\r\n \r\n ومذاك لم يتوانَ السيد كيري عن اتخاذ موقف القائد الحربي وصولاً إلى اتهام الرئيس الحالي بقلة الحزم في المسائل الدفاعية، وهو ما لم يعهد به (تقريباً) عند أي مرشح ديموقراطي. فقد أكد في 27 شباط/فبراير الماضي في لوس أنجليس أن: \"جورج بوش قد ورث الجيش الأقوى في العالم لكنه أضعفه، وفي اغلب الأحيان تذهب قواتنا إلى القتال من دون أن تمتلك الأسلحة والأعتدة التي تساعدها في الاحتماء من الخطر\". كما أنه يلوم الرئيس الحالي لأنه لم يرسم استراتيجيا فعالة وشاملة لمكافحة الإرهاب: \"أنا لا أتهم جورج بوش لأنه يبالغ في حربه ضد الإرهاب، بل أنا بالعكس أرى أن ما يفعله ليس كافياً\" . \r\n \r\n ففي أجواء المزايدة القومية التي تأججت بعد اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر، يصوغ منافس جورج دبليو بوش، حول الأمن القومي، خطاباً يتبين أنه أكثر عدائيةً حتى وإن بدا متميزاً عن خطاب الجمهوريين. وقد ساعده في هذه المهمة فريق عمل صغير من المفكرين المتخصصين في المسائل العسكرية معظمهم عمل في إدارة كلينتون. وهؤلاء الخبراء، بعد أن أسسوا لسياستهم الجديدة، راحوا يروجون لها في المحاضرات وفي المقالات الصحافية وعبر وسائل الإعلام الكبرى. \r\n \r\n والوجوه البارزة في هذه العصبة هم السادة صموئيل ر.(سندي) برغر، مستشار الرئيس كلينتون لشؤون الأمن القومي، ووليم ج. بيري، وزير الدفاع السابق، وأشتون ب.كارتر، المساعد السابق لوزير الدفاع والأستاذ في مدرسة \"كينيدي سكول أوف غوفرمنت\" في هارفرد، ولورنس ج.كورب، المساعد السابق لوزير الدفاع في ظل إدارة ريغان والذي هو اليوم عضو في \"سنتر أميركان بروغرس\"، وهو مركز تخطيط ودراسات جديد للحزب الديموقراطي. \r\n \r\n وقد بدأ التفكير الهادف إلى تطوير هذه الاستراتيجيا الجديدة بعد انتخابات منتصف الولاية في تشرين الثاني/نوفمبر عام 2002، حين خسر الديموقراطيون بعض المقاعد المهمة في مجلس الشيوخ ومجلس النواب. عندها اتهم بعض أعضاء الحزب النافذين، ومنهم السيد بيل كلينتون، إدارة الحزب بأنها لعبت دور الحمائم في حين أن البلاد كلها كانت تخشى وقوع هجوم إرهابي جديد. \"لقد هربنا من أرض المعركة الأمنية\"، هذا ما صرح به الرئيس السابق أمام ال\"ديموكراتيك ليدرشيب كاونسيل\"، وهي مجموعة من الديموقراطيين المحافظين التي كان يرئسها قبل وصوله إلى البيت الأبيض، ليضيف: \"عندما يكون الناس في حالة من القلق فهم يفضلون أن يكون لديهم رئيس يخطئ لكن يظهر قوياً، على رئيس على حق لكن يظهر ضعيفاً\". وللفوز في انتخابات العام 2004 يعتبر الرئيس السابق أن على الديموقراطيين أن \"يتخذوا موقفاً واضحاً وحازماً في مسائل الأمن القومي\" . \r\n \r\n ومنذ أن انتهت فعلاً الانتخابات التمهيدية في آذار/مارس عام 2004، أصبح السيناتور عن ماساتشوستس أكثر حضوراً في هذا المجال. فعندما اندلعت في نيسان/أبريل معارك عنيفة في العراق انتقد