جامعة الأزهر: خروج طالبات الأقصر من المستشفى وتحقيق لكشف الملابسات    رسميا.. محمد معيط رئيسا للمجموعة العربية بصندوق النقد الدولى    سعر الدولار أمام الجنيه اليوم السبت 26-10-2024    الدفاع الجوي الإيراني: تصدينا لمحاولة إسرائيل استهداف عدة مواقع حول طهران وفي أنحاء البلاد    الجيش الإسرائيلى يعلن انتهاء الهجوم على إيران    48 هجوما.. "حزب الله" ينفذ أكبر موجة هجمات ضد إسرائيل منذ بدء الحرب    غلق القيد الصيفي للدوري الممتاز للموسم الجديد 2024 - 2025    40 صورة من احتفال لاعبو النادي الأهلي ببطولة السوبر المصري    خلال ساعات.. أولى جلسات محاكمة سائق متهم بدهس 7 لاعبين بنادي 6 أكتوبر للدراجات    مائل للحرارة والعظمى في القاهرة 27.. حالة الطقس اليوم    خلال ساعات.. الحكم على سعد الصغير بتهمة سب وقذف طليقته    اليوم.. الصحة تطلق 8 قوافل طبية بالمحافظات    تعليم بورسعيد يحتفي بذكرى العبور ويستضيف قائد سلاح المدرعات الأسبق    إعلامي يتغزل في نجم الزمالك : مستواة مبشر ومستقبل النادي    مهيب عبد الهادي يشيد بنجم الزمالك : لعيب كبير وليه مستقبل    تعليق ناري من نجم الأهلي بشأن احتفاله أمام الزمالك في السوبر الأفريقي    اللواء هشام الحلبي: حرب أكتوبر تجسيد للاحتراف العسكري وأسقطت نظريات دفاعية عالمية    الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي يناقش الوضع السياسى الراهن.. صور    بسب خلاف على قطعة أرض.. حبس قاتل نجل عمومته في سوهاج    إصابة 6 جنود إسرائيليين جراء سقوط صاروخ في منطقة شومرا بالجليل الغربي    أهواك وأمتي الزمان.. محمد ثروت الأكثر بحثًا على أكس بسبب ليلة عبد الوهاب    إنجي المقدم.. أناقة جريئة بالتوب المكشوف الأسود في مهرجان الجونة    عالم شائعات.. ياسمين الخطيب وهدير عبد الرازق وأسرار أزمة الفيديو المسرب    شركة مياه الشرب بالقاهرة تعلن خبرا سارا للمواطنين    عاجل - إسرائيل تشن غارات جوية عنيفة على إيران.. و5 انفجارات ضخمة تهز طهران    ضبط سائق تاكسي قتل طالب بالمطرية    موعد بدء التوقيت الشتوي 2024 في مصر.. اضبط ساعتك وتعرف على مواقيت الصلاة الجديدة    أيمن بدرة يكتب: سلبيات الانتخابات    وفاة زي كارلوس إثر أزمة قلبية    الطن يرتفع 874 جنيها.. سعر الحديد والأسمنت اليوم السبت 26 أكتوبر 2024    رغم ارتفاع نسبة الحضور ل80% رسميًا.. عودة ظاهرة «التزويغ» من المدارس    أقراص تحديد النسل للرجال!.. إنجاز علمي تحقق عام 1963 وشاركت جامعة القاهرة في الأبحاث    «البوتكس».. يخلصك من «تجاعيد الموبايل»    يمنع هشاشة العظام ويدعم الجهاز المناعي.. 