببرود: باقول لكم إيه، أنا رايقة ومش مستعدة دلوقتي لأي نكد خالص، مالكم فيه إيه؟
عمر: عاملة لي تدوينة على الفيسبوك وبتروّجي للخلاعة والمسخرة؟ وكمان بتحكي اللي بيحصل للبنات في الشارع من تحرش ومعاكسات؟ يعني ربنا ستركم وإنتم تفضحوا نفسكم؟
عاصم: صحيح يا علياء الكلام ده؟ لا لا إنتي في دي ما لكيش حق خالص.
عيشة: يا دي الفضيحة! إنتي بتنشري على النت الحاجات دي يا علياء؟
علياء: باقول لكم إيه؟ بطلوا قهر بقى، أنا باحكي الكلام ده عشان أعلّم البنات وأعرّفهم حقوقهم، مش يعيشوا مقهورين ويسكتوا.
عمر: وتعلميهم برضه لبس المسخرة والخلاعة؟!
علياء: أنا باعلمهم ياخدوا حريتهم، مش أحسن ما يبقوا مزيفين من بره لبس حشم ومن جوه عاوزين يفرغوا الكبت وخلاص؟ بعدين إنت عارف التدوينة خدت كام شير وعملت كام قراءة؟ ده غير الناس اللي باعتة تحييني على جرأتي وجدعنتي، ده فيه مُعدّة في التليفزيون بعتت تقول لي عاوزين نعمل معاكي حلقة.
عيشة: بجد؟ هتطلعي في التليفزيون يا عليا؟ القناة الكام؟
عاصم: طب وإيه اللي هيعود عليكي من ده؟ لو هتستفيدي حاجة يبقى..
يقاطعه عمر: مهما كانت الإفادة، كله مسخرة وفضايح، أكيد الناس اللي بيقروا لك دول دماغتها تعبانة كده زيك وماعندهمش لا خشا ولا حيا.
تفتح عيشة التليفزيون وتقلب بين القنوات تبحث عن درس الشعراوي. تصرخ علياء استني يا ماما سيبي البنت دي، دي صاحبتي، وهي اللي وصلتني بالمُعدّة عشان الحلقة. عيشة: يا حلاوة يا علياء، هتطلعي كده وتعرفي تتكلمي زي دي؟
علياء: وأحسن من دي كمان. استني أما أقرالك التدوينة اللي مزعلة سي عمر.
تفتح علياء الكمبيوتر وتحاول فتح الفيسبوك فتجد أن أحدهم قام قام بسرقة صفحتها ناشرا عليها: "تم بعون الله غلق هذه الصفحة الداعية للسفور عملا بقول الله تعالى {حَارِبُوا أَئِمَةَ الْكُفْرِ}".