الطريقة التي تقود بها الحكومة هذه الحرب موضحاً أن عجز الرئيس عن تدويل النزاع قد أوقع الجنود الأميركيين في وضع خطر إلى أقصى الحدود. ففي 17 نيسان/أبريل صرح لإحدى الإذاعات قائلاً: \"إن جنودنا يدفعون ثمن استراتيجيا رعناء. فهذا التشبث بخوض الحرب منفردين كان من شأنه أن جعل قواتنا تواجه 90 في المئة من المخاطر والخسائر\". واقترح، من أجل الحد من الضغط الذي يتلقاه الجنود الأميركيون ومن أجل تسريع إعادة إعمار العراق، تسليم السلطة إلى الأممالمتحدة وتولي قوات حلف الأطلسي عمليات حفظ السلام، لائماً الرئيس بوش على سياسته الأحادية الجانب التي أدت إلى عزل الولاياتالمتحدة. \r\n \r\n كما تمكن السيد كيري من مواجهة الهجمات المتكررة من الجمهوريين الذي شككوا في قدراته على أن يكون قائداً أعلى للقوات المسلحة. ففي 26 نيسان/أبريل صرح مثلاً نائب الرئيس ديك تشيني: \"إن سيناتور ماساتشوستس قد أوحى إلينا بأسباب عديدة تحمل على الشك في آرائه في حال حصول خطر داهم على الأمن القومي\". غير أن هذا الأخير لم يتردد أبداً في الرد بأنه خدم في فيتنام في حين أن بعض الجمهوريين من جيله، مثل السيدين بوش وتشيني قد نجحوا من جهتهم في التملص من هذا الواجب: \"لقد قاتلت في فيتنام حيث جرحت. وأنا فخورٌ بكوني خدمت هناك. وأجد أنه من المزعج جداً أن أتعرض للتهجم في هذا المجال من أناسٍ كانت لهم خيارات مختلفة\". وقد انفق الجمهوريون عشرات الملايين من الدولارات على اللقطات المتلفزة المخصصة للتشكيك في حزم منافسهم في مسائل الأمن القومي. كما ينفق الديموقراطيون بالقدر نفسه من اجل امتداح صفات مرشحهم العسكرية... \r\n \r\n وإذا كان برنامج الديموقراطيين في مجال الدفاع والسياسة الخارجية ليس بعيداً عن برنامج الإدارة الحالية، إلا انه يتميز عنه في بعض النقاط المهمة. ف\"سياسة\" بوش تعطي الأولوية لاستخدام القوة الأميركية من جانب واحد ووقائياً من أجل سحق أي تهديد قد يضغط على الولاياتالمتحدة. فبحسب البيت الأبيض أن هذا الأسلوب ضروري من أجل منع استخدام أسلحة الدمار الشامل من جانب منظمات إرهابية و\"دول مارقة\" لا تخضع للدبلوماسية ولأساليب الإقناع التقليدية. ومن حق الولاياتالمتحدة أن تهاجم بشكل وقائي، سواءً أكان حلفاء واشنطن يشاطرونها الرأي أم لا، حول حجم الخطر. \r\n \r\n وفي نظر الجمهوريين أن \"سياسة بوش\" تمثل تحولاً طبيعياً في استراتيجيا الدفاع الوطني نظراً للمخاطر الجديدة التي تهدد البلاد. أما الديموقراطيون فإنهم بالعكس يعتبرون أنها تخلت عن التوجه المألوف للولايات المتحدة القائم نظرياً على الإقناع والتعاون مع الدول الحليفة. فمقاربة الإدارة تمثل \"تحولاً جذرياً في طبيعة السياسة الخارجية نفسها\"، هذا ما صرح به السيد سندي برغر مستشار الأمن القومي في إدارة كلينتون. ليضيف: \"بمعنى ما [إن السيد بوش] قد وضع جانباً حتى فكرة الإقناع التي شكلت حجر الزاوية للأمن القومي منذ ما يزيد على خمسين عاماً\" . \r\n \r\n أضف إلى ذلك أن خيار الأحادية \"يعني نهاية التحالفات الدائمة\" التي ساعدت في تحديد \"الأخطار العالمية\" بشكل واضح وخوض سياسات مشتركة خلال الحرب الباردة . والوسيلة الوحيدة لحماية الولاياتالمتحدة تكمن في إحياء العلاقات الوثيقة مع حلفائها التاريخيين وفي جمعهم حول أهداف حيوية مثل الحرب على الإرهاب وإعادة بناء أفغانستان والعراق. ففي 3 كانون الأول/ديسمبر عام 2003، أوضح السيد كيري أمام مجلس العلاقات الخارجية: \"إذا انتخبت سوف استعيض عن نزعة بوش الانعزالية بعصر جديد من التحالفات. بالطبع إن الحرب الباردة قد انتهت إلا أن أخطاراً جديدة تحيق بنا مما يجعل وجود الحلفاء إلى جانبنا ضرورياً أكثر من أي وقت مضى\" . \r\n \r\n وحتى إن لم يبدً هذا الكلام واضحاً فان عبارة \"القومية المتنورة\" التي استخدمها السيناتور في تشرين الثاني/نوفمبر عام 2003 تلخص تماماً ما يفكر فيه الديموقراطيون [7] . فالمطلوب في النهاية الدفاع عن المصالح الأميركية عبر نشر القوة الأميركية مطعمة بتعددية الأطراف. ويبقى الهدف طبعاً القضاء على التهديد الآتي من \"الدول المارقة\" ومن المنظمات الإرهابية، لكن بمساهمة من \"المجتمع الدولي\". وهذا يعني بنوع خاص تشجيع قدرات سائر الدول على تحديد مكان الخلايا الإرهابية وتدميرها، وعلى منع \"الدول المارقة\" من الحصول على التكنولوجيا النووية، وتوجيه عملية إعادة بناء الدول التي دمرتها الحروب. وتستمر الولاياتالمتحدة في تقديم القسم الأكبر من القوة العسكرية ومن الحاجات الضرورية لتحقيق هذه الأهداف إنما ضمن إطار التعاون مع دول أخرى. \r\n \r\n فسياسة الديموقراطيين إذن تحاول التمايز عن سياسة الجمهوريين، إلا أنها في العديد من النقاط تتماهى مع الخط المتشدد الحالي. فبحسب السيد برغر أنه \"يجب على كل حكومة ديموقراطية أن تؤكد مجدداً عزم الولاياتالمتحدة على استخدام القوة العسكرية، ومن جانبٍ واحد إن تطلَّب الأمر، من أجل الدفاع عن مصالحها الحيوية\". يجب أن تمنح مزيداً من الوقت للدبلوماسية لكنها لن تتردد من جهة أخرى في استخدام القوة. وليس أكثر من السيد كيري وضوحاً في هذا المجال، فقد صرح في 3 كانون الأول/ديسمبر: \"إني كرئيس لن أجعل أمن الولاياتالمتحدة وراء أمن أي أمة أو مؤسسة أخرى. ويجب ألا يشك أعداؤنا أبداً في عزمي على استخدام القوة إذا ما تبيّن أن هذا الأمر ضروري\" . \r\n \r\n ومن المنطقي أن الديموقراطيين يعدون إذن بمزيد من تطوير القدرات العسكرية الأميركية. فهم مثلاً ينوون زيادة قوات المشاة (إنشاء فرقتين جديدتين أي 000 40 جندي إضافي) والقوات البحرية وهما في الجيش التشكيلان الأكثر مشاركةً في المعارك على الأرض وفي عمليات \"حفظ السلام\" أو إعادة الاستقرار ما بعد انتهاء النزاعات. كما وعدوا بالإسراع في تسليم التجهيزات مثل السترات الواقية من الرصاص والسيارات المصفحة وطائرات الهليكوبتر