الهيمنة الأمريكية إلى زوال.. والآن تتقلص في آسيا وأمريكا اللاتينية المقاومة العراقية تتصاعد وأمريكا تبحث عن مخرج.. والنصر قريب استمرت الندوات الأسبوعية التي ينظمها المركز العربي للدراسات هذا الأسبوع تحت عنوان "الأوضاع العربية الراهنة.. رؤية عن قرب", والتي تحدث فيها مجدي حسين الأمين العام لحزب العمل, وأدارها عبد الحميد بركات الأمين العام المفوض للحزب، وحضرها محمد السخاوي أمين التنظيم، والسفير محمد والي وبعض شباب الحزب والمهتمون بالشأن العام. وفي بداية حديثه استعرض مجدي حسين الوضع العالمي العام نظرًا لتداخله مع الوضع العربي, فأكد أن الهيمنة الأمريكية وعصر سيطرة القطب الواحد قد ولى بلا رجعة, مضيفًا أن رؤية حزب العمل كانت وما زالت واعية للأحداث, وكنا نقول أن الهيمنة الأمريكية على العالم في طريقها للزوال ونبشر بقرب النصر, ولكن الناس كانوا مبهورين بالقوة الأمريكية المطلقة وكان منهم - للأسف- من يُحسبون على التيار الإسلامي وما زال يستخدم مصطلح (السيطرة الأمريكية العظمى)! وقال حسين: الولاياتالمتحدة "مُهانة" في كثير من المناطق, ولا يجب أن ننسى أن هناك قارة بأكملها تحررت من السيطرة الأمريكية سياسيًا واقتصاديًا وهي قارة "أمريكا اللاتينية" بدولها المختلفة, والسيادة الأمريكية في تلك القارة في تناقص مستمر, وخير نموذج لذلك هي دولة فنزويلا ورئيسها "شافيز" الذي يقف بكل شجاعة وجرأة يفتقدها الكثير من العرب في وجه أمريكا وإدارتها, ويجب أن نعرف أنه ليس الوحيد في مواقفه تلك فمعظم دول أمريكا اللاتينية تتشابه مواقفها معه. وأضاف حسين أن أمريكا أيضًا لم تعد لها كلمة نافذة في قارة "آسيا" كما كانت من قبل, فهي الآن تلجأ للهند والصين لكونهما من القوى الرئيسية الكبرى في آسيا ولهم الكلمة العليا في القارة, وذلك في ضوء التكتلات الجديدة التي بدأت تظهر على السطح وبدأت تلعب دور "المتحدي" لأمريكا ومشروعاتها في العالم, وهناك توقعات قوية بأن تصبح الصين خلال ما يقل عن 20 سنة قوة موازية للقوة الأمريكية, بل وأكبر منها, وذلك حسب التقديرات الأمريكية نفسها! وأوضح أنه لا توجد دولة الأن تماثل الولاياتالمتحدة في القوة, ولكن هناك بالفعل عدة دول تعرقل هيمنة الولاياتالمتحدة على العالم وتقف بوجهها, وهي دول ليست كلها عظمى.
وبعد ذلك بدأ الأستاذ مجدي في الدخول إلى الوضع العربي, حيث أكد أننا اليوم في العالم العربي والإسلامي نشهد تصاعدًا كبيرًا في نشاطات المقاومة بجميع أشكالها وأنواعها وكذلك ازديادًا مضطردًا في ثقافة الصمود والتحدي ضد أمريكا وإسرائيل ومشروعاتهم في المنطقة بعد أن كانت اللغة السائدة هي لغة الخنوع والتبعية, مؤكدًا أن "قوس النصر العربي الإسلامي" بدأ من وزيرستان شرقًا وامتد حتى المغرب العربي غربًا والسودان والصومال جنوبًا. وأضاف حسين أن أمريكا بالفعل قد شعرت بالهزيمة ومرارتها في العالم العربي وخاصة في العراق, وقد اعترفوا هم بذلك, فهناك تقرير أمريكي يسمى "تقرير هاس" وهو تقرير صادر من أحد أقطاب الإدارة الحاكمة هناك يعترفون فيه بهزيمتهم في البلاد العربية ويتنبأون فيه بانحسار الهيمن الأمريكية واختفاؤها من المنطقة في غضون فترة ليست بالكبيرة. وأورد حسين فقرات من التقرير الأمريكي, حيث يقول التقرير: إن الشرق الأوسط مر بعدة مراحل من السيادات الخارجية عليه, ثم جاءت بعد ذلك السيادة الأمريكية المطلقة والتي انتهت بالفعل بعملية غزو العراق , وأكد التقرير أن الحرب على العراق أدت إلى مزيد من السيطرة الإيرانية في المنطقة, وأوجدت جوًا من الكراهية المتزايدة لأمريكا في العالم العربي, وبسطت نفوذ التيار الإسلامي "الراديكالي" - حسب تعبيرهم, وتنبأ التقرير بأن الإسلام هو الذي سيسود المنطقة, وأن النظم العربية والإسلامية المناوئة للولايات المتحدة ستستمر