احتشد أعضاء في مركز اتحاد الحقوقيين الأتراك أمام أحد مراكز البريد في أنقرة، وعرضوا أمام وسائل الإعلام 11 مغلفا قرروا أن يرسلوها إلى أعضاء المحكمة الدستورية الأحد عشر. والأهم أن محتوى هذه المغلفات... نسخة من الدستور التركي لكل عضو من المحكمة. فالمحكمة الأعلى في تركيا، والوصية على حماية الدستور من الانتهاكات، كانت موضع اتهام هو الأكبر منذ تأسيسها عام 1961 بأنها خالفت نصا صريحا للغاية ولا يحتمل أدنى اجتهاد في المادة 148 من الدستور، عندما قررت إبطال تعديل دستوري يسمح بارتداء الحجاب في الجامعات. وأدان رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، خلال اجتماع للكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية أمس، حكم المحكمة الدستورية الذي ألغى تعديلا يرفع الحظر المفروض على ارتداء الحجاب في الجامعات التركية. وقال إن «تعطيل إرادة البرلمان سلوك يخالف الإرادة الوطنية». وقال أردوغان، في أول تدخل علني له ضد قرار المحكمة وسط تصفيق نواب حزبه، إن «السلطة التشريعية تعود فقط للجمعية الوطنية. ولا أحد بإمكانه سحب هذه السلطة منها أو الحلول محل المشرعين». واعتبر أن المحكمة الدستورية اتخذت قرارا بشأن مضمون القانون، في حين ينص الدستور بوضوح على تحديد مهمتها بالمسائل الإجرائية. وتابع «يتحتم على المحكمة الدستورية أن تفسر سبب مناقشتها محتوى التعديل في القضية» الخاصة بالحجاب. وكان قرار المحكمة الدستورية أدخل البلاد في فوضى دستورية وسياسية ما عاد أحد يعرف كيفية الخروج منها، خصوصا أنها متصلة بنيويا بدعوى طلب حظر حزب العدالة والتنمية. وبمعزل عن هذا المناخ المتوتر، فإن الحزب الحاكم لا يريد، على ما يبدو، الاستسلام لما يخطط ضده، فهو قرر ردّ التحدي من خلال استمرار الإمساك بالسلطة السياسية تمهيدا لتهيئة الظروف لتعديل دستوري شامل يغير بنية المحكمة الدستورية، أو يعدّل من صلاحياتها. وذلك لا يتحقق إلا من خلال تأسيس حزب بديل من نواب حزب العدالة والتنمية، الذين لن يطالهم المنع السياسي، وسيبقون يشكلون الأكثرية النيابية. بل إن البعض يتداول باسمين للحزب الجديد يتناسقان موسيقيا ولغويا وحتى مضمونا مع اسم الحزب الحالي (AK PARTISI) وهما: حزب الحق (HAK PARTISI) أو الحزب النظيف (PAK PARTISI). ونقلت صحيفة «راديكال» عن مسؤول رفيع المستوى من حزب العدالة والتنمية خطط الحزب إذا أغلق. ويرجح المسؤول أن يُنشأ حزب جديد من نقطة الصفر، أكثر من احتمال التحرك تحت اسم حزب آخر موجود لكنه غير فاعل. وتوقع المسؤول أن يُنشأ الحزب خلال أسبوعين أو ثلاثة على الأكثر من لحظة صدور قرار الحظر. ويقول رها دينيمتش، أحد نواب رئيس الحزب، إن الحزب الجديد لن يواجه صعوبات بل سينطلق بسرعة في عمله، مستفيدا من أن معظم أعضائه كانوا في حزب العدالة والتنمية. ويوضح أنه لا يريد أن يمرّ في ذهن أي عضو في الحزب أي احتمال، بما فيه الحظر، لكن إذا حصل ذلك فسننتظم من جديد وبسهولة. من جهة ثانية، لا يزال البعض يبحث عن سبل أخرى للرد على فضيحة قرار المحكمة الدستورية. فمن اقتراح رئيس البرلمان كوكسال طوبتان إنشاء مجلس للشيوخ، الذي ووجه ببرودة حتى من جانب حزبه العدالة والتنمية، إلى اقتراح رئيس لجنة العدل في البرلمان أحمد اييمايا اتخاذ البرلمان قرارا بتعليق قرار المحكمة الدستورية. ويقول اييمايا انه يجب عدم الهروب من المسؤولية الديموقراطية والدستورية. ويشير الحقوقي مصطفى شينتوب إلى ان بإمكان البرلمان اعتبار قرار المحكمة كأنه لم يكن. ويقول الكاتب فهمي قورو، في صحيفة «يني شفق»، انه «لو افترضنا أن السيناريوهات ضد حزب العدالة والتنمية كلها تحققت: منع الحجاب، حظر الحزب، منع رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان و71 من قادة الحزب من العمل السياسي، استقالة عبد الله غول من رئاسة الجمهورية، وحتى تولي دينيز بايكال رئاسة الحكومة، فهل تُحل المشكلة؟ وماذا سيفعلون مع 16 مليون ناخب أيدوا حزب العدالة؟ ألم يجربوا ذلك بعد 28 شباط 1997؟ وماذا كانت النتيجة؟ أليس بعد أربع خمس سنوات فقط انتقم الضحايا من الجلادين؟». وحذّر من المغامرات الدموية للبعض، قائلا إنها لن تفضي إلى شيء. ويكتب محمد علي بيراند في صحيفة «ميللييت»، أنه لا حزب العدالة والتنمية يمكن وقفه، ولا حزب العدالة والتنمية يمكن أن يقوم بما يريده، ولا بد من العثور على طريق وسط، محذّرا من زلازل إضافية قريبا بعد أن يصدر قرار المحكمة الدستورية بحلّ الحزب الحاكم وحزب «المجتمع الديموقراطي» الكردي. فمناصرو الحزبين لن يعدموا وسيلة للردّ.