منذ أن أعلن الدكتور محمد مرسى رئيس االجمهورية ترشحه لإنتخابات الرئاسة فى أول إنتخابات رئاسية ديموقراطية تجرى فى مصر خلال تاريخها الحديث وهو يحرص دائماً فيما يعلنه من تصريحات وفيما يتخذه من قرارات على إعلاء قيمة الإصطفاف الوطنى وكذلك الحرص الدائم على التوافق العام بعيداً عن التناحر والتصادم فيما بينه وبين كافة القوى الوطنية. وقد حرص رئيس الجمهورية خلال مرحلة الإنتخابات على الإلتزام أمام الشعب وجمهور الناخبين من ناحية وأمام القوى الوطنية من تيارات سياسية وتكتلات حزبية من ناحية أخرى على ضرورة تشكيل فريق رئاسى قوى وتشكيل حكومة وطنية يرأسها شخصية وطنية مستقلة وأن تراعى الخبرات والكفاءات المتوافرة داخل المجتمع وكذلك أن تحرص على التوازنات المختلفة داخل المجتمع بعيداً عن فكرة الحصحصة وتوزيع المناصب فيما بين التيارات السياسية المختلفة. وقد جاء إختيار الدكتور هشام قنديل لتشكيل حكومة جديدة إلتزاماً ووفائاً بالعهد والوعد الذى إلتزم به رئيس الجمهورية أمام الشعب حيث أنه شخصية وطنية مستقلة لا تنتمى لأى من التيارات السياسية وليس له تاريخ حزبى، ولا ينفى ذلك عدم القدرة على التعامل مع القوى السياسية المختلفة. غير أنه ومنذ الإعلان عن إختيار شخص رئيس الوزراء الجديد بدأ جمهور المعارضين والمشككين فى سن أسلحتهم فى مواجهة الحكومة الجديدة ومن قبل أن يعلن التشكيل الكامل لها ومن قبل أن تبدء عملها، فتحدث البعض عن عدم قدرة رئيس الوزراء الجديد على التعامل مع الملفات الاقتصادية الشائكة والمشاكل المتفاقمه، غير أن ذلك ينتفى مع وجود مجموعة اقتصادية قوية تعلم حقيقة الوضع الاقتصادى ومشاكله وكيفية مواجهته بالشكل الذى ينعكس على الوضع الاقتصادى العام ويظهر مردودة على المواطن البسيط. وقد بدء البعض الأخر ممن يرفعون شعار نظرية المؤامرة الحديث عن أن شخص رئيس الوزراء ينتمى لجماعة الإخوان المسلمين، ودليلهم الوحيد والمضحك فى ذلك هو اللحية التى يرتسم بها وجة رئيس الوزراء الجديد، وهو أمر غريب يدعوا الى الحيرة من أولئك الذين يصرون على إدخال البلاد فى النفق المظلم من خلال الإصرار الدائم على التشكيك فى كل شىء والتصادم مع كل شىء والمواجهة بالشكل الذى أصبحت معه المعارضة تمثل معول هدم وليس بناء. وقد بدء طرف ثالث يتحدث عن انخفاض حجم الخبرات المتراكمة لشخص رئيس الوزراء الجديد، حيث أن فترة عمله الوزارى داخل الحكومة لم تتجاوز العامين، وانها كانت بوزارة الرى، معتبرين أن تلك الوزارة ليس كبيرة بالشكل الذى يرقى من خلالها الوزير ليصبح رئساً للوزراء، وهم فى ذلك غافلين أو غير مدركين أن شخص رئيس الوزراء الجديد يحمل درجة الدكتوراة فى العلوم الهندسية وأنه تلقى تعليمه فى الولاياتالمتحدةالأمريكية ثم عمل بمواقع مختلفة داخل وزارة الرى الى أن تم تصعيده لمنصب الوزير على الرغم من صغر سنه وهو ما كان يعد أحد المطالب الاساسية لشباب الثورة. وما يجب أن يدركه الجميع فى تلك المرحلة الهامة من تاريخ مصر أن الشعب المصرى ليس لدية رفاهية الدخول فى جدال وصراع سياسى يقوده نخبة لا تفكر فى المصالح العليا للوطن أو فى أحوال المواطنين أكثر مما تفكر فى وجودها وأن تحافظ على كيانها. إن مصر أصبحت الأن فى مرحلة الجهاد والعمل من أجل تنفيذ برنامج الرئيس سواء مشروع النهضة بشكل عام أو برنامج المائة يوم والذى طرحه الرئيس فى برنامجه الإنتخابى للتصدى لخمسة قضايا أساسيها تهم المواطن فى المقام الأول وهى رغيف الخبز والقمامة والأمن والمرور ومواد الطاقة من بنزين وسولار وأنبوبة البوتجاز، وعلى الجميع أن يعمل معاً وأن تتضافر الجهود من أجل النجاح فى تنفيذ ذلك البرنامج بعيداً عن الصراعات السياسية التى لن تجنى مصر من ورائها شىء. إنها أحد القضايا المهمة التي تواجه النخبة من التيارات السياسية والقوى الحزبية المختلفة وتحتاج إلى إعادة التفكير.