تعاني رشيد مدينة الألف مشكلة التي تركتها الحكومة فريسة للإهمال من ضياع ورش صناعة السفن ومراكب الصيد والتي اشتهرت بها المدينة وكان لتلك الصناعة كبير في توفير العملات الأجنبية من خلال تصدير المنتجات إلي العديد من الدول الخارجية نظرا لسمعتها القوية وجودة التصنيع، وتساهم الحكومات المتعاقبة في القضاء نهائياً علي تلك الصناعة من خلال وضع العراقيل أمام أصحاب الورش التي تصل إلي 21 ورشة بمدينة رشيد وكان يعمل من خلالها أكثر من 4 آلاف عامل هجرها معظمهم للبحث عن وسيلة رزق أخري يطعمون من خلالها أسرهم بعد أن أصبحت جميع الورش علي شفا الإغلاق نهائيا. (الوفد) انتقلت إلي المدينة البائسة حيث تجولت داخل ورش صناعة السفن والتي تقع شمال المدينة علي نهر النيل، حيث توقفت الورش عن الصناعة بعد أن كانت مثل الخلية تعمل بكل جد ونشاط حتي سنوات قليلة ماضية. أكد يسري حسن- صاحب ورشة تصنيع سفن- قائلاً إني أعمل في هذه الصناعة منذ نعومة أظافري وورثنا أنا وأشقائي هذه المهنة عن الآباء والأجداد حيث كنا نصنع السفن ونقوم بتصديرها إلي العديد من الدول الخارجية ومنها اليونان والجزائر وليبيا وتونس والسنغال بسبب شهرتنا العالمية وجودة صناعتنا حيث نمتلك أمهر العمال علي مستوي العالم وكان لنا دور كبير في توفير العملات الصعبة، بالإضافة إلي توفير الآلاف من فرص العمل ليس لأبناء رشيد فقط ولكن العديد من المحافظات والمراكز المجاورة وكانت المواد الخام اللازمة لصناعة السفن والمراكب واليخوت سواء من الأخشاب أو الحديد أو البويات تتوافر بأسعار مخفضة. ويبدو أن رواج تلك الصناعة لم يعجب الحكومات المتعاقبة والتي تفننت في وضع العراقيل أمامنا حتي تنهي علي تلك الصناعة الهامة وأولي هذه العراقيل هي قيام الحكومة برفع قيمة استغلال الأراضي التي تقام عليها الورش من جنيه واحد للمتر خلال العام إلي 17جنيها والنصف في العام مما أدي إلي زيادة الأعباء بشكل مفاجئ ولم تكتف الحكومة بذلك بل أرسلت إلينا إنذارات بالطرد فوراً في حالة التأخر عن السداد دون أن تمنحنا الفرصة لتدبير تلك الأموال ويأتي ذلك في الوقت الذي ترفض فيه الحكومة منحنا تراخيص للورش التي نعمل بها أو منحنا مستندات بحق الانتفاع مما يشعرنا بحالة من عدم الاستقرار. ولم تقتصر عراقيل الحكومة أمامنا علي ذلك بل ترفض بشدة وبدون أسباب مقنعة توصيل التيار الكهربائي إلي العديد من الورش مما يجبرنا علي شراء المولدات الضخمة التي تستهلك كميات كبيرة من السولار والزيت، بالإضافة إلي حاجتها للصيانة المستمرة مما يزيد من أعبائنا، وكذلك رفع قيمة التأمين علي العمال من 30 جنيهاً إلي 170 جنيهاً شهرياً لكل عامل وعن كيفية مراحل تصنيع السفن أكد أننا نقوم بتصنيع جميع السفن والمراكب سواء كانت للصيد أو الرحلات أو المعديات النيلية أو نقل البترول أو اليخوت حسب رغبة العميل الذي يقوم بشراء جميع المواد الخام ونقوم نحن بالتصنيع داخل الورش ويتم تحرير العقود مع العميل علي المقابل المادي للتصنيع والمواصفات وموعد التسليم. ويضيف قائلاً تسببت أزمة ارتفاع قيمة الدولار أمام الجنيه في زيادة رهيبة في أسعار المواد الخام، حيث توقف العدد القليل من العملاء الذين كانوا يأتون علي فترات متباعدة من الحضور وطلب تصنيع المراكب مما أنهي تماما علي البقية الباقية من عمل الورش والتي توقفت تماما عن التصنيع وهجر باقي العمال المهنة التي قاربت علي الانقراض بعد أن كانت تحظي علي الشهرة العالمية. ويشير صاحب الورشة إلي أن اختفاء الأسماك من السواحل المصرية بسبب التلوث والمصانع التي تلقي مخلفاتها في البحر مما أدي إلي عزوف الصيادين عن تصنيع مراكب الصيد بأنواعها المختلفة سواء (الشنشيلا أو السنار أو الجر). وعن مطالب أصحاب الورش أكد أن أول مطالبنا هو موافقة الدولة علي منحنا تراخيص للورش في أماكنها، بالإضافة إلي تقنين أوضاعنا وخفض رسوم حق استغلال أرض الورش، بالإضافة إلي سرعة توصيل الكهرباء إلي الورش بدلاً من المولدات التي تحتاج إلي مصاريف يومية فوق طاقتنا، وفي حالة تحقيق تلك المطالب سوف تعود صناعة السفن إلي سابق عهدها وتغزو جميع الدول الخارجية مرة أخري حتي نساهم في توفير العملات الأجنية، بالإضافة إلي عودة آلاف العمال الذين هجروا المهنة إلي الورش مرة أخري وفتح الباب أمام توفير المئات من فرص العمل الجديدة للشباب ويكون لنا دور في القضاء علي البطالة. فهل تستجيب الحكومة لهذه المطالب أم تواصل إصرارها علي القضاء علي صناعة السفن.