القتالية . وفي الواقع أن الديموقراطيين غالباً ما يواجهون خطط التزويد بالأسلحة الفائقة التطور التي تعتمدها الإدارة الحالية برغبتهم في تحسين قدرات القوات التقليدية، أي تلك التي تقاتل الميليشيات أو المكلفة الحفاظ على الاستقرار في أفغانستان أو العراق أو كوسوفو. \r\n \r\n في كانون الثاني/يناير عام 2004 أوضح السيد كورب أن \"النقاش حول تطوير الجيوش يجب أن يذهب أبعد من الاعتبارات التكنولوجية الصرف. إذ يجب أن نركز على أولئك الناس الذين يحاربون على الأرض. نحن بحاجة إلى قوات مسلحة قوية بالشكل الكافي ومجهزة جيداً من أجل التمكن من إنجاز المهمات المتنوعة جداً في مناطق مختلفة من العالم\" . ففي مجال التجنيد والتسليح يبدو الديموقراطيون مهيأين للإنفاق بنسبة أكبر تصل إلى 6 مليارات دولار أكثر سنوياً. ولكي لا تزداد موازنة الدفاع هم يقترحون خفض وتيرة برنامج الدرع المضادة للصواريخ وإلغاء تطوير بعض أنظمة الأسلحة مثل الطائرة المقاتلة أف/آي-22 والغواصة من نوع فرجينيا. \r\n \r\n وبينما يقدم الرئيس بوش نفسه على أنه المرشح الأفضل لتحقيق النصر في الحرب على الإرهاب، يزعم الديموقراطيون أن البيت الأبيض قد فشل في هذا المجال على مستويين. فالرئيس بوش، بتركيزه شبه المطلق على العراق منذ العام 2001، قد صرف الاهتمام والإمكانات الأميركية عن الحرب على تنظيم \"القاعدة\". وهو إذ استعدى \"المجتمع الدولي\" قد اضعف الدعم الذي تحتاجه واشنطن من أجل كشف الخلايا الإرهابية وتحديد أماكنها والقضاء عليها. وقد تأكد الإثبات الأول عبر تصريحات السيد ريتشارد كلارك. ففي 24 آذار/مارس عام 2004، وخلال مداخلة مذهلة له أمام لجنة التحقيق في حوادث 11 أيلول/سبتمبر، أعلن المسؤول السابق عن مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض أن الرئيس بوش ومستشاريه الرئيسيين قد اختاروا تجاهل مخاطر الهجمات التي سجلتها أجهزة الاستخبارات. وأنهم بعد الاعتداءات تشبثوا في اتهام السيد صدام حسين بالرغم من عدم وجود الأدلة. \r\n \r\n ويرى الديموقراطيون أن أسطع دليل على هذا الفشل في محاربة الإرهاب ظهر في عجز الجيش الأميركي عن تحديد مكان السيد أسامة بن لادن واعتقاله. ففي 27 شباط/فبراير عام 2003 صرح السيد كيري: \"منذ عامين كان تحت رحمتنا في تورا بورا [في افغانستان]، غير أن جورج بوش سحب القوات وأوكل هذه المهمة إلى زعماء عشائر أفغانية لا تكن لنا أي ولاء\". فالبيت الأبيض، بارتكابه هذا النوع من الأخطاء، يكون قد \"لغم حربنا على الإرهاب\" . \r\n \r\n أضف إلى ذلك أن إدارة بوش قد أفسدت العلاقات ببعض الدول التي كان من الممكن أن تساعدها في القضاء على \"القاعدة\" وتشعباتها العديدة في العالم. فقد ذكر المرشح الديموقراطي أن الرئيس بوش يقول أن التعاون مع سائر الدول، وخصوصاً مع حلفائنا، أمر حيوي في الحرب على الإرهاب. وهو في ذلك على حق غير أن حكومته لا تبدي إلا الازدراء تجاه