السفير والي: أمريكا دخلت المستنقع العربى وهزيمتها وانهيارها بدأ على يد المقاومة سمير مرقص: المنطقة في حاجة لدراسة نموذج حزب الله والاستفادة منه سياسيا وعسكريا مجدي حسين: قادة الغرب يعترفون بالهزيمة والتراجع وفشل مشروعاتهم بالعالم الإسلامي
كتب: محمد أبو المجد استمرت الندوات الأسبوعية السياسية التى ينظيمها المركز العربي للدراسات بمشاركة كبار الشخصيات السياسية والمفكرين والمحللين السياسيين, وفي هذا الأسبوع كانت الندوة تحت عنوان "خمس سنوات على أحداث 11 سبتمبر.. نظرة تحليلية", واستضافت الندوة السفير محمد والى –عضو اللجنة التنفيذية لحزب العمل, وسمير مرقص –المفكر القبطى المعروف. وقد أجمع المشاركون على أن أحداث 11 سبتمبر لم تكن سببًا رئيسيا مباشرا للحرب التى شنتها الولاياتالمتحدة على العالم الإسلامى, وإنما كانت فقط بمثابة عامل مساعد لتسريع تنفيذ أهداف الحلف الصهيوأمريكى فى غزو المنطقة وإعادة تقسيمها طبقا لمصالحهم. وقد تحدث فى بداية الندوة السفير محمد والى حيث أكد أن الحرب التى تخوضها الولاياتالمتحدة ضد الإسلام أو ما يسمونه (الإرهاب) ليست من تداعيات أحداث 11 سبتمبر, وإنما كان مخططا لها منذ فترة طويلة, فالإدارة الأمريكية الحاكمة تنتمى إلى "الصهيونية المسيحية" والولاياتالمتحدة منذ زمن وهى مخترقة من قبل الصهاينة, والرئيس جيمى كارتر كان من الفئة شديدة الولاء للفكرة الصهيونية, ولكنه اتخذ طريقه لخدمة الصهيونية باتفاقيات السلام التى نجح بواستطها فى تحييد القوى العربية الكبرى التى كانت تقف بوجه إسرائيل وعلى رأسها مصر فى اتفاقية كامب ديفيد المشئومة والتى كان كارتر هو مهندسها, وكان يقول إن التشابه بيننا وبين إسرائيل كبير, فكما أننا أمة من المهاجرين (الولاياتالمتحدة نشأت على أنقاض الهنود الحمر الذين كانوا الشعب الحقيقى لأمريكا الشمالية) فإسرائيل أيضا أمة من المهاجرين (نشأت إسرائيل على أنقاض الشعب الفلسطينى). معركة نهاية التاريخ وأضاف والى أن التحالف الصهيونى الأمريكى تدعمه عقائد راسخة عندهم وموجودة فى كتبهم المقدسة (المحرفة) حيث تزعم كتبهم أن هناك معركة كبرى ستكون فى نهاية التاريخ ويسمونها (هرمجدون) وهى اسم قرية بفلسطين تدعى (وادى قدرون) وهذه المعركة حسب زعمهم ستكون بين قوى الخير " اليهود والمسيحيين" ضد قوى الشر "العرب والمسلمون" وسينتصر فيها اليهود وحلفاؤهم انتصارا كاسحا على الأشرار ثم ينزل المسيح ليقودهم إلى العيش فى سلام. وكان من شروط تحقق تلك النبوءة –التى تؤمن بها الإدارة الأمريكية وتتصرف على أساسها- أن يتم تجميع اليهود من الشتات, وهذا فعلا هو ماحدث, ومن يومها أخذت الولاياتالمتحدة على عاتقها مهمة حماية إسرائيل والحفاظ على أمنها حتى تتحقق تلك النبوءة المنتظرة, فبدأت محاولات إدخال القوات الأمريكية إلى المنطقة تحت حجج جاهزة منها الفصل بين الدول المتحاربة مثل العراق والكويت وتطبيق الديمقراطية, مشددا على أن تلك المحاولات قد بدأت قبل وقوع أحداث 11 سبتمبر بكثير مما يدل على أن أحداث سبتمبر ليست إلا ذريعة وعامل مساعد لتسريع إدخال القوات الأمريكية إلى المنطقة لتكون جاهزة لمعركة (هرمجدون) وعلى مقربة منها حين تقع, وكان لا بد أيضا من تقسيم المنطقة وتفتيتها إلى طوائف وملل وأعراق حتى لا تقوم بها دولة موحدة تقف أمام تحقيق تلك النبوءة "التوراتية", فمسألة الحملة الصليبية التى أعلنها بوش كان محضرا لها منذ وقت طويل ولكنها كانت تنتظر المبرر لتبدأ فى تقسيم العالم الإسلامى والقضاء على المسلمين. وأوضح والى أنه قبل 11 سبتمبر وفى عهد الرئيس كلينتون, قامت الولاياتالمتحدة بضرب السودان بحجة البحث عن بن لادن, مما يدل على أنهم بدأوا التحرش بالمنطقة قبل تلك الأحداث. مخطط التفتيت قائم وأكد أن الإدارة الأمريكية لم تعتمد على مجرد "القوة العسكرية" لتحقيق أهدافها لأنها تعلم جيدا أن الاحتلال العسكرى لأى دولة مصيره إلى الزوال لأن الأرض ستلفظهم والشعب سيقاومهم, ولكنهم بدأوا فى تزكية الصراعات الداخلية بين العرب والمسلمين لإضعافهم وتشتيت جهودهم وطاقاتهم بعيدا عن المقاومة, مشددا على أن الشعوب لو فطنت لهذه التوجهات لتم احباطها منذ زمن. واستنكر والى أن يكون هناك اتفاقية دفاع مشترك بين دولة عربية أو إسلامية وبين الولاياتالمتحدة, موضحا أن هذا ضد الحقائق الجغرافية والتاريخية أيضا فكيف يكون هناك تحالف دفاع مشترك بين دولتين متباعدتين فى الأماكن ومتضادتين فى الاتجاه الفكرى والدينى!! وقال والى: أستطيع أن أقول إن الولاياتالمتحدة وحلفاؤها قد انتهزوا فرصة 11 سبتمبر للدخول إلى المنطقة وبداية تحقيق أهدافهم ونبوءتهم, وتنظيم القاعدة رأى أنه بهذه الهجمات يعجل بدخول أمريكا إلى المستنقع العربى وهزيمتها وانهيارها وهو ما بدأ بالفعل فى العراق وأفغانستان اللتان اشتعلت فيهما المقاومة اشتعالا تحت أقدام المارد الأمريكى ودفعته إلى إعادة حساباته فى هذه المعركة, وأمريكا ليست لديها فهم دقيق بالتركيبة الاجتماعية والثقافية والسياسية للمنطقة وحدث عندها خلط للأمور ولكن همها الوحيد كان هو حماية إسرائيل عن طريق ضرب اتجاهات الممانعة والمقاومة لها فى أى مكان. وحذر والى من أننا أمام قوة كبيرة لديها نزعة تدميرية ستؤدى إلى كوارث على البشرية, مضيفا أن بوش يدعى أنه يتحرك بمشيئة الرب, فهل مشيئة الرب تأمره بالقتل والتدمير والإبادة بهذا الشكل؟!!! حضارة سفك الدماء وتساءل والى: أين المسئولية الأخلاقية لهؤلاء الذين يدعون الحضارة, فالحضارة الأصيلة هى التى تملك رسالة موجهة إلى جميع البشر وتنظر للإنسان على أنه مخلوق مكرم له حقوقه أيا كان انتماؤه أو ديانته, أما حضارتهم المزعومة فهى موجهة فقط "للإنسان الأبيض" للهيمنة على العالم وتسخير باقى البشر لخدمة مصالحه وأهدافه بدون أى تحقيق لعدالة أو حرية أو مساواة ولذلك فسيكون مصيرها الزوال بإذن الله وسينتصر الحق على الباطل فى نهاية المطاف.
وتحدث سمير مرقص في الندةو فأوضح أنه يجب أن يحكمنا فى التعامل مع الولاياتالمتحدة نظرة معينة وهى أن السياسة الأمريكية قائمة على جماعات الضغط والتى يكون معظمها من اليهود, مضيفا أنه لا توجد هناك ديمقراطية حقيقية, فالشعب لا يهتم بالسياسة, ولهذا يجب أن تكون قضيتنا هى كيف نخلق تواصل مع جماعات الضغط الأمريكية ونعمل معها لصالحنا؟ وأكد مرقص أنه لولم تحدث هجمات 11 سبتمبر لما تغير شئ مما يحدث الأن, فالولاياتالمتحدة ومنذ القدم تخطط لدخول المنطقة واثارة النزاعات بها, مضيفا أنه يتفق مع السفير محمد والى بأن هجمات 11 سبتمبر لم تكن إلا (عامل حافز) فى تسريع المخطط الأمريكى لابتلاع المنطقة والقضاء عليها. اليمين الدينى.. والرأسماليين وذكر مرقص أن التركيبة الأمريكية الحالية هى خليط بين اليمين المحافظ السياسى, واليمين الدينى المتشدد, مضيفا أن الإدارة الأمريكية بها عدد من العلمانيين الرأسماليين الذين يريدون استغلال الموارد الاقتصادية للمنطقة لصالحهم ومثال ذلك هو نائب الرئيس الأمريكى "ديك تشينى"، وتساءل عن امكانية وجود مشروع مغاير ومضاد للمشروع الأمريكى, موضحا أنه يجب أن يكون لدينا رؤية متكاملة لذلك. وفى الشأن اللبنانى أشار مرقص إلى أن نموذج حزب الله بخبرته السياسية الواعية المقرونة بالمستوى العالى عسكريا وتنظيميا نموذج جدير بالدراسة لأننا نفتقده فى منطقتنا. وأوضح أن المعركة الدائرة الأن ستغير كثيرا من موازين القوى بين العالم العربى والولاياتالمتحدة, مؤكدا أن العرب قد خرجوا من الصراع بشكل أو بآخر وذلك لحساب إيران التى تنامى دورها كثيرا كقوة مناوئة للتوجهات الأمريكية الصهيونية فى المنطقة. مجدى حسين يعقب وفى تعقيبه على المتحدثين أوضح الأستاذ مجدى حسين –الأمين العام لحزب العمل- أن الفكرة الأمريكية الصهيونية هى فكرة عقائدية أكثر منها استعمارية أو علمانية, مضيفا أنها المحرك الرئيسى فى تعامل الولاياتالمتحدة مع العالم الإسلامى. واكد حسين أن الطموحات الأمريكية الصهيونية بدأت فى التراجع والانحسار تحت ضربات المقاومة الباسلة فى شتى بقاع الأرض وهم ينهزمون بشهادة قادتهم, ومن يقرأ كتاب (الفوقية الامبريالية) يجده بمثابة وثيقة انتصار للأمة الإسلامية بشهادة أعدائها, حيث أقر فى هذا الكتاب مسئولون فى المخابرات الأمريكية والأوروبية بأنهم ينهزمون ويتراجعون فى العالم الإسلامى وأن مشروعاتهم فى تلك المناطق فاشلة لا محالة.