حذر حقوقيون خلال ندوة عقدتها المنظمة العربية لحقوق الإنسان على هامش فعاليات الدورة 57 لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، بجنيف حول «أثر النزاعات المسلحة على حقوق الإنسان»، من خطورة تصاعد وتيرة الأحداث في المنطقة واستمرار العدوان الإسرائيلي على فلسطين ولبنان، والتي من شأنها أن تقوض السلم والأمن الدوليين، لا سيما بالنظر إلى تعدد الصراعات في الإقليم، والحرب الجارية في أوكرانيا، والتوترات العالمية الأخرى. وأشار علاء شلبي رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان إلى الكارثة المحققة التي يتوقعها الإقليم ما لم يتم وقف العدوان الإسرائيلي على فلسطين ولبنان، والتي من شأنها أن تقوض السلم والأمن الدوليين، لا سيما بالنظر إلى تعدد الصراعات في الإقليم، والحرب الجارية في أوكرانيا، والتوترات العالمية الأخرى. ونوه شلبي بقيام المنظمة قبل أربعة أيام بتقديم ملف توثيقي متكامل يتضمن توثيق شهادات جرحى العدوان الإسرائيلي الذين يتلقون الرعاية الطبية في مستشفيات مصر، والتي قامت بها بعثة تحقيق مشتركة من كل من المنظمة العربية لحقوق الإنسان ومركز الميزان لحقوق الإنسان بفلسطينالمحتلة خلال الفترة من فبراير إلى يونيو الماضي، وهي البعثة التي ستواصل عملها خلال الأسابيع المقبلة. وعدد رئيس المنظمة بواعث القلق التي عبرت عنها المنظمة لمسؤولي المحكمة الجنائية الدولية، مشيرا إلى إلى السخط الحقوقي الواسع تجاه مجادلة بعض الدول الغربية أمام الغرفة التمهيدية للمحكمة ضد طلبات المدعي العام للمحكمة لتوقيف المشتبه فيهم. ولفت إلى أن استخدام الإدارة الأمريكية المتكرر لحق النقض «الفيتو» في مجلس الأمن أدى لتقويض دور المجلس في حفظ السلم والأمن الدوليين، وخاصة تعطيل مجلس الأمن عن الاضطلاع بمسؤولياته في إنفاذ قرارات محكمة العدل الدولية في 26 يناير الماضي، رغم التزام كافة الدول الأطراف في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها بالتحرك جماعيا أو فرديا لمنع استمرار وقوع جريمة الإبادة الجماعي المحتملة. وأضاف شلبي أن موقف الدول الغربية التي تقدم نفسها كدول نموذج للحريات وحقوق الإنسان من الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية والفظاعات الإسرائيلية قد أدى إلى إضعاف الإيمان بحقوق الإنسان عبر العالم، منوها بأن الزعم بحق الاحتلال الإسرائيلي في الدفاع عن النفس هو تقويض للقانون الدولي الذي يقضي بإلزامية إنهاء الاحتلال. وختم بالحاجة إلى إجراء إصلاحات هيكلية وبنيوية لمعالجة الاختلالات في النظام الدولي، وضمان الالتزام بمعايير القانون الدولي، والقدرة على إنفاذ القرارات الدولية، وخاصة حماية حقوق الشعوب وحفظ السلم الدولي وأكد الخبير الحقوقي العراقي ضياء الشمري إلى تفاقم تدهور حقوق الإنسان في العراق عقب الاحتلال الأمريكي وجرائمه في 2003، وإشعاله نيران الصراع الإثني في 2006، ومنح الفرصة للإرهاب على نحو ما جرى مع تنظيم «داعش» الإرهابي، ثم ظهور مؤسسات وميليشيات موازية للدولة، وصولا إلى ثورة تشرين 2019 التي جرى قمعها بعنف من قوى الفساد السياسي والاقتصادي، ويبقى في البلاد نحو 8 آلاف ينتظرون تنفيذ أحكام نهائية بالإعدام. وحذر الشمري من انكفاء مسار الإصلاحات الحالي، في ظل الحاجة لإجراء إصلاحات جذرية، ومنها إنهاء الحصانة ومنع الإفلات من العقاب، وتوافر رقابة قضائية قادرة وراغبة على المؤسسات، وضمان سيادة القانون. وأكد الخبير الحقوقي السوري المهندس عمر المسالمة أن الوضع الإنساني الكارثي في سورية مقارنة بما يحدث في فلسطين ولبنان والعراق، ولكنه يختلف من حيث بدايته، فما جرى هو ثورة سلمية شعبية تطالب بالحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية، قابلها النظام السياسي الحاكم بعنف مفرط واستدعى قوى أجنبية حليفة له، وانغمست قوى إقليمية ودولية أخرى منافسة، مما أدى إلى نشوء طيف واسع من المجموعات والفرق المسلحة ذات التوجهات الأديولوجية المتطرفة أو الإرهابية أو الانفصالية، والانزلاق إلى حرب أهلية بالوكالة، كان من نتائجها فرار أكثر من 6 مليون لاجئ وتهجير أكثر من 7 مليون آخرين، وارتقاء نحو 550،000 ضحية، وبقاء عشرات الآلاف رهن الاعتقال والاختفاء القسري لما يقارب 15،000 مواطن، إضافة إلى تدهور حالة الاقتصاد السوري وتحوله لاقتصاد حرب قائم على الجريمة المنظمة كتجارة البشر والأعضاء والسلاح والمخدرات، وانعكاس ذلك على الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، خاصة مع استمرار غياب التوافق الدولي والإقليمي على تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 الذي وضع خارطة طريق لحل الأزمة السورية بشكل آمن وسلس، والتمهيد لعودة آمنة وطوعية للاجئين، وإعادة الإعمار وتحقيق العدالة الانتقالية، وهي من أبرز التحديات المستقبلية التي ستواجه هيئة الحكم الانتقالية. وقال المسالمة، تردي حالة حقوق الإنسان في المنطقة العربية وسورية سيؤدي إلى تردي حالة حقوق الانسان في العالم، حيث أدت موجات اللاجئين المتلاحقة إلى تنامي الخطاب السياسي والإعلامي العنصري في اوروبا، وصعود قوى اليمين المتطرف للسلطة، وما ترتب على ذلك من مجموعة من الإجراءات التمييزية بحق اللاجئين والأجانب والتضييق المنهجي على حق التظاهر والتجمع السلمي لأنصار فلسطين، بما يمكن اعتباره خطوة كبيرة للوراء لحالة حقوق الإنسان في دول شمال أوروبا. ولفت عصام شيحة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، عضو مجلس الأمناء بالمنظمة، إلى تداعيات الصراعات المسلحة في ثلث بلدان المنطقة على البلدان المستقرة التي لا تزال تنعم بالاستقرار، ومن أهمها استهداف جماعات الإرهاب في بلدان النزاعات لاستقرار البلدان المستقرة، ودفع سلطات البلدان المستقرة نحو التشدد والتغول على ضمانات حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب، وتأثير الإرهاب على معدلات التنمية والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية نتيجة المخاوف الأمنية ونتيجة لزيادة الإنفاق العام على التسلح وخدمات الأمن، ودور الاضطراب في تحويل بلدان الاستقرار إلى دول مقصد للاجئين ودول معبر للهجرة غير الشرعية. وضرب شيحة مثالا بالحالة المصرية التي عانت لسنوات من الإرهاب، وتعاني حاليا من كثافة ضخمة في اللجوء من بلدان الجوار العربية والأفريقية.