هناك ألفاظ كثيرة موجودة بالقرآن الكريم نقرأها ولا نفهم معناها ولا المقصود منها، ونحن هنا قرّاء "بص وطل" الأعزاء نريد أن نعي ما نقرأ من القرآن ونتدبّر ونفهم معانيه؛ قال تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}؛ فتعالوا معنا مع هذه الآية القرآنية الكريمة: يقول الله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 23 - 24] هنا رفع الله سبحانه وتعالى الإحسان للوالدين إلى مستوى عبادته عز وجل، وهو ما يدلّ على أن لبرّ الوالدين في الإسلام شأنا كبيرا؛ حيث قال: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} "قضى" أي أمر وألزم وأوجب، والمعنى أن الله أمركم بألا تشركوا بالله شيئا، وأن تُحسِنوا إلى الوالدين وتبرّوهما. أمّا قوله: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ}؛ الأف هو الكلام القذع الرديء الخفي، وخصّ هنا الله سبحانه وتعالى حالة الكبر؛ لأنها الحالة التي يحتاجان فيها إلى برّه لتغيّر الحال عليهما بالضعف والكبر؛ حيث إنهما قد صارا كبيرين في السنّ؛ فلا تُسمعهما قولا سيّئا حتى ولا التأفف الذي هو أدنى مراتب القول السيئ. وقوله تعالى: {وَلَا تَنْهَرْهُمَا}.. "النّهْرُ": الزجر والغضب، والمعنى أنه لا يصدر منك إليهما فعل قبيح ولا تحرّك يدك وأنت تكلّمهما، {وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}؛ أي ليّنا طيّبا حسنا بتأدّب وتوقير وتعظيم. {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ}؛ هنا كأنما للذلّ جناح يخفضه إيذانا بالسلام والاستسلام؛ والمعنى أنك يجب أن تتواضع لهما بفعلك وتتذلّل لهما تذليل الرعية للأمير والعبيد للسادة، فالذلة هنا ذِلّة تواضع ورحمة بالوالدين، و{َقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}؛ أي ادعُ لهما في حياتهما وبعد مماتهما بأن يرحمهما الله كما رحماك، وترفّق بهما كما رفقا بك؛ فإن الله هو الذي يجزي الوالد عن الولد؛ إذ لا يستطيع الولد أن يوفّي ما فعله والداه معه. في النهاية عزيزي القارئ.. عليك عند قراءة هذه الآية أن تضع معانيها أمامك.. لتعي ما تقرأ..