من المؤكد أن حكم المحكمة الدستورية العليا الذي صدر يوم الخميس الماضي 14 يونية 2012 بعدم دستورية قانون انتخابات مجلس الشعب، خاصة في ما يتعلق بالمقعد الفردي الذي يمثل ثلث المجلس والذي كان من المفترض أن يكون خاصا بالمستقلين فقط دون الأحزاب، أقول هذا الحكم وما تلاه من حيثيات دفع في اتجاه حل مجلس الشعب بالكامل بقوة القانون دون الحاجة إلي قرار، الأمر الذي أربك الحياة السياسية برمتها..ومن العجيب أن الأحزاب هي التي طالبت بإلحاح في اجتماعها بالفريق سامي عنان بتاريخ 1/ 10 / 2011 بأحقية الأحزاب في الترشح علي المقعد الفردي جنبا إلي جنب مع المستقلين..وقد وافق الفريق عنان علي ذلك، وهو يدرك جيدا أنه وضع بذلك مسمارا في نعش القانون الذي تم الحكم عليه بعدم الدستورية، ولم يكن يدر بخلد الأحزاب آنذاك أنها كانت تحفر قبر المجلس بيديها.بطبيعة الحال يحق لنا علي المستوي المجتمعي العام أن نحزن ونأسي لهذا الوضع الذي أوصلنا إليه المجلس العسكري والأحزاب، فقد أهدرت جهودنا وأوقاتنا وأموالنا، وتم إعادتنا إلي المربع رقم 1لكن من المؤكد أن حزن وأسي التيار الإسلامي أكبر وأعظم، فقد ذهبت الأغلبية التي كانت تمثله في مجلس الشعب مأسوفا عليها، وربما يلحق بها الأغلبية في مجلس الشوري، وفي الغالب الأعم لن يتمكن من تعويضها، بمعني أنه لن يستطيع أن يحقق ما حصل عليه من الأصوات والمقاعد التي نالها في الانتخابات الماضية، ربما لتدهور شعبيته نظرا لأدائه الضعيف والمتواضع في المجلسين خلال هذه الفترة من ناحية، ولقانون انتخابات مجلس الشعب الجديد الذي سيحرم الأحزاب من التنافس علي المقاعد الفردية حتي لا يتعرض للطعن عليه بعدم الدستورية من ناحية أخري.واضح أن التيار الإسلامي لم يشغل نفسه، علي الأقل خلال الأيام القليلة الماضية، بما حدث من حل لمجلس الشعب، بل إن الإخوان حسموا أمرهم في المضي قدما في الاستمرار وعدم الانسحاب من جولة الإعادة في انتخابات الرئاسة التي سيتم الإعلان عن نتائجها بعد يومين من الآن، أي يوم الخميس..من المؤكد أن فوز الدكتور محمد مرسي سوف يطفيء إلي حد بعيد من نار الغضب والحزن لدي التيار الإسلامي، وسوف يعيد إليه ثقته بنفسه، الأمر الذي سوف ينعكس بالتالي إيجابا علي الانتخابات المقبلة لمجلسي الشعب والشوري..بالطبع لن يترك الرئيس المنتخب الجديد يهنأ بهذا الفوز، وسوف يتحرك التنظيم المقابل لتصدير الهواجس والقلق والازمات والمشكلات هنا وهناك اثباتا لعجز وفشل هذا الرئيس.. أما إذا فاز الفريق شفيق، فسوف يقلب هذا حسابات الجميع رأسا علي عقب؛ علي مستوي التيار الإسلامي، والقوي الثورية، بل علي المستوي المجتمعي العام..ربما تقوم مظاهرات عارمة تجتاح البلاد من أقصاها إلي أقصاها، رفضا واحتجاجا علي هذا الفوز، لما شابه من توجيه وتأثير علي إرادة الناخبين..قد تندلع لا قدر الله موجات عنف، لن يكون التيار الإسلامي طرفا فيها..وقد يؤدي ذلك إلي نزول بعض قوات الجيش لإحكام السيطرة وفرض الهيمنة علي الأوضاع..سوف يعود تنظيم الحزب الوطني إلي الظهور بكل مكوناته ومفرداته ليحتل الواجهة من جديد، وتعود معه أشكال الاستبداد والفساد التي اعتدناها من نظام العهد البائد..في ظل هذا الجو سوف يسعي التيار الإسلامي لإعادة ترتيب أوراقه وأفكاره وسياساته، سواء داخل بنيته التنظيمية أو خارجيا تجاه أطراف الجماعة الوطنية.هناك دعوات من البعض لمجلس الشعب للاجتماع اليوم وعدم الاستسلام لحكم المحكمة الدستورية، علي اعتبار أن منطوق الحكم يقضي ببطلان ثلث أعضاء المجلس فقط وليس المجلس بأكمله..علي أية حال، دعونا ننتظر ثم نري، فالساعات وليس الأيام حبالي بكل جديد، ونسأل الله السلامة.