5 أطعمة غنية ب «فيتامين د» بشكل طبيعي    «أصدقاء فصل الشتاء».. أهم الأعشاب لتهدئة الاحتقان والتهاب الحلق    إعلام إسرائيلي: الهجوم على إيران تم بالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة    بعد طهران، أصوات انفجارات تهز ريف دمشق والمنطقة الوسطى في سوريا    «بسبب كلب».. تفاصيل إنهاء حياة شاب على يد آخر في الغربية (تفاصيل)    التقديم اليوم رسميًا.. شروط ومكان وظائف شركة مياه القاهرة 2024 (رابط مباشر)    خبيرة تكشف مفاجأة: هدم مقابر الإمام الشافعي يوفر 3 دقائق فقط بالطريق (فيديو)    «زي النهارده».. وقوع حادث المنشية 26 أكتوبر 1954    حظك اليوم برج الحوت السبت 26 أكتوبر.. اغتنم الفرص    المخرج عمرو سلامة يختار الفائزين في برنامج «كاستنج»    تامر هجرس يكشف سبب غياب بناته عن افتتاح مهرجان الجونة: «كان نفسي يحضروا»    واعظ بالأزهر: الإخلاص أمر مهم ذو تأثير كبير على الإنسان والمجتمع    سعر سبيكة الذهب اليوم السبت 26-10-2024 في مصر    اعرف سعر السكر اليوم السبت 26-10-2024.. وطرح عبوات بأوزان جديدة للشاي    إشبيلية يفوز على إسبانيول في الدوري الإسباني    10 شركات سمسرة تستحوذ على 73.8% من تعاملات البورصة خلال الأسبوع الماضى    النائب العام يلتقي سكرتير الدولة للعدل الإسباني    مجموعة السبع تعلن الاتفاق على قرض ب 50 مليار دولار لأوكرانيا مدعوم بفوائد الأصول الروسية    ضبط سلاح ناري وهيروين مع 3 متهمين في كفر الشيخ    مطرانية ملوي بالمنيا تكشف سبب إحلال وتجديد الكنيسة المرقسية    انتشال جثة شخص من مشروع ناصر بعد 24 ساعة بالبحيرة    وزير الأوقاف والمفتي ومحافظ السويس يشهدون احتفال المحافظة بالعيد القومي    خطيب الجامع الأزهر: خيرية الأمة ليست شعارا بل نتيجة لامتلاكها مقدمات النجاح    مواقيت الصلاة .. اعرف موعد صلاة الجمعة والصلوات الخمس في جميع المحافظات    خطيب المسجد الحرام: شعائر الدين كلها موصوفة بالاعتدال والوسطية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غسان الامام يكتب : سيناء: حديقة حماس الخلفية!
نشر في الوفد يوم 25 - 02 - 2014


سي
أضحكني فتحي رضوان. فقد صاح بي بين الجد والهزل: «أنتم العرب هكسوس. تجسستم علينا. فحكمتمونا قرونا على زمن أجدادنا الفراعنة»! وكنت قد التقيته في الثمانينات، في مؤتمر عن الديمقراطية، عقده «مركز دراسات الوحدة العربية» في لارنكا. وكانت قبرص الدولة الوحيدة التي رضيت بعقده عندها. فلم يكن لديها ما تخشاه من الديمقراطية،
لمجرد كونها دولة غير عربية.
هك
كان الراحل فتحي رضوان «فتوّة. جدعاً». أي «زغرتيا». شجاعا بلغتنا العامية اللبنانية / السورية. وسبب ضيقه أن تقدم العمر أنساه آنذاك أسماء الصف الثاني من ساسة حزبه (الوطني) القديم. فذكّرته بهم. فأدهشته معرفتي بالتفاصيل. وتخلص رحمه الله من الإحراج، باتهامي بأني من الهكسوس «المتجسسين» على مصر. وكان جمال عبد الناصر وزَّر فتحي رضوان لوطنيته. ونظافة كفه. ثم صرف النظر عنه. فقد بات عبد الناصر نفسه قوميا عربيا من الهكسوس.
سيناء جرح نازف دائم في جسد مصر. هذه الصحراء الصغيرة التي تاه بها اليهود أربعين سنة، كانت معبرا للغرباء والغزاة لمصر. ثم كانت منفذا تاريخيا لمصر يطلّ بها على منطقة نفوذها الإقليمي. الأهمية الاستراتيجية لم تجعل مصر تهتم بتطوير وتنمية سيناء ماضيا وحاضرا. فظل قاطنوها العرب «الهكسوس» مصدر اضطراب وإرهاق لمصر.