المسائل التي تشغل هذه الدول مثل مكافحة إلغاء القيود المناخية أو إنشاء محكمة الجزاء الدولية. فيجب أن نعمل مع المجتمع الدولي من أجل وضع استراتيجيا مشتركة شاملة لا أمبراطورية\" . \r\n \r\n على الولاياتالمتحدة إذن أن تغير في أولوياتها وتكتيكاتها وأن توظف المزيد من القدرات لمكافحة الإرهاب، وخصوصاً في مجال الاستخبارات، وإعادة العلاقات التي انقطعت مع الحلفاء الرئيسيين. فالسيد برغر يرى \"أننا بالطبع بحاجة إلى الحفاظ على قدرتنا على خوض الحروب التقليدية، إنما بات علينا من الآن وصاعداً مطاردة عدو يختبئ غالباً بين المدنيين. ولذلك يجب أن ينصب جهدنا أولاً على الاستخبارات\" . \r\n \r\n وعلى غرار السيد رالف نادر فان بعض الديموقراطيين اليساريين، مثل السيد دنيس كيوسينيتش النائب عن ولاية أوهايو في الكونغرس، قد أعلنوا تأييدهم لسحب القوات المتورطة في العراق بسرعة. وبالعكس فان سيناتور ماساتشوستس يعتبر أن الجيش الأميركي يجب أن يبقى هناك، وحتى أنه مستعد لنشر \"مزيد\" من القوات. وقال موضحاً: \"يجب أن ننجح في العراق، فنحن لا نستطيع السماح بترك هذا البلد ينهار [ليصبح] معسكراً تدريبياً شاسعاً للإرهابيين المعادين لأميركا\" وفي مطلق الأحوال فان السيد كيري يشدد على ضرورة انضواء الوجود الأميركي تحت راية الأممالمتحدة وتكليف قوات حلف شمال الأطلسي مهمة عمليات \"حفظ السلام\". \r\n \r\n وليس الأمر مختلفاً كثيراً في ما يتعلق بالوضع في أفغانستان. فالديموقراطيون الذين يدركون أن حالة الفوضى قد تسهل عودة \"طالبان\" و\"القاعدة\"، يطالبون بالتزام ناشط وطويل للجيش الأميركي فيها. ويرى السيد برغر أن \"على الديموقراطيين أن يجسدوا معسكر الواقعية. فإذا دخلت الولاياتالمتحدة يجب أن نكون مستعدين للبقاء فترة طويلة على الأرض من أجل إصلاح ما دمرناه [...] يجب أن نطور قدراتنا على إعادة الإعمار وليس على التدمير وحسب\" . وهنا أيضا يمكن الترحيب بأي مساعدة خارجية وخصوصاً تلك الآتية من القارة العجوز: \"فبما أن حلف الأطلسي قَبِلَ في النهاية إدارة عمليات حفظ السلام في أفغانستان فان من الملح أن يساعد الأوروبيون القوات الأميركية\". \r\n \r\n إن سياسة خارجية \"متنورة\" تفترض أيضاً القضاء على الأسباب الجوهرية للإرهاب ومكافحة الحركات المتطرفة في المجال الإيديولوجي. ويعتبر السيد كيري أن في إمكان الولاياتالمتحدة أن تربح كل حروبها إذا شاءت لكن \"لن يتغير شيء إذا لم نفز بمعركة الفكر\". فبحسب المرشح الديموقراطي من الملح إيجاد البدائل من وسائل الإعلام المعادية للأميركيين العاملة في الدول الإسلامية وفتح المجال أمام الشباب المسلم لكي يتلقى تربية وفق الأسلوب الغربي: \"يجب علينا أن نطلق حملة واسعة مخصصة لردم الهوة التي تفصل الإسلام عن سائر العالم. إنها الوسيلة الوحيدة لنسقط ثقة الجماهير في المتطرفين الذين يشجعون الإرهاب\" . \r\n \r\n و\"معركة الأفكار\" يجب