إن كنت يا دكتور مرسي حقا سعيدا مرتاح البال والضمير، وعندما تضع رأسك على وسادتك تشعر أنك "حكمت فعدلت فآمنت فنمت" يا دكتور مرسي، إذا كنت تشعر بهذا حقا فهي مصيبة، وأما إن كنت لا تشعر فالمصيبة أعظم.. فلو كنت حقا يا دكتور مرسي عندما تنام تشعر بهدوء وراحة بال، وتشعر أنك الشخص الذي أرسله الله إلى مصر بلد الأمن والأمان، والتي قال عنها الله سبحانه وتعالى: {ادْخُلُوْا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللهُ آمِنِيْنَ} ليحافظ على هذا الأمن، فقد وقعت المصيبة عليك قبل أن تقع علينا كشعب. فإن كنت تشعر براحة البال والضمير، وبالتالي لا تحرك ساكنا نحو التعديل إلى الأفضل لمصلحة البلاد والعباد، فتأكد أنك تعيش في واد وشعبك يعيش في واد، فأنت لا تدرك أن البلاد تسير من سيئ إلى أسوأ على يديك، حتى تكاد تنتهي إلى كارثة محققة، هذا إن لم تكن الكارثة قد وقعت فعلا.. فالرئيس الذي ينام قرير العين مرتاح البال والضمير وبلده يشتعل، والرفض له يحيط به من أغلب المحافظات على الأرض من عدد من المواطنين، من الاستحالة التحجج بكونه مأجورا، فإذا كان كل هؤلاء مأجورين فأنت تحكم شعبا من المأجورين، وعليك أيضا في هذه الحالة أن تستمع لهم، فهم الشعب في النهاية.
وإن لم تستمع فهذه مصيبة، وتعني أنك لا تعي كيف وصل رفض الشارع لك، فكيف تبرر لذاتك عندما تذهب لأداء الصلاة في المسجد، ويهاجمك المصلون بالكلمات الحادة والدعاء عليك في مواجهتك وجها لوجه في فيديو موثق، فكيف لا يجعلك موقف كهذا تفكر؟ مرة أخرى إن لم تفكر فهذه أيضا مصيبة.. إذا كنت لا تشعر بما وصلت إليه حالة الاقتصاد وحالة المرور وحالة السياحة وحالة المواطن نفسه، وأنها تتدهور تماما.. إن كنت لا تنتبه لهذا فهي مصيبة ثالثة..
ولكن الطامة الكبرى أنك تدري يا دكتور مرسي، فقد كنت تفتح صدرك للرصاص ولا تخشى الموت لأنك مطمئن لشعبك وتعرف أنك لم تفعل ما يثيره عليك، والآن تسير في حراسة المدرعات والدروع الواقية، والآلاف من رجال الأمن لأنك أدركت أن ثقة الشعب فيك قد فقدت.. وهكذا بما أنك تعلم تماما ما وصلت إليه حال الجميع، وما وصلت به ثقه الشعب فيك، فلماذا لم تتراجع اعتزازا بكرامتك، وخشية لله في الشعب الذي وضع ثقته فيك، وخنتها وجعلتها لفئة ضئيلة هي من تضللك، وتركت الشعب كله كما لو كنت جئت لتحكم هذه الفئة المضللة فقط.. فلقد قلت يوما إنه لو خرج الشعب ضدك فسترحل.. فلماذا الآن تصم آذانك؟ صمتك الآن يا دكتور مرسي وعدم اتخاذك أي موقف حقيقي بالإصلاح أو الرحيل يعني أنك لا تنظر إلى شعبك الذي ولّاك الله عليه، وتتعمد الإساءة إلى هذا شعب الذي وثق فيك وانتخبك، وإنما تنظر إلى الكرسي الذي وضعك الله عليه لتنقذ شعبا من بؤس ثلاثين عاما، ولكنك وضعته في بؤس أكبر منه في أقل من العام، ماذا لو حكمتنا مثل المخلوع ثلاثين عاما إذن؟! مع الأسف يا دكتور مرسي، يا من أعطيتك صوتي يوما، لقد وعدتنا بالآمال حتى تمكّنت، وإذ تمكنت فليس لك من عمل إلا ما تريد ولمن تريد، ولا يهمك من وعدتهم من شعبك، فهم لم يكونوا إلا السلم الذي صعدت عليه إلى القمة، لكي تفوز بما أردت، ثم تلقي السلم وتتربع على هذه القمة بمفردك، دون بلدك أو شعبك. وقد نسيت أن من تركتهم في السفح لن يتركوا الوضع هكذا، فهم سوف يصعدون إلى القمة التي ساعدوك في الوصول إليها حتى لو نبشوها بأظافرهم وصعدوا لها، فإما صعدوا وأصلحوا حالك وحال البلاد معهم، وإما اضطروك إلى القفز من فوقها للخلاص.. عزيزي دكتور مرسي.. البلاد أمانه جعلك الله عليها، فإن كنت أهلا للأمانة فانظر إلى شعبك لا إلى جماعتك، واحكم بما يرضي الله، وإن كنت لا تقدر فاتركها وأقم انتخابات مبكرة لتأتي لمصر بالأصلح. دكتور مرسي.. إذا كنت تنام قرير العين هادئ البال فتذكّر أن من تركتهم في السفح صاعدون إلى القمة عاجلا أم آجلا.. ووقتها لكِ الله يا مصر.