وتقوى مقابل انهيار وتفكك النظم الموالية لها. وفي هذه النقطة رحب حسين بموقف الرئيس السوري بشار الأسد المناهض لأمريكا مقارنة بالأنظمة الأخرى وعلى رأسها نظام مبارك الذي يعتمد سياسة "الركوع والانبطاح" أمامها, وأشار حسين إلى أن الرئيس السوري تعاقد مع روسيا والصين لاستيراد الأسلحة منهما, ولكن عند نقل تلك الأسلحة رفضت الأردن والسعودية السماح للطائرات التي تحمل الأسلحة بالمرور من أجوائها ومنعت تسليمها لسوريا, أي أن هناك دولة عربية منعت وصول سلاح لدولة عربية أخرى بعد أن وافقت دول أجنبية على مروره!! وأضاف حسين أن التقرير الأمريكي توقع بقرب اكتساح التيار الإسلامي للمنطقة, وأوصى بسرعة الانسحاب من العراق بشكل يبدو مشرفًا, وشدد على عدو جدوى استخدام القوة العسكرية كوسيلة لفرض مشروعاتها في العالم وخاصة العالم العربي, فهم قد فهموا المعادلة وهي أن استخدام القوة سيُقابل بقوة أشد وأعنف. وأكد حسين أن المقاومة العراقية هي التي أوجعت الطبقة الحاكمة في أمريكا والتي انتفضت - تحت ضغط الخسائر في العراق والتي بلغت ما يزيد عن 2 تريليون وربع بليون دولار حسب إحصائياتهم- ضد المحافظين الجدد في الإدارة الأمريكية وأسقطوهم في الانتخابات الأخيرة, ويمكن القول بأن هزيمة أمريكا في العراق قد ظهرت بشكل جلي في نتائج الانتخابات الأخيرة, موضحًا أنه لو كان العراق استسلم لأمريكا واحتلالها له, لكان بوش الآن "يُعبد من دون الله"!!
ثم انتقل حسين إلى الوضع في فلسطين حيث أوضح أن التفاوض الآن لتشكيل الحكومة يتم بين حماس من جهة والصهاينة والأمريكان ممثلين في أبو مازن من جهة أخرى, فأمريكا تتفاوض (بلسان أبو مازن) مع حماس, ولكن موقف حماس حتى الآن ما زال ثابتًا في رفضها الاعتراف بالكيان الصهيوني, مشيرًا إلى أن شعبية حماس في تزايد وليس في تناقص كما يظن البعض. وأكد حسين أن ما حصل في "سديروت" هو معجزة بكل المقاييس, فقد أطلق عليها حتى الآن أكثر من 883 صاروخًا منذ بداية هذا العام, وقد بدأت صواريخ القسام في التطور حتى أصبحت أكثر دقة وأشد تدميرًا, حتى بدأ الآلاف بالفعل من سكان سديروت يتسابقون لتركها ولكن يتم التعتيم على ذلك إعلاميًا, مضيفًا أن هناك رجل أعمال صهيوني عرض استضافة المستعمرين اليهود من سكان سديروت في منتجعاته الهادئة بإيلات حتى يريحوا أعصابهم من جحيم صواريخ القسام. وأضاف أن معدل إطلاق الصواريخ على الكيان الصهيوني قد ازداد بشكل كبير بعد تدميره لمدينة " بيت حانون" الباسلة, مما دفع الكثير من المحللين بالقول أن هجمات إسرائيل لا تزيد المقاومة إلا قوة, وقال إن الكيان الصهيوني قد أعلن حالة الطوارئ في مدينة عسقلان أيضًا. وأكد حسين أن حماس لا تتمسك بالكرسي كما يزعم البعض, فحماس أصلاً عندما تقدمت للانتخابات كانت تتصور أن تحصل على 40% كحد أقصى في المجلس التشريعي, ولكنهم فوجئوا بأن الشعب الفلسطيني قد اختارهم بنسبة كبيرة حبًا في الإسلام والمقاومة أولاً, ثم كراهية لحكومة فتح التي نهبت أموال الشعب الفلسطيني, فكان على حماس القبول "بالأمر الواقع" وتتحمل المسئولية بشجاعة, وها هو هنية يتنازل بكل طيب نفس عن منصبه كرئيس للحكومة عندما رأى أن ذلك يمكن أن يحقق مصلحة للشعب الفلسطيني. وأضاف أن حكومة حماس كانت تعاني حصارًا خانقًا عليها وللأسف كانت بأيد عربية فكان الحصار من مصر والأردن لقطاع غزة, والذي يتصور أن وزراء الخارجية العرب قد اتخذوا قرارًا بفك الحصار عن الشعب الفلسطيني فهو واهم, فما زالت الأوضاع كما هي حتى الآن! وأكد حسين أننا الأن نشهد حالة انكسار أمريكي صهيوني في العراق وفلسطين, مما دعا البعض إلى التهكم على اللقاء الأخير بين أولمرت وبوش واطلقوا عليه (لقاء الأعمى والأعرج), في إشارة إلى اشتراكهما في الهزيمة أمام المقاومة في العراق وفلسطين ولبنان.
