شكك سياسيون ومحللون جزائريون في قدرة المجلس الشعبي الوطني (البرلمان) المنتخب على القيام بدور سياسي مؤثر في مستقبل البلاد. واعتبروا أن خريطة القوى التي يتشكل منها البرلمان الجديد توفر أغلبية مريحة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة لاتخاذ القرارات. وأتت النتائج التي أعلنها وزير الداخلية يزيد زرهوني لتكشف اختفاء حركة الإصلاح من التشكيلة البرلمانية بعد أن كانت القوة المعارضة الرئيسية في المجلس السابق. وأكد عدد من السياسيين أن منطقة القبائل مرشحة للاندماج أكثر في الحياة السياسية بعد أن أمضت سنوات عدة بين الرفض والإقصاء. واعتبر الخضر بن خلاف الأمين الوطني المكلف بالتنظيم في حركة الإصلاح الوطني -جناح جاب الله- أن الانتخابات جاءت لتؤكد قضية واحدة وهي أنها انتخابات مغلقة على أحزاب التحالف الرئاسي (جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وحركة مجتمع السلم). وعبر بن خلاف – بحسب الجزيرة - عن اعتقاده بوجود مؤامرة أطاحت بصوت المعارضة الذي تمثله حركته "خارج الحسابات البرلمانية"، قائلا إنه تم "تسليم هذه الحركة قبل الانتخابات إلى مجموعة من الأشخاص المفصولين من الحركة من طرف لجنة الانضباط عام 2004 وللأسف الشديد حققوا نتائج كارثية". ويرى أن هذه "الحركة المنشقة دخيلة لا تمثل لا من بعيد أو قريب حركة الإصلاح الوطني الأصيلة (التي دعت إلى مقاطعة الانتخابات) والقوائم التي نسبت ظلما وعدوانا لحركة الإصلاح بفعل قوى لا تريد النجاح للحياة البرلمانية" في الجزائر. وعزا بن خلاف ضعف نسبة المشاركة في الانتخابات التي بلغت 36% إلى يأس الشعب من الانتخابات باعتبار أنه لا يوجد تغيير حقيقي فضلا عن فقدان أحزاب التحالف مصداقيتها. من جهتها أرجعت نائبة حزب التجمع من أجل الثقافة والديقراطية ليلى حاج أعراب ضعف نسبة المشاركة إلى التعفن السياسي وقضايا الفساد التي هزت الرأي العام. وأوضحت أن ظهور الأحزاب الصغيرة والشخصيات غير المعروفة بالتزامن مع فترة الانتخابات يستهدف التضييق على أحزاب المعارضة. وأضافت أن الحزب حافظ على مقاعده ال19 "رغم مناورات الإدارة الرامية إلى تشويه مصداقيته"، وذلك في إشارة لما حدث قبل يوم من الانتخابات من توزيع قوائم تنتحل اسم حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية. وترفض ليلى حاج أن تكون مشاركة حزبها قد تمت لتفادي حدوث أزمة جديدة في منطقة القبائل (شرق) وإنما "من أجل بعث النقاش السياسي من جديد". من جهته ذكر المحلل السياسي عبد العالي رزاقي أن نتائج الانتخابات جاءت مطابقة للتوقعات، وهي أن جبهة التحرير الوطني تفقد أكثر من 60 مقعدا بسبب إقصائها المجموعة المحسوبة على علي بن فليس رئيس الحكومة الأسبق الذي خاض انتخابات الرئاسة الأخيرة ضد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. ولاحظ رزاقي أن مما يعزز حرية الحركة لدى الرئيس تنوع تشكيلة البرلمان من حيث عدد الأحزاب المشاركة. وأعرب عن اعتقاده بأن انضمام حزب العمال وحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية في الحكومة القادمة قد يمكن الرئيس من تعديل الدستور بشكل مريح دون أي معارضة. كما أن وجود ممثلين للرئيس رسميين ومنتخبين في منطقة القبائل يقلل من متاعب السلطة شرقي البلاد. واستنتج عبد العالي من المعطيات الحالية أن البرلمان الجديد بصدد التحول إلى مهرجان خطابي وليس مؤسسة تشريعية. وللإشارة فإنه حسب النتائج الرسمية للانتخابات الجزائرية تمكنت الأحزاب الثلاثة المشاركة في الائتلاف الرئاسي بالمجلس الشعبي الوطني من الفوزب249 مقعدا من أصل 389.