وتقريباً فإن نصف الأشخاص الذين شاركوا في الانتخابات صوتوا للسيناتور كيري، وقد أعرب معظمهم عن دهشته لخسارة كيري لأنهم كانوا على اعتقاد جازم بأنه سوف يؤدي بشكل أفضل من أداء بوش في فترته الأولى. وهم ما زالوا يحاولون إدراك السبب الذي أدى بالعديد من الأشخاص للتصويت لصالح بوش. ويشير الخبراء إلى العديد من التفسيرات التي يتضمن بعضها السياسة الخارجية حيث إن حرب بوش على الإرهاب والعراق كانت تمثل أمراً شديد الأهمية في حسابات معظم الناخبين. \r\n \r\n وكانت استطلاعات الرأي التي أجريت أثناء الفترة الطويلة للحملة الانتخابية قد كشفت أن الرئيس بوش في العديد من المسائل يفتقد إلى الدعم من الشعب الأميركي، ولكن في المجال الوحيد الخاص بحربه على الإرهاب فقد حافظ على أغلبية مريحة من الدعم والإسناد. وبات من الواضح أنه وعلى الرغم من مضي أكثر من ثلاثة أعوام على شن هجمات الحادي عشر من سبتمبر على الولاياتالمتحدة إلا أن ذلك الحدث ما زال يستحوذ على تفكير الشعب الأميركي. وقد كشفت الاستطلاعات أن تخوف الأميركيين من إمكانية وقوع هجوم آخر وضرورة التصدي له أخذ يشكل المرتبة العليا في أولوياتهم. ومن الملاحظ أيضاً أن نسبة كبيرة من النسوة الراشدات مثل الأمهات أو ربات المنازل اللائي عادة ما يصوتن لمرشحي الحزب الديمقراطي بسبب المسائل السياسية المحلية قد صوتن لصالح الرئيس بوش في هذه المرة نسبة لخوفهن المتزايد من حدوث المزيد من الهجمات الإرهابية على أميركا في اعتقاد بأن الرئيس بوش هو الأكثر فعالية وقدرة على حمايتهن وحماية العائلات الأميركية. \r\n \r\n ولعل السبب الرئيسي في مقدرة الرئيس بوش على إقناع الشعب الأميركي بأنه الأفضل في شن الحرب على الإرهاب قد تمثل ببساطة في الطريقة التي استخدمها في عرض سياساته. فقد تميز بثقة عالية بالنفس وبتفاؤل منقطع النظير كما كان يصر دائماً على تكرار التذكير بأهدافه ومبادئه. لذا فقد أصبح الأميركيون أكثر ميلاً لافتراض أن الرئيس لديه معلومات بشأن النواحي الأمنية أكثر مما يملكونها هم وبدا أنه أكثر ثقة بنفسه حيث فضلوا منحه الميزة المتعلقة بالشك وبخاصة عندما كان يتحدث باستمرار عن أمن الدولة. \r\n \r\n ومن جانبه فقد حاول السيناتور كيري الادعاء بأنه سيؤدي أداء أفضل في محاربة الإرهاب نسبة لما يمتلكه من خبرة في الشؤون الخارجية ولما بذله من خدمة حقيقية في الجيش الأميركي في فيتنام، وقد دعمه قدامى المحاربين الذين عرفوه في فيتنام. ولكن مناصري الرئيس بوش عمدوا إلى تشويه خدمة كيري في فيتنام بعد أن ظهر بعض المحاربين في فيتنام على شاشات التلفزة وادعوا بأن كيري قد كذب بشأن خدمته وأنه لا يستحق الميداليات التي منحت له. وقد أخذ مؤيدؤ بوش يذكرون الجميع بأن كيري أثناء حرب فيتنام كان قد شجب هذه الحرب علانية كسياسة خاطئة وهو الأمر الذي أثار غضب العديد من قدامى المحاربين في فيتنام. \r\n \r\n لقد ادعى بوش أن حرب العراق إنما هي جزء من الحرب على الإرهاب وصدقه العديد من المواطنين. وعندما أشار منتقدوه إلى أعمال العنف اليومية التي تشن على الأميركيين في العراق وأنها دليل دامغ على فشل سياساته في العراق ذكر الرئيس بأن هذا الأمر يعتبر برهاناً على ارتباط العراق بالإرهاب وأنه من الأفضل محاربة الإرهاب في العراق بدلاً من مواجهته على الأراضي الأميركية. \r\n \r\n وبالإضافة إلى ذلك فقد اكتسب بوش ميزة أخرى إذ كان كل مواطن يرغب في الإعراب عن دعمه لأفراد الجيش الأميركي في العراق. وعلى الرغم من أن الدولة قد انقسمت على نفسها بشأن عما إذا كان من الأجدى شن غزو يؤدي إلى احتلال العراق إلا أنه وبمجرد أن أصبح الأمر حقيقة واقعة سرعان ما أبدت أعداد كبيرة من المواطنين الأميركيين تعاطفها مع الجنود والأطقم الجوية وقوات المارينز الذين خاطروا بأرواحهم في العراق. وكان معظم هؤلاء ضمن قوات الاحتياطي الذين تم استدعاؤهم من وظائفهم المدنية للذهاب إلى العراق لفترات قصيرة قبل أن يمتد بهم الوقت هناك. وهو الأمر الذي ألقى بتبعات مؤلمة على عوائلهم. وعلى الرغم من امتعاضهم إلا أن هذا الأمر ليس بالضرورة أن يترجم في الاقتراع ضد بوش وليس بالضرورة أيضاً أن تلقي عائلات أكثر من ألف جندي أميركي لقوا حتفهم في العراق باللوم على بوش بسبب الحرب. بل لقد شعر أفراد الجيش وعائلاتهم بالفخر وأبدوا رغبتهم في التضحية من أجل الوطن. وعلى الرغم من أن بعض مؤيدي السيناتور كيري قد وجهوا انتقادات إلى بوش مدعين أن أفراد الجيش الأميركي قد أصبحوا ضحية لسياسات بوش إلا أن السيناتور كيري لم يستطع القول صراحة بأن الأميركيين ماتوا في العراق عبثاً جراء سياسات بوش. ولعله بسبب المشاعر الجياشة في دعم هذه القوات كان من الممكن أن يتصف هذا السلوك بالحماقة والانتهازية، لقد انتشر شعار \"دعم القوات\" في كل مكان وما كان بإمكان كيري إلا أن ينضم ويلتحق بمسيرة التعاطف. \r\n \r\n لقد ادعى السيناتور كيري بأن حرب العراق في حقيقة الأمر قد ألحقت أضراراً بجهود الحرب على الإرهاب وأنه سوف يحارب الإرهاب بحكمة وفعالية أكثر. وعلى الرغم من أن الملايين من الأميركيين وافقوه على ذلك ومنحوه أصواتهم إلا أنهم كانوا في حيرة من أمرهم بشأن مدى النجاح الذي يمكن أن يحققه. والآن مازالت أمامنا أربع سنوات أخرى لكي نرى مدى النجاح الذي سوف يحققه جورج بوش في العراق وفي الشرق الأوسط وفي الحرب على الإرهاب. \r\n \r\n