في رده الرسمي على حكم المحكمة الدستورية التركية الأخير بإلغاء رفع الحظر عن الحجاب، وجه حزب العدالة والتنمية الحاكم انتقادات لاذعة إلى المحكمة، متهمًا إياها بمخالفة الدستور وتجاوز صلاحياتها والتدخل المباشر في السلطة التشريعية للبرلمان، ما يشكل انتهاكا واضحا لمبدأ فصل السلطات. وقد جاء هذا الرد بعد اجتماع طارئ لكبار أعضاء حزب العدالة والتنمية برئاسة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، انتقدوا خلاله موقف المحكمة مؤكدين أنها تتمتع فقط بصلاحية القيام بفحص إجرائي للقوانين التي يقرها البرلمان ولا يمكنها أن تصدر حكما بشأن مضمون القوانين. ويزعم المؤيدين للحكم من العلمانيين ومنهم ممتاز صويصال وزير الخارجية التركي الأسبق أنه من حق المحكمة الدستورية إلغاء القوانين التي تعتبرها منافية للدستور التركي، وذلك في إطار عملها لحماية النظام العلماني في البلاد. وأوضح صويصال في حديثه أن البرلمان هو الذي يشرع القوانين ويعدل مواد الدستور، لكن للمحكمة العليا الحق في إلغاء القوانين التي ترى أنها تخالف الدستور حتى لو أقرها البرلمان بغالبية الأصوات. في هذه الأثناء لم يستبعد مراقبون أن يكون موقف المحكمة تمهيدا لحل حزب العدالة والتنمية، لا سيما أن قرارها المثير للجدل جاء ضمن لائحة اتهام طويلة للمدعي العام للمحكمة اعتبر فيها أن الحزب يسعى إلى أسلمة المجتمع التركي ويجب حله. مع العلم أن المحكمة الدستورية العليا ستنظر خلال الأشهر المقبلة في دعوى مرفوعة ضد الحزب تتهمه بانتهاك النظام العلماني للبلاد، في خطوة من شأنها تعزيز أزمة الهوية التركية بين تاريخها السابق وطموحاتها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. ويتهم العلمانيون في تركيا وعلى رأسهم قادة المؤسسة العسكرية وعدد من القضاة وأساتذة الجامعات حزب العدالة بإخفاء أجندة إسلامية، ومخالفة مبدا العلمانية وفصل الدين عن الدولة الذي طبقه كمال أتاتورك مع تأسيس ما يسمى ب "تركيا الحديثة" على أنقاض الخلافة العثمانية، بينما ينفي الحزب تلك الاتهامات. وقد بات من المتوقع أن يصدر حكمًا من المحكمة الدستورية بحظر حزب العدالة والتنمية ومنع رئيسه من مزاولة السياسة لمدة 5 سنوات، ويتوقع المراقبون ان يتحايل حزب العدالة والتنمية على ذلك الحكم المتوقع بإنشاء حزب جديد، نظرًا لسهولة إنشاء الأحزاب في القانون التركي.