من عجائب ما يسمى ببرلمان "الثورة" التي هي في حقيقتها "مظاهرات" وكان الأولى تسميته برلمان"مظاهرات يناير".. أن يخرج علينا من انتشلتهم تلك المظاهرات من الضياع والاعتقال والحظر بقانون لتجريم التظاهر!.. لن أقول ما بات راسخاً في أذهان المصريين "المهتمين بالشأن السياسي" إن ذلك البرلمان لا يمثل مظاهرات 25 يناير ولا يعبر عن إرادة الشعب.. بل أقول إن مثل تلك التصرفات لا تنم إلا عن عقلية سيطر عليها القمع، وخضعت له حتى ألفته وبات هو القانون الطبيعي عندها.. ولأصحاب ذلك الفكر أقول.. إن كل محاولات تكميم الأفواه وقهر الشعب.. لم ولن ينتج عنها إلا انفجار جديد وثورة حقيقية فلا تلعبوا بالنار. وهذا الأسلوب لا يعطي أي بارقة أمل في تحول ديمقراطي حقيقي.. ويشي بأننا تركنا ذمام وطن يتعطش للحرية في يد من لا يؤمن إلا بالطاعة العمياء.. وبالطبع فمع ذلك الفكر علينا أن نؤجل جميعاً أحلامنا بوطن قوي، وأن نرضى بموقعنا في مؤخرة الأمم وأن نظل محط سخرية الآخرين إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً. بنود القانون "المباركي" التي قرأتها تطلب من المظلوم موافقة الظالم على الاحتجاج وموعده ومكانه ومدته، وربما يزيدون خفية "وأن تحدد الجهة الإدارية الشعارات والمطالب المسموح بها" أيضاً.. لم أرَ في مشروع القانون المزعوم شيئاً عن قطع الطرق والسكك الحديدية.. لم أرَ ذكراً للتخريب والاعتداء على منشآت الدولة.. وهذا إن دل على شئ فلا يدل إلا على أن هؤلاء لا يقلقهم إلا أصحاب الفكر والآراء المخالفة لهم، أما البلطجية والطرف الثالث وأمن الوطن ومنشآته فهي أشياء أقل أهمية.. كما أن طرح مثل هذا القانون ينم بوضوح عن النهج المتوقع لهؤلاء لو اكتمل لهم "التمكين"، فلم لا وهو نفس الفكر الذي يرى الديمقراطية كفراً.. ومعارضة الحاكم اللص أو الفاشل خروج على الجماعة.. فقط لا يتكلم أحد ولا يعترض ولا يرتكب إثم التظاهر عافانا الله وإياكم.. فقط السمع والطاعة.. أو "لا تجادل ولا تناقش يا أخ علي". و أخيرا أقول نعم قد يحلم مقهور ما بأن يقهر زوجته التي في بيته بالطاعة العمياء.. أما أن يفرض ذلك على شعب مصر فهو "خبل"، ولعب بالنار.. وعدم فهم لطبيعة الشعب المصري.. فلا تهينوا الدولة وقوانينها أكثر من ذلك بقوانين لا يلتفت لها أحد، ولا يعيرها الشعب اهتماما، بالضبط كحظر التجول الذي فرضه المخلوع في آخر أيامه ولم ينفذه إلا هو..!