عزة أبو الأنوار بيت المرحوم الحاج مصري.. بيت أوسع مما اعتيد عليه في البيوت الشعبية. في المدخل لافته كبيرة مكتوب عليها {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ}، يسكنه أرملته الحاجة عيشة، لم يُعرف إن كانت حاجة أم لا، ولم يعرف أصلا إن كانت خرجت من شارعهم من قبل أم لا. أولاد الحاج مصري: عاصم: الأخ الأكبر.. موظف بالقطاع الخاص في شركة الشيخ فلان عضو البرلمان عن الدائرة، نصف حيادي، نصف متدين، نصف عاقل. علياء: صحفية بجريدة مابيقرهاش غير كتّابها، قاعدتها في الحياة كسر القواعد. عمر: نصّب نفسه مفتي المنطقة صباحا، ومعتكف ليلا ولم ينشغل كثيرا بالبحث عن عمل. كل يوم الشارع ينتظر تجمعهم ليأنس بتناغمهم كنموذج مثالي للأسرة المصرية في 2013، وأي تشابه بين الأحداث والواقع.. صدفة مش أكتر والله.
*************************************** باقٍ دقائق على أذان المغرب، الحاجة عيشة كالعادة تتحرك مثل النحلة مرتبكة بين تسخين الأكل وتسقيع العصائر وتقطيع الحلويات. تنادي على علياء: يا علياء، يلا بسرعة جهزي معايا وحضري لبسك، عايزين نخلص أكل وننزل على طول قبل الزحمة. عمر ممددا تحت المروحة: رايحين فين ومستعجلين كده؟ علياء: هنتفسح في الحسين والسيدة وكده يعني، تيجي معانا؟ عاصم: كويس، نروح كلنا بقى ونسهر هناك، وأنا هاعزمكم على السحور بره. عيشة: إحنا هنزور الأوليا، مدد يا أم العواجز مدد. وتدمع عيناها لسبب تجهله هي نفسها. وتنصرف إلى المطبخ ثانية.
عمر: لا حول ولا قوة إلا بالله، أنا شايف البدَع عمالة تكتر في البيت ده وماحدش بيتحرك، أنا مصدوم فيك يا عاصم، من أول الفانوس اللي جبته لحد زيارة آل البيت. عاصم: إنت عارف إن أصلا تاريخيا مش معروف المكان الحقيقي للحسين؟ ده له أربع مقامات مش معروف هو في أنهي فيهم. عمر: أنا مالي بالكلام ده دلوقتي! الفكرة في النية والتشبّه والمسح على المقامات والبدع دي كلها، منهم لله اللي منعوا أهل الأمر بالمعروف من هدم البدع دي. علياء: ألا هو إنت كنت عايزهم يهدموا الحسين كمان؟ ده في أنهي ملة ده؟ يعني إنت رافض هدم مساجد السنة في سوريا ولما إنت تبقى صاحب قوة تهدم مساجد الأوليا؟!
عاصم: بصوا؟ إحنا ممكن نروح بس مش بنية زيارة الأوليا، إحنا نروح بس كأننا رايحين نفتسح وخلاص. عمر: لا طبعا ما ينفعش، اتقوا الشبهات. عاصم: وإيه بس الشبهة في كده؟ الأعمال بالنيات، السهرة هناك بتبقى حلوة. عمر: حلوة إيه بس؟ دي بيبقى كلها بنات وشيشة وأفعال تنافي الشهر الكريم تماما. علياء بنظرة ذات مغزى: إنت إيش عرفك يا عمر؟ إنت سهرت هناك قبل كده؟! عمر متجاهلا السؤال: أنا اللي أعرفه لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد.
عيشة: إيه هما بقى التلات مساجد؟ السيدة والحسين وإيه؟ الأزهر أكيد. شي الله يا آل البيت. عقبال ما ربنا ينولهاني وأقدر أجيلك يا سيد يا بدوي.