ارتفاع أسعار النفط بعد انخفاض مفاجئ في مخزونات الخام الأمريكية    البنك التجاري الدولي يخفض سعر العائد على 3 شهادات ادخار    عاجل.. طرح أراضي إسكان في 20 مدينة جديدة بإجمالي 8 آلاف قطعة.. اعرف موعد الحجز    قضي الأمر، مسؤولون أمريكيون يكشفون موعد الرد الإسرائيلي على إيران    2030 بوصلة مصر والسعودية نحو المستقبل    أمريكا زودت إسرائيل بها.. ما الفرق بين منظومة ثاد وباتريوت؟    القمة الخليجية الأوروبية تشدد على حل الدولتين ووقف إطلاق النار في غزة ولبنان    بيراميدز يحسم قراره بشأن انتقال إبراهيم عادل للأهلي ويعلن عن القيمة السوقية للاعب.. عاجل    جدول امتحانات شهر أكتوبر للمرحلة الإعدادية 2024 بمحافظة المنيا    ليام باين تنبأ بوفاته قبل أيام من سقوطه من شرفة الفندق (فيديو)    الموسيقار عمرو إسماعيل: أغنية «لكل عاشق وطن» دراما رئيسية بفيلم «أبو علي»    5 علامات تظهر على طفلك تنذر عن إصابته بمشكلة نفسية... راقبي هذا الأمر    إنقاذ 4 حالات بجراحات عاجلة في مستشفى بنها الجامعي.. «شرايين وصمامات»    مصرع عامل وإصابة شقيقه بطلقات نارية في حفل زفاف بقنا    تحدث عن خالد صالح وعلاء ولي الدين.. ماذا قال محمد هنيدي في لقائه مع أنس بوخش؟ (تقرير)    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم».. «الآثار» تعلن سعر تذاكر دخول المتحف المصري الكبير للمصريين والأجانب.. و«التموين» تحسم موقف صرف المقررات لسارقي الكهرباء    ارتفاع جديد.. أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الخميس 17 أكتوبر 2024    لمن يُعطى ذهب الأم بعد وفاتها؟.. الإفتاء تحسم الجدل    زلزال يضرب إثيوبيا بقوة «السابع في 20 يومًا».. وخبير يعلق: سد النهضة قنبلة قابلة للانفجار    بايدن يقدم مساعدات عسكرية إضافية لأوكرانيا ب 425 مليون دولار    هاريس تتحدث عن الهجرة والمواقف السياسية خلال مقابلة مع فوكس نيوز    الزمالك يطير إلى الإمارات للمشاركة في السوبر المصري    العربية دخلت تحت تريلا.. وفاة شخصين في حادث سيارة أمام نزلة أكتوبر- صور    هل يجوز تأدية صلاة الفجر بعد شروق الشمس.. الأزهر يوضح    أيمن بدرة يكتب: التجربة الموريتانية والحذر الواجب    اتحاد طلاب الجلالة: ارتفاع أسعار اشتراك الباصات والسكن ولا يوجد رادارات و إنارة على الطريق    نشرة التوك شو| "الجلالة" تتكفل بعلاج المصابين بحادث الأوتوبيس وحكم استخدام "الهارد جيل" والأظافر الصناعية    تيسيرات جديدة للمواطنين.. تعديلات قانون البناء الموحد في البرلمان    أول تعليق من نجوى كرم بعد أولى حلقات «Arabs Got Talent».. ماذا قالت؟    محمد هنيدي يكشف تفاصيل آخر يوم في حياة خالد صالح قبل وفاته (فيديو)    تأمين صدارة الدوري ومهام أوروبية.. ماذا ينتظر محمد صلاح مع ليفربول؟    مصدر طبي: خروج 21 من مصابي حادث الطريق الإقليمي من مستشفى اشمون بالمنوفية    5 أدعية نبوية للحماية من الحوادث وموت الفجأة.. بعدانقلاب أتوبيس الجلالة وقطار المنيا    قرار جديد بشأن مصرع طفلين وإصابة 5 آخرين من عائلة واحدة بالشرقية    #جامعة_الجلالة يتصدر التواصل .. ومغردون: حوادث رايح جاي قطارات وطرق    ياريت يجلس في البيت.. جمال شعبان يوجه رسالة لطلاب المدارس بسبب البرد    إعلام فلسطيني: اشتعال النيران في مدرسة خليفة التي تؤوي نازحين شمالي غزة بعد قصفها