أن تترافق مع مبادرات ملموسة الهدف منها الحد من الفقر والتخلف اللذين يجعلان العديد من سكان العالم الثالث يرتمون في التطرف. وهذا ما أوضحته في تشرين الأول/أكتوبر عام 2003 السيدة سوزان رايس مساعدة وزير الخارجية سابقاً: \"إن أمننا لن يتحقق طالما أن نصف سكان العالم يعيشون بأقل من دولارين يومياً. وإن لم يكن إلا من باب المصلحة الأنانية يجب علينا أن نقر بأن مكافحة الفقر أمر لا يعني فقط العالم الثالث وإنما الولاياتالمتحدة أيضاً\" . \r\n إن الانتصار على الإرهاب يفرض تطوراً ملموساً في اتجاه حل سلمي للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني. وعندما يثير المرشح الديموقراطي هذه المسألة يبدأ دائما بإعلان دعمه المطلق للدولة العبرية: \"إن الالتزام الأميركي بالدفاع عن استقلال دولة إسرائيل وبقائها يجب ألا يضعف أبداً\". إلا أن على إسرائيل أن تقبل بمبدأ الدولة الفلسطينية وتشرع في النتيجة في مفاوضات تفضي إلى قيام هذه الدولة. ويدعم المرشح الديموقراطي \"خريطة الطريق\" التي اقترحتها الولاياتالمتحدة وسائر أعضاء اللجنة الرباعية (الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا). كما انه يقترح مساعدة أميركية لتدريب قوات الأمن الفلسطينية عندما تبرهن هذه الأخيرة عن رغبتها في تفكيك المنظمات الإرهابية في غزة والضفة الغربية. \r\n \r\n والاستراتيجيا الفضلى للحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل ليست في نظر الديموقراطيين في الحل العسكري الذي تفضله إدارة بوش. ومن جهة أخرى فان اللجوء إلى القوة من طرف واحد قد يغيظ عددا من الدول ويمنعها من المشاركة في الجهود الرامية إلى الحد من عملية الانتشار. ومن جهة أخرى فان هذا الموقف الاحترابي لا يمكنه إلا أن يشجع الأعداء المفترضين على تسريع التسابق إلى التسلح من أجل منع الولاياتالمتحدة من مهاجمتها... فيكون من الأفضل إذن العمل بطريقة جماعية من أجل التخفيف من التجارة المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل. \r\n \r\n وبحسب السيد برغر أن \"أي حكومة ديموقراطية سوف تعتمد حكماً مختلف الوسائل المتوافرة لها من أجل مكافحة خطر أسلحة الدمار الشامل قبل اللجوء إلى قوة. والإجراء البديهي الذي يجب اعتماده يكمن في منع الإرهابيين من الحصول على هذه التجهيزات والتكنولوجيات\" . كما انه يجب المشاركة أكثر، ومن باب المساعدة، في تفكيك مخزون أسلحة الدمار الشامل الموجودة في دول الاتحاد السوفياتي سابقا ًوتأمين الحماية للتجهيزات التي يطالها التفكيك. هذه المبادرة، أي التعاون من أجل الحد من المخاطر، معروفة في الولاياتالمتحدة باسم مشروع \"نان-لوغر\"، وهما السيناتوران، أحدهما جمهوري والآخر ديموقراطي، اللذان أطلقا فكرة هذا المشروع. \r\n \r\n كما أن مكافحة انتشار أسلحة الدمار الشامل تفرض أيضاً تكثيف الضغوط الممارسة على كوريا الشمالية من أجل إجبار هذا البلد