ثم عرج حسين إلى الشأن اللبناني, حيث أوضح أن هناك اتجاه في لبنان الآن للتآمر على المقاومة ونزع سلاحها, ولذلك كان انسحاب وزراء حزب الله من الحكومة الحالية أمرًا ضروريًا حتى لا يتم تمرير أي قرار ضد المقاومة عن طريقهم, مضيفًا أن حزب الله فقد صبره لأنه شعر بأن تضحيات اللبنانيين الأخيرة وثمار الانتصار قد بدأت في التلاشي والسقوط على يد الحكومة اللبنانية في ظل خضوعها الكامل للإملاءات الأمريكية والصهيونية, ولن ينتظر حزب الله حتى تتم محاصرته وتدميره بواسطة تلك الحكومة العميلة. واعتبر حسين أن اغتيال وزير الصناعة اللبناني "بيير جميل" مؤخرًا هو تخطيط أمريكي إسرائيلي لا يحتمل التأويل, فطريقة الاغتيال توحى بأن من ارتكبه جهة متقدمة وعلى دراية بكل صغيرة وكبيرة, فالاغتيال تم في وضح النهار وفي معقل الوزير, وفي وقت تستعد فيه المعارضة الموالية لسوريا وحزب الله للتظاهر لإسقاط الحكومة, فكيف تقوم سوريا في هذا التوقيت تحديدًا بعملية كهذه تفقد حلفاءها مكاسبًا كانوا في طريقهم لتحقيقها؟!!
أما عن الأوضاع في السودان, فأكد حسين أنها ممتازة, مشيرًا إلى أن هناك "وحدة في الصمود" ضد القرار الأمريكي الذي اتخذه مجلس الأمن والذي يعني (اقتطاع دارفور من السودان نهائيًا), وأضاف أن الأوضاع الآن في دارفور في طريقها لتصبح تحت السيطرة السودانية تمامًا, فالكل هناك أصبح يعى أبعاد المؤامرة الأمريكية الصهيونية على البلاد ومستعد لمواجهتها.
وعن الصومال, فقد قال حسين أن هناك تقدمًا ملحوظًا للمحاكم الإسلامية نحو إقامة دولة إسلامية هناك, رغم الضغوطات الأمريكية الصهيونية عليهم, ولكن الصوماليين أيضًا على وعى كامل بما يحدث. وحذر حسين المحاكم الإسلامية من الغلو في تطبيق الشريعة حتى لا يصلوا إلى مرحلة "التطرف", فقد بدأ بعض المنتسبين للمحاكم الإسلامية بتحريم مباريات كرة القدم ومحاكمة من يشاهدها, وطالب حسين المعتدلين منهم وعلى رأسهم رئيس المحاكم "شيخ شريف" بعدم الانجرار وراء "المتطرفين" حتى لا يضيع حلم إقامة الدولة. وفي نهاية كلمته أكد حسين أن الناظر في أحوال العالم العربي والإسلامي يجد أننا – بحمد الله - نتقدم وننتصر, وأن الحلف الصهيوني الأمريكي يتراجع وينهزم, ولكنه بدأ في استخدام أساليبه الملتوية والقذرة في زرع الفتن والقلاقل لتحقيق أهدافه التي فشل في تحقيقها بالقوة, مشددًا على وجوب استمرار اليقظة لأن الأعداء لم ولن يتخلوا عن تحقيق أهدافهم في المنطقة " يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون".