أنا مشكلتي إني بحب الناس اللي حواليّ جداً، هم بيشوفوها حساسية جامدة؛ بس أنا باشوفها إنه خوف على اللي حواليّ؛ باسأل عليهم، وباتطمن، وممكن أسألهم لو أنا ضايقتهم في حاجة؛ لكن مع الأسف بالاقي معاملة غير اللي أنا كنت متوقّعاها، ماعرفش ليه.. هو الحب والصداقة مش إني أبيّنها وأخاف على مشاعر اللي قدامي وأبقى مش عايزاهم يبقوا متضايقين مني. ممكن تطلع زيادة؛ بس هم لو فهموا اللي جوايا صح مش هيزعلوا، وهيشوفوها بالطريقة اللي أنا شايفاها، وهم لو الحاجة دي هم اللي عملوها ماتبقاش حساسية؛ لكن أنا أبقى حسّاسة وباكبّر الموضوع!! أنا فعلاً مش هاعمل كده تاني، خلاص أنا اتعلمت كويس. Soul beauty ابنتي الحبيبة، الإنسان لديه ثلاث مساحات يتعامل فيها حتى يكون في حالة من الاستقرار والهدوء والسلام النفسي وهي: مساحة تعامله مع نفسه (ذاته)، ومساحة تعامله مع الأشخاص من حوله (علاقاته بالبشر)، ومساحة تعامله مع الله سبحانه وتعالى (روحه).. وكلما كانت طاقة الإنسان تُوجّه لكل مساحة على حدة وللتعامل معها بشكل سليم؛ استقرّت باقي تلك المساحات، والعكس صحيح. وأنتِ جعلتِ محور حياتك هو علاقتك بالآخرين؛ فأنت تُوجّهين كل طاقتك لهم وتتابعينهم وتطمئنين على سلامتهم وسلامة العلاقات من أي شوائب أو ضيق من تجاههم؛ وهذا يعني أنك تفتقدين مشاعر الأمان، وتحاولين أن تحصلي عليها -دون وعي منك- بأية طريقة ولو أدى ذلك لتسوّلها؛ لأنها الوحيدة التي تُشعرك بالراحة والأمان والاستقرار، والبشر عموماً يقلقون ممن يتعلق بهم بشكل مبالغ فيه؛ بل وقد ينفرون منه أو يضيقون بطريقته في تتبّعهم، وقد يشُكّون في تصرفاته؛ لذلك يبدءون في البعد عنه؛ لأنه في مساحة غير طبيعية من التودّد والقرب؛ لذلك عليكِ أن تعي وتحاولي تلك الأمور جيداً لتبدئي طريق التغيير بإذن الله: - الأمان لا يأتي من الخارج أبداً، ومهما اعتمدنا في الحصول عليه من بشر؛ فلن تجدِي من يمنحه لك طول الوقت، وفي أي وقت تشائين بالكيف الذي تحتاجينه -في تفكيرك- غير نفسك التي تحيا معك ولا تتركك؛ فأمانك تحصلين عليه بقوة من داخلك أنت.. وليس معنى ذلك أن نتخلى عن البشر؛ فلقد خلقَنَا الله سبحانه لنتعارف ونتقارب؛ وليس معنى هذا أن نظلّ متشبثين بذيول ملابسهم ليراعونا ويحققوا لنا ما لم نكن نعي أنه قصور في تربيتنا أو فينا، أو ليقوموا بما يجب أن نقوم نحن به تجاه أنفسنا؛ لذلك عليك من الآن أن تزيدي مساحة رؤيتك لنفسك والثقة فيها، والتقرّب منها لمعرفتها وحبها وتطويرها وتنميتها بالأنشطة، والعمل التطوّعي، والرياضة، وبتنمية مهاراتها؛ فيزداد قُربك منها وفخرك بها والأُنس بقربها. - راجعي علاقتك بالله سبحانه، وقوّي صِلَتك به على الوجه الذي يُريحك؛ فعلاقتنا بالله تُعطي راحة وأماناً لا نحصل عليه من غيره سبحانه، الذي يقبلنا ويفتح لنا أبوابه كل ثانية من حياتنا. - تدرّبي تدريجياً مع نفسك على استبدال مكالمة أو مقابلة تشعرين برغبة مُلِحّة في القيام بها، بأمر تفعليه مع نفسك ولنفسك، وتشعرين فيه بالراحة أو السعادة؛ لتتذوقي حلاوة التواصل مع نفسك. - إرضاء جميع البشر، يعني في النهاية التنازل عن شخصيتنا؛ فهي أولاً ليست فكرة واقعية، وثانياً هذا الإرضاء والتتبّع يؤثّر على ثقتك بنفسك وعدم توكيدها والفارق بينهما هام جداً؛ فالثقة تعني أننا في حالة من تقدير أنفسنا حتى لو أخطأنا، ولكن توكيد النفس معناها أننا نستطيع أن نعبّر بحرية عما نشعر به ونريده؛ فنعبر ونصرّح عن تقبل تصرف ما، وكذلك نعبّر عن رفض تصرّف ما.. واستمرارك على ذلك سيؤثر عليك نفسياً؛ لأنك في النهاية ستجدين نفسك سجينة رغبات الآخرين وراحتهم، وقد تاهت منك نفسك ورغباتها في القبول أو الرفض أو حتى القدرة على التخلي عن علاقة لضررها لك، أو عدم جدواها؛ فانتبهي، ولتبدئي بالتدريب البسيط على توكيد ذاتك والتعبير عنها. - هناك ما يُعرف باضطراب التعلق، وهو اضطراب يجعل صاحبه في حالة تعلّق بآخر بشكل غير طبيعي؛ يرجع في الأساس لعدم حصول الطفل على مشاعر الأمان أو الحب والاهتمام والرعاية، وبالتالي الثقة بالنفس منذ الصغر؛ فيظلّ الإنسان يبحث عنها في علاقاته الخارجية، دون إدراك.. ولن يحصل على ما يريد؛ لأنه يتعامل مع الآخرين وهو يتمنى أن يتمّ التعامل معه من أمه أو أبيه! في حين أن تلك العلاقات ليست كذلك ولن تكون، وتظلّ علاقاته مضطربة، ويشعر كأن علاقته بمن تعلق به، علاقة حياة أو موت إن تأذّت؛ فالاهتمام والحب بين البشر ينتعش ويتحوّل للمساحة الطبيعية كلّما تحسّنت علاقتنا بأنفسنا وشعرنا بالأمان معها، وكلما تواصلنا مع الله عزّ وجل بشكل أعمق وكلما حرّرنا علاقتنا بالآخرين من التملّك أو تحميلهم بأدوارنا بدلاً عنا. هيا فلتبدئي