على التخلي عن برنامجه النووي العسكري وعلى تفكيك الترسانة التي بناها. ولم يتردد المستشار السابق للرئيس كلينتون في شؤون الأمن القومي في لوم البيت الأبيض على قلة حزمه في لعبة شد الحبال مع نظام بيونغ يانغ. ويعتبر السيد برغر أنه بالرغم من المؤشرات الدالة على أن هذه الدولة هي الوحيدة التي تملك القدرة والرغبة في تسليم أسلحة نووية إلى الإرهابيين فان حكومتنا قد تصرفت بلطف غير مبرر مع دولة تبدو عازمة على أن تصبح سوقاً نووية عالمية كبرى\". ومن أجل حمل كوريا الشمالية على التخلي عن طموحاتها النووية يقترح الديموقراطيون أن تقدم إلى بيونغ يانغ محفزات اقتصادية وسياسية ثم، إذا لم يعطِ ذلك نتيجته، أن يطلب إلى دول أخرى مساعدة الولاياتالمتحدة في اتخاذها \"إجراءات إكراهية\" . \r\n \r\n أما \"الوطنية المتنورة\" التي يقول بها الديموقراطيون فإنها تدفعهم إلى اقتراح الحد من ارتهان الولاياتالمتحدة للنفط الأجنبي مما يساعد في التخفيف من مخاطر التدخلات الأميركية في الشرق الأوسط. ففي شباط/فبراير 2003 صرح السيد كيري: \"إذا ما انتخبت فسوف نبذل جهوداً تاريخية من أجل تطوير محروقات بديلة وسيارات المستقبل. سأجعل هذا البلد في غضون عشر سنوات مستقلاً عن الشرق الأوسط، كيلا يبقى على أولادنا أن يموتوا من أجل البترول\" . \r\n \r\n لكن من مخاطر هذا الاقتراح الطموح أنه قد يثير بعض التحفظات لدى ناخبي ولاية ميتشيغن وسائر الولايات التي تبقى صناعة السيارات فيها أحد مصادر توفير فرص العمل المدفوعة جيداً والمفتوحة أمام الطبقات الشعبية. كما أنه ليس من المضمون بعد الحصول على تأييد الكونغرس لسياسة طاقة بديلة جذرياً، وذلك إذا ما أخذنا بتجربة الرئيس جيمي كارتر البائسة ابتداء من العام 1977. ويرى سيناتور ماساتشوستس أن السعي إلى الاستقلالية في مجال الطاقة سوف يساعد في تحقيق هدف آخر يتمثل في نهاية خضوع الولاياتالمتحدة للأسرة السعودية المالكة. فالعلاقات السياسية والاقتصادية الوثيقة جداً التي يقيمها زعماء جمهوريون بارزون، ومنهم \"معسكر بوش\" مع زعماء الرياض جعلتهم يترددون في معاقبة أولئك الذين لا يزالون يمولون مؤسسات خيرية إسلامية مرتبطة بتنظيم \"القاعدة\" وبسائر المجموعات الإرهابية. \r\n \r\n ذاك في نظر منافس جورج بوش الابن أن \"الحكومة السعودية تدعي أنها تكافح أشكال التمويل السرية هذه، غير أن أعمالها ليست على مستوى تعهداتها\" . غير أن الضغوط التي تمارس على الرياض سوف تبقى محدودة إذا استمرت الولاياتالمتحدة في ارتهانها للبترول والاستثمارات السعودية. وقد سلم المرشح الديموقراطي بأنه \"من المؤكد أن علاقات وثيقة تربطنا بالسعودية لا يمكننا في الوقت الراهن قطعها. إن هذا الارتهان في مجال الطاقة والاقتصاد يعقد إلى حد كبير علاقاتنا بالسعودية\". ولهذه الأسباب يخلص إلى القول أن \"على الولاياتالمتحدة أن تعتمد سياسة جديدة في مجال الطاقة\" . \r\n \r\n \r\n