بالقنابل الفسفورية    جمال الغندور: لا أقبل بتدخلات القطبين في اختيارات طاقم تحكيم السوبر    درجات الحرارة في مدن وعواصم العالم اليوم.. والعظمى بالقاهرة 29    سماع دوي انفجارات في أجواء مدينة اللاذقية بسوريا    «المخفي» يقدم أحمد سلطان في أول بطولة سينمائية مُطلقة.. قصته وموعد عرضه    عاجل.. تركي آل شيخ يعلن عودة يوسف الشريف للدراما بعمل درامي ضخم    وزارة التربية والتعليم تصدر خطابا عاجلا بشأن سعر الحصة الجديد    وسط ترقب لقرارات المركزي..أسعار الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الخميس 17 أكتوبر 2024    رئيس اللجنة النقابية للمصوغات والمجوهرات يفجر مفاجأة عن أسعار الذهب    محافظ الغربية ونائبه يشهدان احتفال الطرق الصوفية بمولد السيد البدوي    اللواء سمير فرج يكشف أسرار نصر أكتوبر | تفاصيل    في اليوم العالمى ل«العصا البيضاء».. جهود حكومية لدعم ذوى الإعاقة البصرية    مصر تدعم الصومال في تحسين «إدارة المياه»    دراسة أمريكية: زراعة الكلى آمنة بين المصابين بفيروس نقص المناعة    سيراميكا كليوباترا يكشف سبب رفض انتقال بيكهام ل الزمالك    بيراميدز يجهز مفاجأة للزمالك في السوبر المصري    "الأهلي يضمن حقوقه".. سيد معوض يكشف تفاصيل انتقال نجله عمر إلى ريال بيتيس    حظك اليوم| برج الدلو 17 أكتوبر.. «تجارب غير متوقعة»    فشل اللصوص في سرقة طالب بسوهاج فمزقوا جسده بالأسلحة البيضاء    "الآيس كريم: الحلوى المفيدة التي قد تتفوق على الحلويات الأخرى!"    الأزهر للفتوى محذرا من تطبيقات المراهنات الإلكترونية: قمار محرم    حكم إخراج الزكاة على ذهب المرأة المستعمل للزينة.. الإفتاء تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر والحضارة الإنسانية
نشر في أموال الغد يوم 01 - 09 - 2014

قبل الميلاد بثلاثين قرناً أو بعبارة أخرى قبل خمسة آلاف سنة من الآن كان العالم المعروف آنذاك غير العالم الذى نعرفه فى الوقت الحاضر تماماً. لم يكن أحد يعرف جزءاً من العالم اسمه «أوروبا». كان مركز العالم آنذاك فى المنطقة التى تمتد من حوض النيل غرباً إلى العراق شرقاً والذى يضم بين النهايتين – وادى النيل وحوض الفرات – الجزيرة العربية شمالها وبخاصة أرض العبرانيين وجنوبها وبخاصة اليمن.
فى ذلك الزمن البعيد أشرق على البشرية نور من وادى النيل حيث بزغ فجر الضمير الإنسانى على حد تعبير الأكاديمى الأمريكى الشهير «جيمس هنرى بريستيد» فى الكتاب المعنون «فجر الضمير» والذى نقله إلى العربية منذ عام 2000 أى منذ أربعة عشر عاما الأستاذ الدكتور/ سليم حسن أستاذ المصريات القديمة.
فى كتاب «بريستيد» كلام عن مصر لو كتبه مصرى لقيل إنه مخرّف أو أنه على الأقل يبالغ فى أهمية بلده وفى تاريخها الحضارى. ولكن الكاتب هنا هو أكاديمى أمريكى شهير قام بالتدريس فى كثير من أهم الجامعات الأمريكية ذات الوزن العلمى.
ويرى بريستيد أن البشرية ظلت قروناً وقروناً يتصرف فيها البشر بدوافع الغريزة وبحكم القوة المادية وما فى أيدى الناس من سلاح مهما كان بدائياً «البلطة وغيرها» وعلى مدى المئات من آلاف السنين كان المجهود البشرى طوال هذه الفترة يسير بالبشرية من طور إلى طور انتقل فيها بنو البشر من القتل «بالبلطة» أو «الفأس» إلى أن وصل إلى استعمال أسلحة قادرة على سحق الآلاف من الأرواح وتدمير مساحات شاسعة من العمران.