استعادت مصر سيناء من إسرائيل بالقوة والدبلوماسية. ثم أهملتها كعادتها. ربما لأن صلح «الكامب» لم يسمح بمرابطة قوة مصرية كبيرة لضبط سيناء وأهلها. ولو لم تعتبر حماس سيناء حديقتها الخلفية، لما اضطر المشير عبد الفتاح السيسي إلى خوض حرب حقيقية في هذه الأيام، لإخضاع وضبط هكسوس حماس، والمنظمات الجهادية التي تؤويها عندها في غزة.
مصر تتهم حماس. وحزب الله. و«الجهاديين» ب«تحرير» الرئيس المخلوع محمد مرسي من سجن في وادي النطرون، في الأيام الأولى للثورة على نظام الرئيس حسني مبارك (2011). ويقف مرسي اليوم أمام العدالة، متهما، «بالتخابر» وتقديم معلومات إلى إيران، عندما كان رئيسا. وهي تهمة تقترب من الخيانة العظمى.
ماذا فعلت حماس بحديقتها المصرية المجاورة؟ غادرت حماس سوريا، فلم تقاتل مع السوريين جيش الأسد الطائفي. فقد شاءت أن تقاتل بالواسطة جيش مصر الوطني، لأنه حسم الصراع بين شعب مصر، ونظام مرسي الإخواني الذي خطف الثورة. والسلطة. والرئاسة. ثم بدأ في تنفيذ المشروع الإخواني. لتدمير قرنين من الثقافة الإنسانية والتراثية التي أطلت بها مصر على أمتها العربية.
كجمعية خدمات اجتماعية، هادنت حماس الاحتلال. وعندما تعسكرت مع الانتفاضة الأولى (1987) ظلت وفية لمرجعيتها الإخوانية. فقد رسم لها مؤسسها الداعية الشيخ أحمد ياسين الذي لم يكن مفكرا مشروعا يقوم على تحرير فلسطين بالجهاد المسلح. وتمكن من ترويع إسرائيل بعمليات انتحارية. وكان ردها وحشيا بالإغارة على مقعده المتحرك.
ترك الشيخ الراحل وراءه أرملة لديها 12 ولدا وبنتا منه. لكن تلامذته كانوا ورثته الحقيقيين. وعندما سحب شارون المستوطنين من غزة (2005) كانت الفرصة سانحة، للتحول من استحالة التحرير بالانتحار، إلى فرض التحرير بالتطوير والتنمية. والتعليم، لجعل غزة لؤلؤة متوسطية مزدهرة. مستقلة اقتصاديا واجتماعيا. وكان عرب الخليج مستعدين للتمويل.
بدلا من ذلك، اختارت قيادة حماس الجديدة الرهان على الصعب المستحيل. تجاهلت بؤس الحصار. فنادت بالتحرير من النهر إلى البحر، من خلال أسلوبين عاجزين: الانتحار المسلح! والصاروخ الإيراني! على مستوى الممارسة الميدانية، خالفت حماس تعهدها بعدم تبني «شرعية أوسلو». فخاضت الانتخابات تحت مظلتها. نجحت حماس. فأحرجت بالديمقراطية فتح والديمقراطيات الغربية. شكلت الحكومة (2006). ثم استولت على السلطة في غزة في العام التالي! مصفيةً بالقوة والاقتتال الدموي فتح وأجهزتها الفاسدة والمترهلة هناك.
على المستوى الآيديولوجي والنظري، لا أجد في «التنازلات» التي قدمها القائد والمنظِّر خالد مشعل ما يستدعي استمرار هذا الخلاف المفتعل، مع سلطة محمود عباس! وتصريحاته المتوالية في السنوات العشر الأخيرة توحي بالتخلي عن ميثاق حماس الداعي إلى تدمير إسرائيل. مشعل بات يقبل بدولة في حدود 1967. والالتزام بهدنة مهادنة لإسرائيل شبيهة بالصلح.
التمديد لمشعل كرئيس للمكتب السياسي ترافق بإعلانه وقف إطلاق الصواريخ من غزة. والتعهد لأميركا «بأننا سنكون جزءا من الحل». وكل ذلك ورد في مقابلات مع وكالة رويترز. ومراسل «نيويورك تايمز» في إسرائيل إيتان برونر الذي لا أدري ما أوصله إلى دمشق! حيث تحدث مشعل في عام 2009، بعد التجديد له.
