\r\n ومثلهم في ذلك كمثل مثل موسيقى فاغنر، أي أن عدم الوضوح والحسم حول العراق في هذه المرحلة، ربما لا يكون مدمرا كما يتخيل البعض. فالمرشح الديمقراطي ليس ملتزما بأية قيود نحو العراق، كما هو مقيد في قضايا مثل الرعاية الصحية أو تعيين قضاة المحكمة العليا. وفي استطاعة كيري أن يتخلى عن بعض الوعود غير المنطقية، التي ربما يكون قد ادلى بها أثناء الحملة الانتخابية، ليترك المجال للوقائع العراقية والعالمية تأخذ مجراها. \r\n ولكن عليه أن يملأ وبسرعة الفراغ الذي خلقه بنفسه. وعليه هو وبوش أن ينخرطا مباشرة في إجراءات الانتقال التي تسمح لكيري بالتعامل مع العراق، ومع شبكات الإرهاب الدولي. وعلى كيري أولا وقبل كل شيء أن يركز بصورة واضحة على السياق الذي ينتظم الأشياء. \r\n إن ما يدفعني إلى الإلقاء بهذه الملاحظات، ليس هو الوثوق بفوز كيري، بل هو التركيز على قضايا لا بد أن تثار في فترة الانتقال مهما كانت النتائج. وسيكتشف الديمقراطيون الثمن الحقيقي للإستجابة لدعواتهم إذا فاز كيري في هذا السباق الشرس. فالاضطراب الذي يعقب التغيير في خضم حرب مثل الحرب العراقية، يجب أن يمثل هما كبيرا بالنسبة للديمقراطيين. \r\n ويبدو أن الكثيرون من مؤيدي كيري لا يأخذونه مأخذ الجد، عندما يقول إنه سيواصل الحرب في العراق، ولكن بطريقة أفضل من طريقة بوش. وهم يتعاملون مع ذلك كخطابيات انتخابية تخفي الرغبة الدفينة في سحب القوات الأميركية على وجه السرعة. وبهذا فإن الحرب العراقية، ستكتب في التاريخ باعتبارها حرب بوش التي بدأها على أساس من الأكاذيب المفضوحة الأهداف. \r\n وقد كاد كيري أن يعلن ذلك هدفا من أهداف حملته، ولكنه يضيف دائما أن الولاياتالمتحدة ما دامت قد قامت بغزو العراق، فإنها لا تستطيع أن تهرب من ميدان المعركة. فالهزيمة ليست من بين الخيارات، بالنسبة له، لأنه مضطر إلى تقليد بوش في هذا الموقف. \r\n ولكن تأكيدات كيري المتكررة بأن حرب العراق كانت حربا خاطئة، في المكان الخطأ والزمان الخطأ، يمكن أن تضعف الروح المعنوية للجنود الأميركيين، وربما تضع موضع الشك الأساس القانوني الذي يجعل الجنود الأميركيين يقاتلون في ذلك البلد. وعليه فإنه مطالب بأن يسارع ويوضح الأسس التي ستبقى على أساسها القوات الأميركية في العراق تحت قيادتها العامة لهذه القوات. \r\n وبالطبع فإن مقولة «الحرب الخطأ» لن تشجع فرنسا أو ألمانيا بتوفير الجنود، الذين يقول كيري إنه سيطلبهم من هاتين الدولتين، بل سيعرض حتى حلفاء الولاياتالمتحدة الحاليين مثل بولندا وكوريا الجنوبية لضغوط وطنية قوية من أجل الانسحاب. وفي يوم تنصيب كيري، فإن خياراته الدولية ربما تكون في انكماش بدلا من التمدد الذي يحلم به. \r\n وبصرف النظر عمن سيكون الفائز في هذه الانتخابات، فعليه أن يتخلى عن الادعاء بأن الولاياتالمتحدة لا يمكن أن تهزم في العراق. ففي كل حرب فإن الدمار الذي يحدث لمجتمع ديمقراطي، سيفوق أية مكاسب يمكن أن يجنيها ذلك البلد من الوحشية المنفلتة. وعندها سيقول الشعب الأميركي، في هذه الحالة، إن هذا هو كل ما نستطيع احتماله. كان هذا هو ما حدث في فيتنام، كما حدث في الحروب الأوروبية الاستعمارية في إفريقيا وآسيا. \r\n ونحن لم نصل إلى هذه النقطة بعد في العراق. ولكن الضيق الأميركي الاستراتيجي يرتفع باستمرار وبنفس ارتفاع وتائر القمع والوحشية. ولن يواجه الرئيس المقبل التحديات التي تطرحها أمامه الحرب، إلا بالمناقشة الجادة لاحتمال أن تنسحب أميركا، بينما تلاحقها نيران بنادق المقاومة. \r\n ومع ذلك فإن كيري، الجندي المخضرم من حرب فيتنام، لن ينسحب بهذه الطريقة. وسيكون عليه قبل أن يفعل ذلك أن يجيب عن أسئلة كثيرة وحرجة، حول تداعيات مثل ذلك الانسحاب، وما إذا كان سيعطي الإرهابيين مزيدا من الجرأة؟ وكيف ستتصرف إزاءه النظم العربية؟ وهل سيؤدي إلى زيادة النفظ؟ وكيف يمكن تفسيره في ضوء انسحاب آخر، هو ما يقوم به شارون من غزة حاليا؟ \r\n كل هذه أسئلة تنتظر الأجوبة. \r\n \r\n * خدمة مجموعة كتاب «واشنطن بوست» \r\n خاص ب«الشرق الأوسط»