ويرى الكاتب الكبير أن حلّ رموز الخط المسمارى للبابلية والآشورية وفك رموز حجر رشيد فى مصر – يرى بريستيد أن هذين الأمرين مكّنا الباحثين من فحص كثير من الوثائق القديمة التى تحكى قصة تاريخ التقدم البشرى.
ويرى مؤلف كتاب «فجر الضمير» أن نهر النيل هو النهر الوحيد على الكرة الأرضية الذى ينبع من المناطق الحارة فى قلب أفريقيا وينساب نحو الشمال ليصب فى البحر الأبيض المتوسط وعند مصب النيل يرى بريستد أن الحضارة القديمة بدأت تظهر حول مناطق شمال هذا النهر. وأن المصريين القدماء الذين عاشوا فى عصور ما قبل التاريخ المعروف كانوا – وفق تعبير بريستيد – أقدم مجتمع عظيم على الأرض استطاع أن يضمن لنفسه غذاءً ثابتاً (ص 19 من ترجمة سليم حسن) وكان اختراع هؤلاء المصريين لأقدم نظام كتابى قد جعل فى أيديهم الوسيلة للسير على طريق التقدم الطويل نحو الحضارة الإنسانية بحيث تحول سكان وادى النيل – على مدى آلاف السنين – من مجرد صيادين أو فلاحين بدائيين إلى مهندسين وصناع وحكماء وأنبياء اجتماعيين فى جماعة منظمة مشيدين تلك العجائب على ضفاف النيل فى وقت كانت أوروبا لاتزال فى همجية العصر الحجرى. من يعرف كل هذا يعرف قصة ظهور أول مدنية على وجه الكرة الأرضية تحمل فى ثناياها صوراً أخلاقية (ص22 من نفس المرجع).
ويذهب بريستيد عكس الغالبية من الباحثين فى التاريخ القديم من أن العبرانيين هم أصحاب أول معيار أخلاقى اهتدى به الناس – يذهب هذا الأكاديمى الكبير إلى أن الحضارة المصرية سبقت أيام «العبرانيين» بأكثر من ثلاثة آلاف سنة وأنها كانت أول من قدم للبشرية ما يمكن أن يسمى معياراً أخلاقياً يحكم حياة الناس. وهذا هو ما دعا الكاتب إلى أن يقول إن وادى النيل وسكانه من المصريين القدماء هم بناة «فجر الضمير» الإنسانى.
ولم يكن من قبيل المصادفة أن أمد يدى إلى كتاب صدر فى نفس العام الذى صدر فيه كتاب «فجر الضمير» وهو كتاب «النيل – حياة النهر» لمؤلفه الألمانى اميل لودفيج، والذى ترجمه الأستاذ/ عادل زعيتر قائلاً فى مقدمته: نقلت كتاب «النيل» إلى العربية معتمداً على ترجمته إلى الفرنسية والإنجليزية.
وعندما يلتقى النيل الأبيض والنيل الأرزق تحت تخيل الخرطوم «وهكذا يوجد بعناقهما الأخوى مكانا من أروع بقاع الدنيا ويسفر اتحاد مقاديرها عن وجود مصير مصر» (ص153 من كتاب لودفيج).
ولعل هذه العبارات الوجيزة تبين بجلاء أن منهج لودفيج لم يكن منهج الدارس للنيل كمجرد شريان ماء وإنما ينظر إليه على أنه كائن حى يبعث الحياة فى كل ما حوله.
وعندما ينتهى «فى مصر» يرتبط مصيرها بمصيره. إنه يتحدث وكأنه يسمع أغنية عبدالوهاب التى يقول فيها «يا نيل يا ساحر الوجود».
أعتقد أن هذا الكتاب يستحق أن يقرأه كل مواطن مصرى لكى يدرك أنه ينتمى إلى شعب حضارى عريق. شعب يستحق أن يتطلع من جديد إلى بناء دولة قوية وإلى الإسهام فى الحضارة البشرية.
حفظ الله مصر وسدد خطاها نحو الإسهام فى حضارة بنى الإنسان. والله المستعان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.