بل في المصالحة «الأسطورية» بين حماس وفتح التي لم يعد أحد من العرب والعجم يصدِّقها، يخاطب مشعل عباس: «ستكون لدينا دولة واحدة. وقرار واحد». يرد عباس: «صفحة الانقسام طويت إلى الأبد»! ما الذي دفع ويدفع إلى هذه التناقضات الصارخة في المواقف؟ حسبما يقول مشعل: «إن انفجار الوضع في سوريا جعل حماس أكثر واقعية... لمراجعة موقفنا وتغيير استراتيجيتنا».
مشعل يستوطن حاليا الدوحة القطرية. غير أن علاقة حماس بإيران محيرة إلى حد الغموض. زعماء حماس في غزة يقرون بالاحترام للمال السياسي الإيراني. ودوره في تمويل السلطة الانقلابية واقتناء صواريخ مطورة، وصولا إلى صاروخ «فجر - 5» الإيراني الذي يصل مداه إلى أبواب تل أبيب. وبعضهم دأب على نقد تصريحات مشعل الذي هدد مرة بالاستقالة والانسحاب.
إيران حددت المسيرة والسلوك أمام حزب الله وحماس: الكفاح المسلح. لا مساومة. ولا تسوية مع إسرائيل. بل ذهبت إلى إيفاد علي لاريجاني. وسعيد جليلي، إلى دمشق، لتهديد مشعل (2009)، بقطع الدعم المادي، إذا أوقف «حرب غزة» التي انتهت بمقتل 1300 غزي معظمهم مدنيون. وتدمير مدنها. ومبانيها. والمراكز الإدارية الحماسية. واغتيال زعماء بارزين فيها. وخرج مشعل من اللقاء بدعوة أهل غزة إلى التحمل وهدهدة الألم!
أعود إلى حديقة حماس المصرية. لأقول إن الخطاب السياسي والدعائي الفلسطيني بات متعدد الأصوات: مصالحة. مهادنة. مفاوضة. كفاح مسلح. جهاد... ولعل من خلال هذه «التعددية» الدعائية يجري التعامل مع مصر السيسي. حماس لا تعترف بالتدخل المباشر في حرب سيناء. لكن تسمية «أنصار بيت المقدس» التي تطلق على التنظيم الإرهابي العامل في سيناء. والمتسلل إلى مدن قناة السويس. والعريش. وبعض مدن الدلتا، وصولا إلى القاهرة، هو شديد الشبه والقرابة بشعارات حماس والتنظيمات «الجهادية» التي تحتضنها بغزة.
عاد العنف الديني ليتناول المرفق السياحي البالغ الأهمية لمصر في محنتها الحالية. مصر ترد بنسف وتدمير الأنفاق. وفتح وإغلاق معبر رفح حيث يجري غالبا الاشتباك مع ميليشيا حماس. وهي تتهم حماس. وحزب الله (بتشجيع من إيران) بالتدخل في مصر. تدمير النظام السوري لسوريا. وقتله لشعبه. كل ذلك كشف إيران ومرتزقتها وعملاءها العرب، كحزب الله، ومتطوعي الشيعة العراقية المقاتلين في سوريا. فهل يستطيع مشعل أن يقدم كشفا صريحا لموقف حماس من فوق «الكنبة» التي يستريح عليها في الدوحة القطرية؟
حماس اليوم في ورطة حقيقية. المواقف المتناقضة أفقدتها تأييدا عربيا كبيرا. وربما هي اليوم بحاجة إلى المال لاستيعاب الوضع المأسوي في غزة: فشل حماس في الإدارة. ومعالجة المشاكل. المرتبات لا تصل. الكهرباء تنقطع. أطفال المدارس بلا أحذية وملابس. المستشفيات غاصة بالجرحى والمرضى. الأسرّة لا تكفي لألفي مريض. المضادات الحيوية نادرة. لكن التزمت يزداد يوما بعد يوم. حتى الفرحة ممنوعة. جرى اختصار الفرح بفوز محمد عساف (أراب أيدول). يكفي صوت مشعل وهو يدعو 1.6 مليون غزي لتحمل الألم. فهم في أمان في حضن حماس.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.