\r\n فهل سيكون الاعتراف باستقلال إقليمي الحكم الذاتي الجورجيين سابقا (في الوقت الذي تعاني أذربيجان نفسها من تحديات قره باخ غير المعترف بها)، مسألة حساسة لأذربيجان، وحجر عثرة يعيق تطوير الشراكة الاستراتيجية التي تحدث دميتري ميدفيديف عنها خلال زيارته إلى باكو في الصيف الفائت؟ \r\n \r\n عرضت روسيا وأذربيجان مرارا البراعة في إيجاد نقاط التقاء بعد فترات \"البرود\". فكان هذا على سبيل المثال، في بداية القرن الجديد (زيارة فلاديمير بوتين إلى باكو)، عندما نجحت الدولتان في تجاوز النفور الذي نشأ في أوائل أواسط تسعينات القرن الماضي. \r\n \r\n لقد غيرت أحداث \"أغسطس الساخن\" كل الصورة الجيوسياسية للقوقاز الكبير. فظهر في فضاء الاتحاد السوفيتي السابق لأول مرة منذ انهياره، كيانان معترف بهما جزئيا. وبهذا الصدد يتساءل العديد من جيران روسيا: \"هل ستشمل موسكو كيانات غير معترف بها بسابقة أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية؟\". \r\n \r\n في الحقيقة يقلق أذربيجان جدا موقف روسيا من تسوية قضية قره باخ. ويجدر التذكير بأن موقف باكو من أحداث أوسيتيا الجنوبية تميز بالتحفظ المفرط. فقد تضمن بيان وزارة الخارجية الأذربيجانية في 8 أغسطس 2008 دعما لوحدة أراضي جورجيا، عبارات عامة، مثل (تجاوب العملية الجورجية مع القانون الدولي)، ولم يجر التأكيد عليها فيما بعد. كما حضر الفعالية الجماهيرية في تبليسي في 12 أغسطس قادة خمس دول، أبدت تضامنها مع جورجيا. فكان هناك رؤساء جمهوريات البلطيق الثلاث، وبولندا وأوكرانيا، إلا أن الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف لم يكن هناك. وفضلت باكو الحذر مراعاة لرغبتها في الحفاظ على علاقات مستقرة مع روسيا. ولم تنسحب أذربيجان من رابطة الدول المستقلة، ولم تراهن خلافا للرئيس الأوكراني فيكتور يوشينكو، على التصريحات المعادية لروسيا. وحتى زيارة نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني إلى أذربيجان في بداية سبتمبر، لم تغير مواقف باكو. كما أن سياسة باكو الخارجية، خلافا لتبليسي، لم ولا تبنى على أساس المواجهة المتشددة جدا. فأذربيجان ليست عضوا في منظمة معاهدة الأمن الجماعي، ولكنها عضو في منظمة \"جوام\" التي تضم جورجيا وأوكرانيا وأذربيجان ومولدافيا، وغالبا ما تنتقد السياسة الروسية على \"الميول لأرمينيا\". ومن جانب آخر، تعتبر باكو روسيا الكفة الموازنة للغرب. كما تتخوف أذربيجان من توريطها في \"اللعبة الإيرانية\"، التي حدد لها في هذه اللعبة دور \"المدرج\" (قاعدة انطلاق)، أو\"هدفا لرد طهران بالمقابل\". ومن هنا تنبع الرغبة في الحفاظ بشكل عام على علاقات ودية مع روسيا، حتى وأن تتعقد أحيانا. \r\n \r\n وتجدر الإشارة أيضا، إلى أنه في حالة تكرار سيناريو القوة في قره باخ، فإن باكو ستتلقى من الغرب ردا أكثر تشددا. وهنا من الممكن التحدث عن إجماع الولاياتالمتحدةوروسيا وبلدان الاتحاد الأوروبي الكبرى في الرأي (وخاصة مراعاة لدور اللوبي الأرمني، وقدراته الإعلامية القوية). وبعد \"حملة سآكاشفيلي على تسخينفالي\" غير الموفقة، قلل المسؤولون الأذربيجانيون بصورة ملموسة تصريحاتهم حول إمكانية إعادة السيطرة على قره باخ بالقوة. \r\n \r\n ويسعى الساسة والدبلوماسيون الروس إلى التأكيد على أن الاعتراف بأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، هو رد محدد على وضع سياسي عسكري معين. وفي الوقت الذي تتوفر فيه إمكانيات لتسوية النزاع بالوسائل السلمية، فإن روسيا لن تلجأ الى القوة أبدا. وبهذا الصدد، سيكون هدف تنشيط الدبلوماسية الروسية في قره باخ، إثبات أن موسكو لا تسعى على الإطلاق إلى \"إحياء الاتحاد السوفيتي\"، كما يؤكد على ذلك في الآونة الأخيرة بعض الخبراء والسياسيين الأوروبيين والأمريكان. \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n